تصويت «الوافدين» يثير أزمة في لجان الاقتراع بالمحافظات المصرية

عددهم يقدر بنحو ستة ملايين ناخب على الأقل

كثير من المواطنين المقيمين في غير محافظاتهم الأصلية لم يتمكنوا من التصويت في الانتخابات الرئاسية (أ.ف.ب)
TT

لم يستطع المواطن المصري أحمد عادل (35 عاما) الإدلاء بصوته في انتخابات الرئاسة، فهو من أبناء محافظة أسيوط في جنوب مصر، ويعمل بالعاصمة القاهرة، ولم تمكنه ظروف عمله من السفر حتى يدلي بصوته في الانتخابات في لجنته الأصلية. حالة المواطن المصري الجنوبي تمثل مشهدا متكررا لشكاوى ملايين المصريين بهذه الوضعية، ممن يطلق عليهم «الوافدون»، الذين لم يتمكنوا من الإدلاء بأصواتهم نظرا لبعد لجانهم الانتخابية عن مكان عملهم أو إقامتهم، وعليهم أن يقطعوا مئات الكيلومترات من السفر للتصويت.

وسيطرت تلك الشكاوى على مشهد الانتخابات الرئاسة المصرية في يوميها الأول والثاني، في ظل قواعد جديدة وضعتها لجنة الانتخابات لتصويت الوافدين. وتجمع المئات من الوافدين أمس أمام مقر اللجنة العليا للانتخابات بشارع صلاح سالم، احتجاجا على الشروط الصارمة التي منعتهم من التصويت في الانتخابات الرئاسية.

وقال المهندس إبراهيم محلب، رئيس الوزراء، ردا على هذه المشكلة، إنه تلقى شكاوى كثيرة عن أزمة الوافدين. كما تلقت غرفة عمليات لجنة الانتخابات الرئاسية مئات الشكاوى من المواطنين الوافدين بسبب صعوبة الإدلاء بأصواتهم في الانتخابات؛ نظرا للقواعد الجديدة التي وضعتها لجنة الانتخاب لتصويت الوافدين في الانتخابات داخل مصر، بما لا يسمح بإمكانية التلاعب في أصواتهم.

ويقدر مراقبون في مصر إجمالي عدد الوافدين في المحافظات المختلفة بنحو ستة ملايين ناخب على الأقل لهم حق التصويت في الانتخابات. وتركزت آلاف الشكاوى حول وجود وافدين يحق لهم الانتخاب لكن في محافظات بعيدة عن موطنهم الانتخابي ولجانهم الانتخابية الأصلية نظرا لظروف العمل أو الإقامة، ولا يستطيعون السفر للإدلاء بأصواتهم في الانتخابات، في حين تلقت لجنة الانتخابات اقتراحات مختلفة من قوى سياسية ومراقبين بضرورة وضع حلول جديدة للتسيير على الوافدين في المحافظات.

لكن لجنة الانتخابات وضعت شروطا لتصويت الوافدين، أهمها القيام بتوثيق إقرارات رسمية في مكاتب توثيق الشهر العقاري برغبة الناخب في الإدلاء بصوته في لجان الوافدين على مستوى الجمهورية، على أن يقوم بتحديد المحافظة التي سيدلي فيها بصوته، وبالفعل فتحت لجنة الانتخابات باب توثيق تلك الإقرارات لمدة أسبوعين بعد غلق باب الترشيح للانتخابات في الفترة ما بين 26 أبريل (نيسان) حتى العاشر من مايو (أيار) الحالي. لكن نسب الإقبال على مكاتب الشهر العقاري في هذه الفترة كانت ضئيلة، حيث سجل الوافدون 70 ألف إقرار، وهي نسبة ضئيلة بالمقارنة بأعداد الوافدين في المحافظات المصرية المختلفة.

وأعلن الأمين العام للجنة الانتخابات الرئاسية المستشار عبد العزيز سالمان أن إجراءات تصويت الوافدين الذين سجلوا أسماءهم في مكاتب الشهر العقاري تجري في أي لجنة انتخابية بالمحافظة التي يريد أن يدلي فيها بصوته، وقال إنه لم يجر تخصيص لجان خاصة لهم في التصويت، ذلك أن لجنة الانتخابات قامت بحذف أسمائهم من لجانهم الأصلية بمجرد توثيق إقرارات الشهر العقاري.

لكن العدد الأكبر من الوافدين لم يتمكن من الإدلاء بصوته في الانتخابات، ذلك أن كثيرا منهم من محافظات بعيدة، مثل الصعيد في الجنوب، ويحتاج الناخب للسفر لأكثر من يوم حتى يدلي بصوته فقط، وهو ما عده مراقبون أحد الأسباب المؤثرة في نتائج ونسب التصويت بالانتخابات الرئاسية نظرا لحجم أعداد الوافدين. وتتركز أعداد الوافدين في عدد من محافظات الجمهورية، يأتي على رأسها القاهرة والجيزة والإسكندرية، بالإضافة إلى المحافظات والمدن السياحية مثل شرم الشيخ والغردقة وأسوان وعدد من محافظات الصعيد في الجنوب. وتعد محافظات الجنوب هي أكثر المحافظات التي يخرج منها وافدون، حيث إن هناك ملايين من أبناء تلك المحافظات خرجوا من موطنهم الأصلي إلى العاصمة وباقي إقليم القاهرة الكبرى والإسكندرية بحثا عن فرص عمل مناسبة أو للدراسة.

وكانت لجنة الانتخابات المشرفة على استفتاء دستور 2014، الذي أجري التصويت عليه في شهر يناير (كانون الثاني) الماضي، قد تعاملت مع تصويت الوافدين بطريقة مختلفة، حيث خصصت اللجنة وقتها أكثر من 40 لجنة انتخابية للوافدين بمختلف محافظات الجمهورية، وقامت بربطها بقاعدة تصويت إلكترونية بحيث يدلي الناخب بصوته ببطاقة الرقم القومي، وبعدها يجري حذف اسمه من قاعدة التصويت في لجنة انتخاب موطنه الانتخابي منعا لتكرار التصويت لشخص واحد.

ورأى كثير من الوافدين أن نظام التصويت في الاستفتاء كان أيسر من القواعد التي وضعتها لجنة الانتخابات الرئاسية، حيث قال هاني عبد المجيد، وهو من مواليد إحدى مدن محافظة الشرقية التي تبعد عن القاهرة بنحو 120 كيلومترا، إنه تمكن من التصويت بسهوله في الاستفتاء، ولكن نظرا لأنه لم يتمكن من توثيق إقرار بالشهر العقاري اضطر للسفر في اليوم الأول من التصويت مبكرا وأدلى بصوته وعاد في اليوم نفسه حتى يتمكن من اللحاق بفترة عمله الليلي في إحدى شركات القطاع الخاص بالقاهرة؛ وهو ما يمثل مشقة كبيرة عليه.

لكن لجنة الانتخابات الرئاسية بررت اشتراط توثيق إقرارات بالشهر العقاري لتصويت الوافدين لضمان سلامة العملية الانتخابية وتجنب التلاعب في أصوات الناخبين، نظرا للشكاوى التي كانت ترد وقت التصويت بالاستفتاء من تعطل شبكة الربط الإلكتروني بلجان الوافدين، مما تسبب في تعطيل التصويت في بعضها.