حروب طرق الإمداد تحسم المعارك العسكرية في سوريا

النظام يسعى إلى قطعها في درعا وحلب.. والمعارضة في إدلب

TT

تكتسب معارك قطع خطوط الإمداد في الصراع السوري بعدا استراتيجيا بالنسبة لطرفي النزاع. إذ تحاول القوات النظامية عزل مدينة حلب عن ريفها شمالا وفصل مدينة درعا عن القنيطرة جنوبا، لمنع وصول الإمدادات العسكرية إلى كتائب المعارضة التي تسعى بدورها إلى عرقلة وصول الإمدادات النظامية إلى مدينة إدلب.

وتتقاسم كل من المعارضة والنظام السيطرة على مناطق سورية منفصلة جغرافيا، مما يجعل الطرفين في حاجة دائمة إلى فتح خطوط إمداد لمواصلة المعارك العسكرية. وغالبا ما يؤدي قطع هذه الخطوط عن أي طرف إلى تراجع قواته، وربما هزيمتها في المنطقة التي كانت تتمركز فيها.

وبدأ النظام السوري معركة قطع خطوط الإمداد ضمن استراتيجية محاصرة كتائب المعارضة وعزلها ضمن بؤر محددة لتسهيل مهاجمتها، بحسب ما يؤكد المحلل العسكري السوري عبد الناصر العايد لـ«الشرق الأوسط»، مشيرا إلى أن هذه الاستراتيجية اتبعتها القوات النظامية قبل سنة تقريبا لتنجح في تطبيقها في القلمون بريف دمشق وكذلك في حمص القديمة.

وبحسب العايد فإن «معارك خطوط الإمداد بين النظام والمعارضة تخاض على ثلاثة طرق رئيسة، طريق حمص – دمشق، الذي تمكن النظام من تأمينه بعد معارك حمص، حيث انحصر وجود المعارضة في الريف الشمالي، وطريق حلب – حماه، الذي تحاول المعارضة السيطرة عليه، إضافة إلى طريق أريحا – اللاذقية التي تشهد بدورها معارك ضارية بين الطرفين».

وإلى جانب الطرقات الرئيسة التي تستخدم كخطوط إمداد في المعارك المتواصلة بين الطرفين، توجد نقاط جغرافية حيوية تفصل المناطق عن بعضها البعض تستخدم كقنوات لإيصال الإمدادات العسكرية.

وتخشى كتائب المعارضة السورية في حلب من عزلها داخل الجزء الشرقي من المدينة بعد محاولات القوات النظامية المتكررة قطع طريق الإمداد الذي يصل المدينة بالريف المفتوح على تركيا. ووفقا للعايد فإن «النظام بدأ مخططه لقطع طرق الإمداد عن المعارضة في حلب أخيرا من دون أن يتمكن من قطع الإمدادات عن المعارضين بشكل نهائي».

وباتت القوات النظامية، بعد فكها الحصار الذي كانت تفرضه المعارضة على سجن حلب المركزي يوم الخميس الماضي، تشكل تهديدا على خطوط إمداد كتائب المعارضة في حلب، خصوصا إذا ما استطاعت التمدد إلى المناطق المحيطة بالسجن التي تعد منافذ حيوية لإمداد المعارضين من الريف المحاذي لتركيا.

وفي جنوب سوريا، تسعى القوات النظامية إلى قطع طريق إمداد كتائب المعارضة الذي يصل مدينتي القنيطرة ودرعا وصولا إلى الحدود الأردنية عبر خوض معارك ضارية ضد المقاتلين المعارضين قرب مدينة نوى الاستراتيجية والمناطق المحيطة بها.

لكن المحلل العسكري عبد الناصر العايد يؤكد في تصريحاته لـ«الشرق الأوسط» أن جهود القوات النظامية في هذه المنطقة بهدف قطع خطوط إمداد المعارضة هي دون جدوى لأن هذه المنطقة تعد زراعية وفيها مساحات واسعة وتضاريس وعرة ما يجعل عملية ضبطها أعقد بكثير من السيطرة على منطقة أو أكثر كما تحاول قوات النظام حاليا.

في المقابل، تحاول قوات المعارضة السورية قطع طريق الإمدادات النظامية في إدلب، عبر السيطرة على الطريق الدولي الواصل بين ريف إدلب الجنوبي وبلدة مورك في شمال محافظة حماة (وسط سوريا). إذ تمكن مقاتلو المعارضة بينهم عناصر من جبهة «النصرة» من السيطرة على حاجز السلام غرب مدينة خان شيخون (في ريف إدلب الجنوبي) بعد اشتباكات عنيفة مع القوات النظامية وذلك بعد ساعات من سيطرتهم على حواجز النظام في محيط بلدة حيش، الواقعة إلى الشمال من خان شيخون، بحسب ما أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان».

ويعد حاجز السلام آخر حواجز القوات النظامية المحيطة بمدينة خان شيخون، بحسب ما أكدت الهيئة العامة للثورة السورية، موضحة أن «المدينة التي يسيطر عليها مقاتلو الجيش الحر باتت تعد محررة بالكامل بعد السيطرة على الحواجز المحيطة بها. ما يعني مزيدا من التضييق على خطوط إمداد النظام الذي كان يعد المدينة معبرا رئيسا له».

ويعد محللون عسكريون أن النظام السوري نجح في التعامل مع حروب قطع الإمداد أكثر من المعارضة التي سعت كل كتيبة من كتائبها إلى اتباع سياسة محلية تؤمن لها إمدادا مؤقتا لا يخضع لاستراتيجية مركزية موحدة.