مظاهرات حاشدة في بنغازي وطرابلس دعما لحرب حفتر ضد المتطرفين

المؤتمر الوطني يهدد رئيس الحكومة بالاعتقال

تجمعات حاشدة في طرابلس وبنغازي تأييدا لـلواء حفتر ضد الإرهاب (رويترز)
TT

اشتعلت الأزمة السياسية بين المؤتمر الوطني العام (البرلمان) والحكومة الانتقالية برئاسة عبد الله الثني، وازدادت حالة الفوضى وسط غموض بشأن من يدير البلاد بعد أن دخل النزاع بين الثني ورئيس الوزراء الجديد أحمد معيتيق، يزعم كل منهما أنه يتمتع بالشرعية، مرحلة مواجهة قد تفجر عنفا بين الفصائل المتصارعة.

ووسط إجراءات أمنية شديدة وتوتر سياسي، خرجت أمس مظاهرات شعبية حاشدة في عدة مدن ليبية كان أبرزها تلك التي خرجت في العاصمة طرابلس ومدينة بنغازي، حيث حمل المتظاهرون نعشا يمثل حكومة معيتيق والبرلمان وتنظيم أنصار الشريعة المتطرف الذي هدد بمواجهة قوات حفتر التي شنت أمس غارات جوية باستخدام طائرات من السلاح الجوي الليبي على عدد من المناطق بأطراف مدينة بنغازي استهدفت مواقع تسيطر عليها مجموعات مسلحة وصفت بأنها إرهابية بكل من بوعطني والهواري والقوارشة وسيدي فرج.

وفيما نقلت وكالة الأنباء المحلية عن شهود عيان أن هذه الغارات الجوية لم تسجل أضرارا بشرية، غير أنها تسببت في فزع وهلع بين المواطنين، أعلن العقيد محمد حجازي المتحدث باسم قوات حفتر أن الاشتباكات التي اندلعت في منطقة سيدي فرج أسفرت عن تدمير ثلاث سيارات تابعة لتنظيم أنصار الشريعة تحمل أسلحة.

وردد المتظاهرون في ميدان ساحة الشهداء بقلب طرابلس الهتافات المناوئة للمؤتمر الوطني الذي يعتبر أعلى سلطة سياسية ودستورية في البلاد، كما رفعوا الشعارات المؤيدة لعملية الكرامة التي تخوضها قوات اللواء السابق حفتر ضد المتطرفين في شرق البلاد.

وتكرر نفس المشهد أيضا في مدن طبرق وبنغازي، بينما حرص التيار الإسلامي على تنظيم مظاهرات مماثلة لكن أقل عددا رددت هتافات مناوئة لحفتر ولحكومة الثني، ومؤيدة للمؤتمر الوطني.

وطالبت المظاهرات التي خرجت للجمعة الثانية على التوالي بدعم الجيش والشرطة واستتباب الأمن، كما دعا المتظاهرون إلى ضرورة التسريع بتفكيك التشكيلات غير الشرعية وتسليم أسلحتها بما يعجل الانتقال من الثورة إلى بناء الدولة ومؤسساتها.

واستهجنت رئاسة المؤتمر الوطني، بيان حكومة الثني الذي أعلن فيه رفضه الامتثال لقرارات المؤتمر بشأن انتخاب حكومة معيتيق ومنح الثقة لها وتشكيل لجنة للتسليم والتسلم.

وعبرت رئاسة المؤتمر في بيان لها أصدرته مساء أول من أمس عن استيائها من هذا التصرف، واعتبرت أن الامتناع عن التسليم يمثل سابقة شائنة وواقعة غير معهودة وليس له من دلالة سوى التشبث بالسلطة ورفض التداول السلمي لها وهو ما يعد أمرا مخالفا للإعلان الدستوري الذي أقسم الثني اليمين القانونية على احترامه واحترام القوانين والقرارات المنبثقة عنه.

