المفوضة السامية لحقوق الإنسان تحث الحكومة المغربية على تسريع تنفيذ الإصلاحات

انتقدت استعمال العنف ضد المتظاهرين.. وطالبت بفتح تحقيق بشأن حالات التعذيب

TT

حثت نافي بيلاي المفوضة السامية لحقوق الإنسان، الحكومة المغربية، على تسريع وتيرة تنفيذ الإصلاحات المتعلقة بمجال تعزيز حقوق الإنسان على أرض الواقع، مشيرة إلى أن مجمل القوانين التي جرى اعتمادها لن تكون ذات جدوى ما لم تطبق ويشعر بنتائجها المواطنون.

وكشفت بيلاي خلال مؤتمر صحافي عقدته أمس، في الرباط، عقب اختتام زيارتها للمغرب، التي دامت أربعة أيام، أن العاهل المغربي الملك محمد السادس أخبرها خلال استقباله لها الثلاثاء الماضي بأنه لا يقبل أن يمارس التعذيب في البلاد، لكنه لم يستبعد وجود حالات معزولة، كما أن المسؤولين المغاربة الذين التقتهم أكدوا لها أن التعذيب ليس سياسة تنتهجها الدولة، وأن الأمر يحتاج إلى وقت للقضاء على بعض الممارسات السلبية، مشيرة إلى أنه ستتخذ إجراءات للحد منها، مثل تنصيب كاميرات مراقبة داخل مراكز الشرطة، وتأهيل أفراد الأمن.

وأوضحت بيلاي أن الهدف من زيارتها هو تعميق التعاون بين مكتبها والحكومة المغربية، وأيضا من أجل الالتقاء بشركاء آخرين مهمين في الميدان، وبالأخص المجلس الوطني لحقوق الإنسان وهيئات المجتمع المدني، وذلك من أجل فهم أفضل للوضع الحقوقي الحالي في البلاد.

وأشارت بيلاي إلى أنه خلال 13 عاما، ومنذ آخر زيارة قام بها مفوض سامٍ لحقوق الإنسان، حصلت في المغرب تطورات كبيرة في اتجاه تطوير وحماية حقوق الإنسان، مذكرة في هذا الصدد بإنشاء هيئة الإنصاف والمصالحة عام 2004 لطي ملف انتهاكات حقوق الإنسان، التي كانت حافزا للمضي في تنفيذ كثير من الإصلاحات في المجال.

ودعت بيلاي الحكومة إلى الإسراع في إحالة مشاريع القوانين المتعلقة بالمساواة بين الجنسين، ومكافحة العنف المبني على النوع الاجتماعي، وقانون القضاء العسكري، الذي يوجد حاليا قيد الدراسة في مجلس النواب (الغرفة الأولى في البرلمان)، كما دعت الحكومة إلى التسريع في اعتماد الخطة الوطنية للديمقراطية وحقوق الإنسان، التي أعدها المجلس الوطني لحقوق الإنسان قبل عامين، والأمر نفسه بالنسبة لمشروع قانون الصحافة، مشيرة إلى أن القوانين الجديدة التي جرت المصادقة عليها ينبغي تفعيلها وتطبيقها بشكل أكثر فعالية، واستشهدت بيلاي في هذا الصدد بالتقارير التي تتحدث عن تزايد حالات زواج القاصرين، والاستثناءات التي يمنحها القضاة بهذا الشأن، وهو ما يتعارض، برأيها، مع الاتفاقية الدولية لحماية حقوق الطفل.

كما أشارت، في السياق ذاته، إلى منع عدد من جمعيات المجتمع المدني من الحصول على تراخيص، لا سيما في الأقاليم الصحراوية. وبخصوص قضايا التعذيب، قالت بيلاي إن المقرر العام حول التعذيب الذي زار المغرب سنة 2012، وكذا فريق العمل المكلف الاعتقال التعسفي الذي زار البلاد في ديسمبر (كانون الأول) 2013 عبرا عن قلقهما بشأن اللجوء إلى التعذيب والمعاملات المسيئة، والحصول على الاعترافات تحت الإكراه، كما أن اللجنة الأممية ضد التعذيب عبرت بدورها للحكومة المغربية عن انشغالها العميق بهذا الموضوع.

وقالت المسؤولة الأممية إن متابعة المسؤولين عن ممارسة التعذيب ومعاقبتهم وحده كفيل لإثبات أن المغرب قطع بالفعل مع هذه السلوكيات، وطالبت بفتح تحقيقات فورية، من دون استثناء، بشأن حالات التعذيب المسجلة، والتوقف عن اللجوء إلى الاعترافات تحت الإكراه للحصول على عناصر إدانة، مستشهدة في هذا الصدد بالـ12 سجينا، الذين أدينوا في أحداث «إكديم إزيك»، وهي قضية تحتاج برأيها إلى تحقيق معمق.

وتطرقت بيلاي إلى موضوع المظاهرات في الشارع، وقالت إنه في غالب الأحيان تمر من دون أحداث عنف، وهو ما لوحظ خلال زيارتها، بيد أن هناك حالات يلجأ فيها أفراد الأمن إلى استعمال العنف المفرط ضد المتظاهرين السلميين، وهو ما يحتاج أيضا إلى فتح تحقيق بشأنه، لا سيما أن إحدى الحالات التي جرت في الرباط في الثاني من أغسطس (آب) 2013 صُوّرت في شريط فيديو.

كما تحدثت بيلاي عن حدوث تجاوزات في حق المهاجرين الأفارقة من قبل الأمن المغربي، ودعت إلى احترام الحقوق الأساسية للمهاجرين وطالبي اللجوء.

وفيما يتعلق بحرية التعبير، قالت بيلاي إنه رغم أن حرية التعبير محترمة بشكل عام في المغرب، فإن ذلك لا يمنع من تعرض صحافيين ومدونين إلى مضايقات بسبب تطرقهم إلى قضايا حساسة، من قبيل سحب رخص العمل، والحكم عليهم بأداء غرامات مالية، وحتى السجن.

وتطرقت المفوضة السامية إلى الوضع في الأقاليم الصحراوية، وقالت إن فريقا تقنيا تابعا لمكتبها زار المنطقة، ووقف على المشاريع الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي أنجزت هناك، ونوهت بالدور الذي تقوم به اللجان الجهوية لحقوق الإنسان، بيد أنها في حاجة إلى دعم من المسؤولين المحليين.

وأشارت إلى أنه خلال لقائها مع المسؤولين المغاربة تبين لها أن هناك إرادة سياسية على أعلى مستوى لمواصلة الجهود، من أجل تعزيز حقوق الإنسان في المجتمع، وأعربت عن استعداد مكتبها لدعم هذه الجهود، من أجل حماية حقوق الإنسان في مختلف مناطق البلاد بما فيها الأقاليم الصحراوية.

واستعرضت بيلاي عددا من الإصلاحات التي قام بها المغرب، من بينها اعتماد دستور جديد في 2011 يمنح الأولوية للاتفاقيات الدولية، بالإضافة إلى إنشاء عدد من المؤسسات الوطنية المستقلة مثل المجلس الوطني لحقوق الإنسان، ومؤسسة الوسيط، واللجنة الوزارية لحقوق الإنسان.