النظام والمعارضة يتبادلان الاتهامات بإعاقة عمل فريق منظمة حظر الأسلحة الكيماوية

مقتل قيادي بحزب الله مطلوب لـ«إف بي آي» في حلب.. ومقاتلو المعارضة يتقدمون في ريف حماه

صورة تعود لنهاية سبتمبر الماضي لفريق من المفتشين الدوليين في طريقه من الحدود اللبنانية إلى داخل سوريا (إ.ب.أ)
TT

أعلنت منظمة حظر الأسلحة الكيماوية أن فريقها، الذي يحقق في استخدام الكلور بسوريا، «في أمان» وفي طريق عودته إلى مقره، بعد وقت قصير من اتهام السلطات السورية المعارضة المسلحة بخطف ستة من أعضاء الفريق وسائقيهم الخمسة في حماه، بموازاة مواصلة قوات المعارضة تقدمها في هذه المنطقة.

وتزامنت تلك التطورات مع مقتل قيادي في حزب الله ملاحق من مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي بصفته «من أخطر الإرهابيين في العالم»، وعنصر آخر في الحزب متهم بمحاولة اغتيال وزير الاتصالات بطرس حرب في 2012، خلال مشاركتهما في القتال بسوريا، فيما تجددت الاشتباكات على محور حي الزهراء في حلب، وتعرض القوات الحكومية لهجوم في ريف حمص.

وأكد الناطق باسم منظمة «حظر الأسلحة الكيماوية» مايكل لوهان، من لاهاي، أن «موكبا لمفتشين من منظمة حظر الأسلحة الكيماوية والأمم المتحدة تعرض لهجوم» في قرية طيبة الإمام بحماه، لافتا في تصريحات لوكالة الصحافة الفرنسية إلى أن «كل أعضاء الفريق في أمان وسالمون وفي طريقهم إلى قاعدتهم العملانية». ورفض المتحدث الإدلاء بالمزيد من التفاصيل «لأسباب أمنية»، وتوضيح ما إذا كان المحققون خطفوا أم لا.

وكانت وزارة الخارجية السورية اتهمت مقاتلي المعارضة باختطاف «أحد عشر شخصا، خمسة منهم سوريون (سائقون) وستة من فريق بعثة تقصي الحقائق»، حول استخدام الكلور، أثناء توجههم في سيارتين إلى قرية طيبة الإمام الواقعة شمال غربي مدينة حماه. وقالت في بيان نشرته وكالة الأنباء الرسمية (سانا)، إن فريق البعثة أبلغ، بعد وصوله في أربع سيارات رباعية الدفع تابعة للأمم المتحدة إلى قرية طيبة الإمام، عدم إمكانية تأمين مواكب أمنية له، وأنه قرر متابعة طريقه في اتجاه قرية كفرزيتا «على مسؤوليته».

وقالت الخارجية السورية إنه «على بعد كيلومترين من قرية طيبة الإمام، فجرت إحدى سيارات البعثة بعبوة ناسفة، مما اضطر من فيها للانتقال إلى سيارة أخرى ليعودوا أدراجهم باتجاه قرية طيبة الإمام، لكن سيارة واحدة وصلت إلى هذه القرية»، مشيرا إلى خطف السيارتين الأخريين. واتهمت الوزارة «المجموعات الإرهابية» بـ«إجهاض عمل بعثة تقصي الحقائق».

في المقابل، حمل «الائتلاف الوطني لقوى المعارضة والثورة السورية» النظام السوري «مسؤولية إعاقة عمل البعثة، في محاولة يائسة لخلط الأوراق واستغلال الفوضى التي خلقها عنفه ووحشيته في بعض المناطق لتغطية الحقيقة في سوريا». وأكد الائتلاف «خروج فريق منظمة حظر الأسلحة الكيماوية وموظفي الأمم المتحدة من حماه وعودته إلى قواعده»، مشيرا إلى أن «الجيش السوري الحر رافق الفريق خلال جولته، وأمنه حتى إنهاء مهمته».

وكان مكتب حماه الإعلامي التابع للمعارضة اتهم في بيان «قوات (الرئيس السوري بشار) الأسد بتفجير عبوة ناسفة في إحدى سيارات بعثة التحقيق»، في حين نقل «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، عن مصادر طبية في بلدة كفرزيتا، أن البعثة «لم تصل إلى مناطق خارج سيطرة النظام حتى يجري خطفها»، مشيرا إلى أن العبوة «انفجرت بالقرب من بلدة طيبة الإمام التي تسيطر عليها قوات النظام».

وكانت دول غربية، أبرزها الولايات المتحدة وفرنسا، تحدثت عن «شبهات» و«معلومات» عن لجوء النظام إلى غاز الكلور في قصفه مناطق تسيطر عليها المعارضة، لا سيما بلدة كفرزيتا بريف حماه في 12 أبريل (نيسان). وأكدت منظمة هيومان رايتس ووتش، في 13 مايو (أيار)، أن هناك «أدلة متينة» تفيد بأن النظام السوري نفذ هجمات بالكلور في ثلاث مدن منتصف أبريل. وأعلنت واشنطن أنه في حال صحة هذه الاتهامات، فإنها تتنافى مع معاهدة حظر الأسلحة الكيماوية التي التزمت دمشق باحترامها.