وأكد البيان أن مخالفة القرارات الصادرة عن السلطة التشريعية والتذرع بعدم صحتها أمر غير مقبول ومرفوض منطقا وقانونا باعتبار أن القرارات الصادرة من أعلى سلطة من الدولة تعد واجبة الاحترام من الجميع يتعين الالتزام بها ما لم يصدر حكم عن القضاء المختص بإلغائها أو وقف نفاذها.

وحذر البيان من أن هذا التصرف يرتب جرائم قانونية طبقا لقانون العقوبات من بينها إساءة استعمال السلطة التي تستوجب الحكم بالحبس والعزل، فضلا عن المخالفات الإدارية، معتبرة أن كل ما يصدر عن الثني وحكومته في الشأن العام يعد باطلا قانونا وغير شرعي ويتحمل وزرها وما ينجم عنها من آثار.

وأضاف البيان أن الامتناع عن التسليم في هذه الظروف من شأنه أن يلقي بظلاله القاتمة على المشهد السياسي المرتبك ويزيد من تعقيد الأمور، وقد يؤدي إلى أمور خطيرة يتعذر تداركها أو الحد من آثارها السيئة، محملة رئيس الحكومة السابق مغبة ما قد ينجم عن ذلك من عواقب وتداعيات.

من جهته، أكد أحمد الأمين المتحدث الرسمي باسم حكومة الثني أنه سينتظر حكم المحكمة في طعن قدمه نواب في البرلمان في شرعية انتخاب معيتيق، كذلك تسعى للوساطة لجنة من خمسة أعضاء من بينهم مسؤولون سابقون وعلماء دين. لكن متحدثا باسم معيتيق قال في المقابل: «ما يحدث أمر بين رئيس الوزراء السابق الثني والمؤتمر الوطني العام. نحن جاهزون لإعداد خططنا واجتماعاتنا وننتظر الانتقال إلى مكاتبنا».

واقتربت البلاد من أخطر أزمة – حتى بالمعايير الليبية المضطربة - في ثلاثة أعوام منذ أن أطاح مقاتلو المعارضة بنظام حكم العقيد الراحل معمر القذافي في انتفاضة دعمها حلف شمال الأطلنطي (الناتو) في عام 2011.

وجرى تحديد يوم 25 يونيو (حزيران) لإجراء انتخابات مبكرة لانتخاب مجلس نواب جديد كوسيلة للخروج من الأزمة. لكن الوقت قصير بالنظر إلى التوتر في طرابلس وخطر الصراع المسلح في بنغازي بينما لا تزال الميزانية في انتظار موافقة البرلمان والحكومة.

وقال دبلوماسي غربي: «هناك خطورة في ذلك.. من سيوقع الشيكات؟ من سيدير البلاد؟ وصلنا إلى هذه النقطة الآن».

من جهتها، أعلنت سفيرة الاتحاد الأوروبي ناتاليا آبوستولوفا أنها التقت أمس مع رئيس الحكومة الجديد أحمد معيتيق في طرابلس بناء على طلبه، معربة عن قلق الاتحاد الأوروبي من التطورات السياسية الأخيرة والوضع الأمني عموما في ليبيا، ودعت إلى حل سلمي عاجل للأزمة السياسية الحالية، مبني على الحوار وسيادة القانون.

إلى ذلك، حذر تنظيمان مواليان لنظام العقيد القذافي، قناة «العربية» الفضائية من بث شريط وثائقي حول القذافي الذي وصفته القناة بالديكتاتور.

وقالت حركة اللجان الثورية والحرس الثوري الأخضر وكلاهما من المحسوبين على النظام السابق، في بيان مشترك لـ«الشرق الأوسط» إنهما قد يلجآن إلى «مقاضاة القناة لبث هذا الشريط الوثائقي والذي لم يشارك فيه أحد من أنصار القذافي في ليبيا». وتابع البيان: «وقد تكون مقاضاة قناة (العربية) البداية إذا ما انحرفت عن الموضوعية.. أو انساقت خلف الهجمة الأطلسية على زعيم كان ملء السمع والبصر، مضيفا: «إننا عرب أقحاح وبادية وسوف لن يسقط ثأرنا بالتقادم وقد أعذر من أنذر».