عشرات القتلى في موجة هجمات بعد أقل من شهر على الانتخابات في العراق

عراقيون: المسؤولون يحمون أنفسهم وعوائلهم ويتركوننا عرضة للموت

TT

تحصد العمليات الإرهابية في بغداد خاصة، وباقي مدن العراق أرواح الأبرياء من العراقيين بطريقة عشوائية، فالناس الذين يخرجون إلى الشوارع والمطاعم والتسوق لا يعرفون متى وأين سيعلو صوت انفجار قنبلة أو سيارة مفخخة أو حزام ناسف يرتديه انتحاري، كما أن المناطق في العاصمة العراقية غير مصنفة بصورة حادة طائفيا، أي لا نستطيع أن نقول، إن هذه المنطقة شيعية تماما أو تلك تضم السنة فقط.

فائزة محمد التي التقتها «الشرق الأوسط» في منطقة الكرادة داخل المزدحمة بالمتسوقين، وكذلك بالعوائل التي تنشد الراحة، تقول: «نعم، التفجيرات تحصل يوميا، لكننا لا نعرف أين وكيف ولماذا، وهذا لا يعني أن نسجن أنفسنا وأطفالنا في البيوت لأن هناك انفجارا سيقع». وتضيف هذه العراقية التي كانت ترافق زوجها وثلاثة أطفال قائلة: «لا أقول إن العراقيين لا يخافون هذه الانفجارات أو لا يخشون الموت، ليس هناك من لا يخشى الموت بهذه الطريقة السخيفة، لكننا نؤمن بالله وبالقدر، وهذه الانفجارات تحصل يوميا وفي أماكن مختلفة من بغداد».

ويشير زوجها ناصر عبد الكريم إلى موقع مقهى في منطقة رخيتة التي تقع قريبا من الموقع الذي التقيناه مع عائلته فيه، ويقول: «هذا المقهى الذي يجلس فيه بعض الشباب والكتاب والفنانين تعرض للتفجير مرات عدة، وهناك أكثر من ثلاث سيارات مفخخة فجرت في هذا الشارع وراح ضحيتها الأبرياء، وها نحن نشهد ازدحام الكرادة بالناس».

ويلقي عبد الكريم باللوم على «الحكومة وأعضاء البرلمان والمسؤولين الذين يعرفون كيف يحمون أنفسهم وعوائلهم في المنطقة الخضراء والبيوت المحاطة بجدران من الخرسانة والسيارات المدرعة، بينما يتركون الشعب عرضة للهجمات الإرهابية. وفي الوقت ذاته، نحن نعد هؤلاء الإرهابيين جبناء لأنهم يقتلون الأبرياء العزل كونهم لا يستطيعون الوصول إلى مراكز وبيوت المسؤولين».

وشهد العراق موجة هجمات دامية الأربعاء الماضي، بينها تفجير سيارات مفخخة في بغداد وشمالها خلفت 78 قتيلا على الأقل وأكثر من 160 جريحا، بعد أقل من شهر على إجراء الانتخابات التشريعية في البلاد.

ومثلت حصيلة ضحايا الهجمات التي استمرت حتى مساء الأربعاء الماضي في عموم العراق، أعلى معدل للضحايا منذ أكثر من سبعة أشهر.

وتعزز هذه الهجمات ضمن موجة من الاضطرابات الأمنية المتواصلة، المخاوف من عودة البلاد إلى حرب داخلية في وقت يسعى فيه المسؤولون السياسيون إلى إقامة تحالفات بهدف تشكيل حكومة يعتزم نوري المالكي الاستمرار في رئاستها رغم أن انتخابات 30 أبريل (نيسان) لم تمنحه غالبية واضحة.

ففي شمال بغداد، أسفر انفجار سيارة مفخخة بعد ظهر أول من أمس عن 16 قتيلا على الأقل و50 جريحا وفق مصدرين طبي وأمني في حي الكاظمية الذي تقطنه غالبية شيعية، وفقا لمصادر أمنية وطبية. كما قتل 20 شخصا في انفجار ثلاث سيارات مفخخة أخرى في أحياء الأمين ومدينة الصدر شرق العاصمة، والجهاد في غرب بغداد، حسبما أفادت به وكالة الصحافة الفرنسية.

ووقعت الهجمات في مناطق مزدحمة بعد خروج الناس في المساء للتسوق أو إلى المطاعم، في حين كان مثل هذه الهجمات ينفذ سابقا خلال ساعات الازدحام في الصباح. كما قتل أربعة أشخاص في حوادث متفرقة في بغداد والمناطق القريبة.

وفي الموصل (350 كلم شمال بغداد) قتل 21 شخصا بينهم 14 من عناصر الأمن في انفجار سيارتين مفخختين، وفقا لمصادر أمنية وطبية.

وقتل شخصان في هجومين منفصلين في محافظة نينوى، وكبرى مدنها الموصل.

ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن الهجمات على الفور، لكن تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام عادة ما يعلن مسؤوليته عن هجمات منسقة تستهدف الطائفة الشيعية وقوات الأمن.

إلى ذلك، قتل ثمانية أشخاص في هجمات متفرقة في محافظتي كركوك وصلاح الدين، كلتاهما شمال بغداد، وفقا لمصادر رسمية. وقتل أربعة عسكريين بينهم ضابط برتبة نقيب وأصيب 12 بجروح في انفجار عبوتين ناسفتين استهدفتا دوريات للجيش في منطقة جرف الصخر، إلى الجنوب من بغداد، وفقا لمصادر أمنية وطبية.

كما قتل ثلاثة أشخاص جراء قصف استهدف مناطق متفرقة في مدينة الفلوجة (60 كلم غرب بغداد)، التي يفرض السيطرة عليها مسلحون من تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) منذ بداية العام الحالي.

واتهمت منظمة هيومان رايتس ووتش الجيش العراقي الثلاثاء الماضي، بقصف مناطق مأهولة في الفلوجة بواسطة براميل متفجرة.

ويغرق العراق في أعمال عنف تحصد يوميا 25 شخصا كمعدل وسطي، وهو مستوى لم تشهده البلاد خلال السنوات الخمس الأخيرة ومنذ خروجها من صراع طائفي دام بعد الغزو الأميركي في 2003. وتنسب السلطات العنف إلى عوامل خارجية أهمها الحرب في سوريا المجاورة.

لكن دبلوماسيين وخبراء يؤكدون أن العنف يغذيه خصوصا غضب الأقلية العربية السنية التي تعد أنها جرى تهميشها وتلقى معاملة سيئة من السلطات التي يهيمن عليها العرب الشيعة والأكراد السنة.

ويشهد العراق منذ أكثر من عام أسوأ موجة أعمال عنف منذ النزاع الطائفي بين السنة والشيعة بين عامي 2006 و2008.

وقتل أكثر من أربعة آلاف شخص في أعمال العنف اليومية منذ بداية العام الحالي في عموم العراق، وفقا لحصيلة أعدتها وكالة الصحافة الفرنسية استنادا إلى مصادر رسمية.