جلسة الحوار الوطني في تونس تدعو إلى عقد مؤتمر عاجل لمناهضة الإرهاب

طالبت بالحسم في موعد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة

TT

افتتحت أمس في تونس جلسة الحوار الوطني، بعد أكثر من ثلاثة أسابيع من الانقطاع، جرت فيها الدعوة إلى التعجيل بعقد مؤتمر وطني لمناهضة الإرهاب، خاصة بعد اغتيال أربعة عناصر أمنية، وحسم موعد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة، وتفويت الفرصة على الإرهابيين لإدخال البلاد في توتر أمني وسياسي.

ومثل موضوع تحديد موعد الانتخابات المقبلة وكيفية إجرائها منفصلة، أو في يوم واحد، أحد أهم المحاور المطروحة على الحوار الوطني. ويسعى الأفرقاء السياسيون إلى تجاوز خلافاتهم بشأن الفصل أو التزامن بين الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، خاصة مع تمسك كل طرف سياسي بموقفه، إذ تؤيد حركة النهضة مبدأ إجراء الانتخابات في يوم واحد، فيما تدعو حركة «نداء تونس»، أبرز منافس سياسي لها، إلى الفصل بين الموعدين الانتخابيين وتقديم الانتخابات الرئاسية على الانتخابات البرلمانية.

وفي افتتاح جلسة الحوار الوطني، ركز حسين العباسي رئيس الاتحاد التونسي للشغل (نقابة العمال) تدخله على موضوع مكافحة الإرهاب، وقال إن العملية الإرهابية الأخيرة في مدينة القصرين تستهدف عملية الانتقال الديمقراطي، وتعطيل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة. وأشار إلى توحد التونسيين في مواجهة الإرهاب بقوله: «التونسيون يد واحدة ضد الإرهاب».

وأكد العباسي أن على الحوار الوطني أن يوجه رسالة واضحة ضد الإرهابيين، ويقول لهم: «إن جميع التونسيين متشبثون بإنجاح أهداف الثورة التونسية وتحقيق مكاسبها».

على صعيد متصل، نفذت فرقة مكافحة الإرهاب في القصرين، التي كانت مسرحا للمواجهات الأخيرة مع الإرهابيين، مجموعة من المداهمات الأمنية، واعتقلت عشرات المبحوث عنهم والمشتبه بهم. وشملت الحملة الواسعة «حي الزهور»، حيث دارت المواجهات المسلحة مع الإرهابيين، والمناطق المتاخمة له، بالإضافة إلى أحياء شعبية أخرى، مثل حي «الكرمة» وحي «عين الخضراء» وحي «النور».

وقالت وزارة الداخلية التونسية في بيان لها إن وحداتها الأمنية المختصة في مكافحة الإرهاب تمكنت، أول من أمس، من اعتقال أحد المشاركين في العملية التي وقعت في مدينة القصرين، وأظهرت التحقيقات الأولية أن ثلاثة عناصر من مهاجمي منزل عائلة وزير الداخلية من أبناء مدينة القصرين، وعلى دراية جيدة بموقع المنزل المستهدف والطرق المؤدية إليه ومسالك الهروب قبل وصول رجال الأمن. وذكرت مصادر أمنية لـ«الشرق الأوسط» أن العناصر الثلاثة المتهمة هم مراد الغرسلي، الذي كان ينتمي لمجموعة سليمان المفرج عنها بعد أيام من اندلاع الثورة في إطار العفو التشريعي العام، وفتحي الحاجي الذي يعد أحد العناصر الإرهابية المهمة في خلية عقبة بن نافع التابعة لتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، وحلمي الرطيبي الذي غرر به من طرف متشددين بجامع الحي.

على صعيد متصل، كشف متحدث باسم النيابة العامة في تونس أمس عن أن منفذي الهجوم على منزل وزير الداخلية ينتمون إلى كتيبة «عقبة بن نافع» المرتبطة بتنظيم القاعدة.

وقال المتحدث سفيان السليتي في تصريحات إذاعية إن العناصر الإرهابية التي شاركت في الهجوم على منزل وزير الداخلية لطفي بن جدو في القصرين وقتلت أربعة أمنيين، ينشطون ضمن كتيبة «عقبة بن نافع» الموجودة بجبل الشعانبي في المنطقة، وأوضح أن الكتيبة تتكون من تونسيين وجزائريين، ولها ارتباط بكتيبة جزائرية تسمى «الفتح المبين»، كما ترتبط بتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي.

وكانت وزارة الداخلية قدرت عدد المشاركين في العملية الإرهابية بنحو عشرين عنصرا توزعوا على ثلاث مجموعات بين تنفيذ الهجوم، وتأمين المنطقة وسد التعزيزات من مركز الحرس الوطني القريب من مسرح العمليات. وقال السليتي إن «المتورطين في الهجوم هم أنفسهم الذين تورطوا في ذبح جنود جيشنا الوطني في الشعانبي وفي زرع الألغام».

في السياق نفسه، دعت مجموعة من الأحزاب السياسية، من بينها تحالف الجبهة الشعبية (تجمع يضم 12 حزبا يساريا وقوميا)، وحزب المسار الديمقراطي الاجتماعي، إلى مسيرة وطنية منددة بالإرهاب، وطالبت بفتح تحقيق شفاف وفوري حول الأحداث الإرهابية، ودعت إلى مشاركة فاعلة للمجتمع المدني في التحقيقات حتى لا تتكرر أخطاء وسلبيات التحقيقات السابقة. كما طالبت المؤسسة الأمنية بوضع استراتيجية شاملة كفيلة بمواجهة الإرهاب والقضاء على المجموعات الإرهابية.

وشهدت عدة مدن تونسية مسيرات مماثلة على غرار قابس والقصرين. ونادى ممثلو المجتمع المدني في المسيرات المنددة بالإرهاب بوضع استراتيجية واضحة للقضاء على الإرهابيين، كما حملوا المؤسسة الأمنية ورئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة مسؤولية كل المآسي التي تعرفها تونس على أيدي المجموعات الإرهابية. وحثوا الحكومة على تسريع تفعيل قانون مكافحة الإرهاب في صيغته الجديدة. كما أكدت قيادات سياسية في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن إحداث خلية أزمة بصفة فورية لمواجهة تطورات الوضع الأمني في القصرين، يبقى الحل الأمثل للتعاطي مع الظرف الأمني الحساس الذي تمر به تونس.