وأكد المرصد السوري، أمس، أن أعضاءه تمكنوا من الحصول على شهادات من أطباء وبعض المصابين ومواطنين في بلدة كفرزيتا بريف حماه الشمالي، إضافة إلى تقارير طبية موثقة وأشرطة مصورة، أكدت استخدام قوات النظام غازات سامة، ألقتها الطائرات المروحية عن طريق البراميل المتفجرة، في يومي 11 أبريل الماضي، و22 من الشهر الحالي، وتسببت هذه الغازات في إصابة ما يقارب الـ120 مواطنا في الهجوم الأول، و70 إصابة في الهجوم الثاني.

في غضون ذلك، تتواصل الاشتباكات بين قوات المعارضة والقوات الحكومية في ريف إدلب الجنوبي وشمال محافظة حماه، حيث حققت المعارضة تقدما جديدا. وأفاد المرصد السوري بسيطرة مقاتلي «أجناد الشام» وعدة كتائب إسلامية وكتائب مقاتلة على قرية نافذ بريف حماه الشرقي، عقب اشتباكات عنيفة مع قوات النظام تبعه قصف الطيران المروحي بالبراميل المتفجرة على مناطق في القرية. وفي سياق متصل، فشلت القوات الحكومية في استعادة السيطرة على مناطق في خان شيخون كانت المعارضة سيطرت عليها أول من أمس، في حين تعرضت مناطق ببلدة مورك والمصاصنة شمال بلدة طيبة الإمام بريف حماه لقصف من قبل قوات النظام. وتواصلت الاشتباكات على أطراف قرية الجلمة، في محاولة من قوات النظام استعادة السيطرة على المنطقة.

في غضون ذلك، أفاد سكان لبنانيون في بلدة عين قانا الجنوبية بمقتل القيادي في حزب الله فوزي أيوب خلال معارك في سوريا. وقال سكان لوكالة الصحافة الفرنسية إن أيوب «كان قائدا ميدانيا في حزب الله بمنطقة حلب». ويعد أيوب من أبرز كوادر حزب الله الملاحقين من قبل مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي (إف بي آي) بصفته «أحد أخطر الإرهابيين في العالم» وبتهمة محاولة الدخول إلى إسرائيل بجواز سفر أميركي مزور من أجل القيام بعملية تفجير في عام 2000. وكان أيوب معتقلا لدى السلطات الإسرائيلية، وأفرج عنه في عام 2003 ضمن صفقة لتبادل الأسرى بين الحزب وإسرائيل، وكان الشيخ عبد الكريم عبيد ومصطفى الديراني من أبرز المفرج عنهم في الصفقة.

وكانت مواقع إلكترونية، مقربة من حزب الله، نشرت بيانا للحزب الشيعي الذي يساند قوات النظام السوري في حربها ضد المعارضة المسلحة، جاء فيه «يزف حزب الله إلى صاحب العصر والزمان استشهاد ثلاثة من مجاهديه البواسل الذين قضوا أثناء قيامهم بواجبهم الجهادي»، وبين الثلاثة «الشهيد القائد الحاج فوزي أيوب».

من جهة أخرى، نعى الحزب أيضا محمود الحايك، الذي يحاكم غيابيا في لبنان بتهمة محاولة اغتيال بطرس حرب. وجاء في البيان المنشور على موقع «شبكة أخبار النبطية» على الإنترنت والمرفق بصورة للحايك بلباس مدني: «يزف حزب الله وبلدة عدشيت الجنوبية الحاج محمود حايك الذي قضى أثناء قيامه بواجبه الجهادي». وأكد أحد سكان عدشيت لوكالة الصحافة الفرنسية، رافضا الكشف عن هويته، أن الحايك «قتل خلال مشاركته في القتال بسوريا»، مشيرا إلى أن جميع سكان البلدة يعرفون أنه متهم بقتل حرب.

وفي حلب حيث يشارك حزب الله في القتال إلى جانب القوات الحكومية، بحسب المرصد السوري، تجددت الاشتباكات في محيط مبنى المخابرات الجوية بحي الزهراء، ترافقت مع قصف الطيران الحربي مناطق الاشتباكات، كما قصف الطيران المروحي مناطق في حي الصاخور والمدينة الصناعية بالشيخ نجار ومناطق في بلدتي عندان وحريتان وقرية تل سوسين. وفي المقابل، سقطت عدة قذائف على مناطق في حي الجميلة ومحيط القصر البلدي الخاضعين لسيطرة قوات النظام، واستهدفت الكتائب الإسلامية مبنى الأمن السياسي في حي السليمانية الخاضع لسيطرة قوات النظام بقذائف الهاون والصواريخ محلية الصنع.

وفي حمص، انفجرت عبوة ناسفة في سيارة تابعة لقوات النظام في مدينة السخنة بريف حمص، بينما قصفت قوات النظام مناطق في بلدات معربة وبصرى الشام ونوى وتلة أم حوران.