مرجعية النجف تدخل على خط الأزمة النفطية بين بغداد وأربيل وتدعوهما إلى حل الخلاف طبقا للدستور

الكتلة الكردستانية: دولة القانون أبلغونا «إنكم لم تتعلموا بيع الطماطم والخيار فكيف يمكنكم بيع النفط»

طفلة عراقية تعمل في أحد معامل الطابوق لنقله بعربتها قرب مدينة النجف (أ.ف.ب)
TT

في وقت تصاعدت فيه الخلافات بين إقليم كردستان من جهة والحكومة المركزية من جهة أخرى لا سيما بعد قيام أربيل ببيع النفط إلى تركيا من دون موافقة وزارة النفط الاتحادية والتي تزامنت مع الأزمة السياسية التي أفرزتها الانتخابات البرلمانية، دخلت المرجعية الدينية العليا في النجف على خط الخلافات داعية إلى اللجوء للتحكيم عن طريق المحكمة الاتحادية.

وكانت الحكومة العراقية قد رفعت دعوى قضائية ضد تركيا في غرفة التجارة الدولية على خلفية بدء أربيل بتصدير النفط عبر أنقرة، وعدتها غير شرعية ومخالفة للدستور العراقي. وقال ممثل المرجع الشيعي الأعلى في العراق آية الله علي السيستاني الشيخ عبد المهدي الكربلائي خلال صلاة الجمعة في كربلاء أمس «أي نزاع من هذا القبيل ومن جملة ذلك النزاع هو تصدير النفط من جانب وحجب رواتب الموظفين من جانب آخر يجب الرجوع إلى الضوابط الدستورية فهي الحاكم الفصل في ذلك، وإذا كانت هناك نزاعات في التفسير يفترض أن ترفع إلى المحكمة الاتحادية وأن لا تتخذ قرارات منفردة من هذا الجانب والجانب الآخر وهذا هو الأساس الذي يجب اعتماده إذا أردنا بناء دولة وأما اتخاذ القرارات المنفردة من أي طرف فإنه سيعمق النزاع».

من جهتها أكدت وزارة النفط الاتحادية أنها «لجأت بالفعل إلى المحكمة الاتحادية من أجل حسم هذا النزاع» لكنه وطبقا لما أعلنه المتحدث الرسمي باسم وزارة النفط عاصم جهاد في تصريح لـ«الشرق الأوسط» فإن «وزارة الموارد الطبيعية في إقليم كردستان لم تحضر جلسات المحكمة». وأضاف جهاد أن «دعوة المرجعية إلى الحوار والاحتكام إلى الدستور أمر ضروري وهو موضع ترحيب من قبلنا وسبق أن عملنا به ولكننا يمكن أن نلجأ للحوار الجاد في هذا الموضوع». وأوضح جهاد أن «الخلاف مع إقليم كردستان دستوري ففي ظل غياب قانون النفط والغاز الذي لم يشرع حتى الآن فإن الدستور أعطى الحكومة الاتحادية ممثلة بوزارة النفط حق التصرف بالثروة النفطية بوصفها مسألة سيادية»، مؤكدا أن «الحكومة الاتحادية ومن هذا المنطلق أبدت مرونة في كل التفاهمات مع الإقليم بخصوص النفط ولكن لا يمكن أن يكون ذلك على حساب الثروة الوطنية التي هي ملك لكل العراقيين». وأشار إلى أن «الإقليم لم يلتزم بالكمية التي وعد بتصديرها ولا بدقة احتساب الإيرادات ولم يسلم الإيرادات المتحققة إلى وزارة المالية الاتحادية وهذه كلها أمور أدت إلى أن تحصل الأزمة»، معربا عن الأمل «في إيجاد حل حقيقي عبر حوار مثمر وجاد ووطني دون تدخلات خارجية هنا أو هناك».

وتابع جهاد أن «الإدارة السليمة للثروة الوطنية يجب أن تضع المصلحة الوطنية فوق اعتبار وإن التصدير يجب أن يكون عن طريق الشركة الوطنية سومو».

في مقابل ذلك رحبت كتلة التحالف الكردستاني في البرلمان العراقي بدعوة المرجعية الدينية إلى الحوار بشأن النفط. وقال الناطق الرسمي باسم الكتلة مؤيد الطيب في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «أي دعوة من المرجعية الدينية الرشيدة هي موضع ترحيب واهتمام بالنسبة لنا ولكل قيادة وشعب كردستان وبالتالي فإننا نعلن ترحيبنا بهذه الدعوة ومستعدون للجلوس على مائدة الحوار» مشيرا إلى أن «الكرد يريدون أن يكون للمرجعية دور أكبر في هذا الحوار حتى لا يتم تشويه الحقائق خصوصا عندما تكون هناك خلافات بين مؤسسات الدولة».

وأضاف الطيب «نحن متمسكون بالدستور بل نحن الأكراد الطرف الوحيد الذي لم يوجه يوما انتقادا للدستور بينما دولة القانون والعراقية وغيرهما من الكتل دائمة الانتقاد للدستور وبالتالي فإن أي دعوة بموجب الدستور تحظى باهتمامنا لأننا لو طبقنا الدستور العراقي بشكل صحيح لما وصلنا إلى مثل هذه الأزمات».

وعبر الطيب عن الشكوك في أن «تكون المحكمة الاتحادية قادرة على حسم هذه الأزمة بين الأطراف السياسية» موضحا أن «الحوار هو ليس مع الأطراف السياسية بل هو مع دولة القانون تحديدا وهي الكتلة المتنفذة والتي كانت تتوقع أننا لن نتمكن من بيع النفط حيث راهنت على مجموعة أمور منها أن الولايات المتحدة الأميركية لها رأي في هذا الموضوع يضاف إلى ذلك أن مفاوضي دولة القانون أبلغونا بروح استعلائية إنكم لم تتعلموا بيع الطماطم والخيار فكيف يمكنكم بيع النفط» متابعا: «إننا أبلغناهم أن بيع الطماطم والخيار أصعب من بيع النفط لأن البلد الوحيد الذي يحتاج طماطم وخيار هو العراق بينما كل العالم بحاجة إلى النفط». وأوضح الطيب «فات الزمن الذي يمكن لأحد أن يفرض إرادة من طرف واحد ولكننا مع ذلك نقول: إن الوقت ما زال مبكرا لإمكانية إجراء حوار جاد بشأن النفط».