الأزمة النفطية بين بغداد وأربيل تحتدم.. وغموض حول وجهة أول شحنة من الخام الكردي

الرئيس التركي: عملية البيع لا تتعارض مع الدستور العراقي

صورة التقطت في الأول من يونيو 2009 لرئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني والرئيس العراقي جلال طالباني في حفل تدشين محطة لضخ النفط قرب أربيل (أ.ب)
TT

في ظل تفاقم الأزمة النفطية بين الحكومة الاتحادية ببغداد وحكومة إقليم كردستان، أظهرت بيانات تتبع حركة السفن عبر الأقمار الصناعية أن ناقلة محملة بالنفط الخام الكردي غيرت مسارها بعد أن كانت في طريقها إلى الولايات المتحدة، مما يشير إلى أن الشركة التي شحنت الخام ربما لم تجد مشتريا.

وأضحت الناقلة «يونايتد ليدرشيب» رمزا لصراع أوسع نطاقا بين بغداد وكردستان على مبيعات النفط من الإقليم، إذ تحمل أول شحنة خام تضخ عبر خط الأنابيب الذي جرى مده حديثا إلى تركيا. وقالت مصادر في السوق ومصادر ترصد حركة السفن، إن الناقلة «يونايتد ليدرشيب» أبحرت في اتجاه الساحل الأميركي على خليج المكسيك منذ تحميلها من ميناء جيهان التركي الأسبوع قبل الماضي.

وذكرت وزارة الخارجية الأميركية أنها لا تغض الطرف عن مبيعات النفط بمعزل عن بغداد، وتابعت أن الحكومة المركزية قد تقيم دعاوى قانونية بحق المشترين. ونقلت وكالة «رويترز» عن مسؤول بوزارة الخارجية الأميركية: «لا نؤيد تصدير أو بيع النفط من دون الموافقة اللازمة من الحكومة العراقية الاتحادية». ورغم موقفها، استوردت الولايات المتحدة بالفعل كميات صغيرة من الخام الكردي، ولكن ليس مما يضخ عبر خط الأنابيب.

وأكدت حكومة إقليم كردستان أن الخام سيذهب إلى أوروبا، ردا على سؤال عن توجه السفينة إلى الولايات المتحدة وعما إذا كانت هذه الشحنة «الأولى ضمن عدة صفقات مماثلة». بدوره، قال مؤيد لطيب، المتحدث باسم «التحالف الكردستاني»، لوكالة «رويترز»، إنه جرى بيع مليون برميل في مزاد لألمانيا وإيطاليا، وأنه لم يجر إرسال أي شحنات للولايات المتحدة.

وأظهرت بيانات خدمة «رويترز إيه إي إس لايف» لتتبع السفن أن الناقلة غيرت مسارها حين كانت إلى الجنوب من البرتغال وتوجهت إلى جبل طارق انتظارا للأوامر، مما يشير إلى أن الشركة التي اشترت النفط لم تجد بعد مكانا تنقل النفط إليه.

وكانت صادرات النفط الكردية حتى الأسبوع قبل الماضي تقتصر على كمية محدودة تنقل بشاحنات إلى اثنين من الموانئ التركية على البحر المتوسط. وهددت مؤسسة تسويق النفط العراقية الحكومية باتخاذ إجراءات قانونية، لكنها لم تنفذ تهديدها.

لكن بدء تصدير الخام من خط أنابيب النفط في كردستان يعني عوائد أكبر بكثير للإقليم. وأعلن العراق سريعا أنه رفع دعوى تحكيم ضد تركيا أمام غرفة التجارة الدولية.

وقال مصدر في الصناعة على دراية بالأمر، إن العراق طلب أيضا من زبائنه تأكيد أنهم لن يشتروا أبدا نفطا مصدرا من كردستان، وهو ما فعلوه. وقالت مصادر مطلعة إن شركة تسويق النفط العراقية أبلغت شركة تفتيش، تدعى «سايبولت» ومقرها هولندا، وقف فحص الخام الكردي، في مسعى لمنع عمليات تحميل ناقلات بالنفط. ولم يتسن على الفور الحصول على تعليق من إدارة «سايبولت».

ويحاول العراق وكردستان التوصل إلى اتفاق سياسي بشأن مبيعات النفط، لكن لم يبت في الأمر بعد خمسة أشهر من بدء عمل خط الأنابيب، مما دفع حكومة كردستان العراق إلى بيعه منفردة. وقال رئيس حكومة كردستان العراق، نيجيرفان بارزاني، في البرلمان الأسبوع الماضي، إنه لا تراجع، وإنه إذا لم يجر التوصل إلى تفاهم مشترك فإن كردستان أمامها خيارات أخرى ولا يمكنها الانتظار إلى الأبد. وأضاف أن كردستان تبيع النفط كي تدرك بغداد أن بإمكان الإقليم فعل ذلك.

من ناحية ثانية، نسبت مصادر إعلامية إلى الرئيس التركي عبد الله غل قوله أمس، إن عملية بيع نفط إقليم كردستان لا يتعارض مع الدستور العراقي. وأفادت المصادر بأن غل أوضح خلال مؤتمر صحافي عقده بكلية هارفارد كندي في مدينة بوسطن الأميركية أن «عملية بيع نفط إقليم كردستان العراق لا تتعارض مع الحقوق الدستورية لحكومة العراق المركزية». وأضاف أن «النفط الذي نقلته حكومة إقليم كردستان العراق إلى تركيا، وفقا للاتفاقية الموقعة بين أنقرة وأربيل، مخزون في ميناء جيهان لمدة ستة أشهر على الأقل». وتابع غل: «نتمنى أن يكون العراق دولة مستقرة يمكنها استخدام مصادرها كافة من أجل شعبها»، مشيرا إلى أن «التطورات التي يشهدها العراق تهم تركيا في المقام الأول، لأنها دولة جارة». وأشار الرئيس التركي إلى أن «مسألة توزيع أرباح النفط ما زالت مسألة جدل. ولقد حدثت مفاوضات بين تركيا وإقليم كردستان من أجل نقل النفط والغاز والطاقة إلى أوروبا عبر الأراضي التركية، وسنضع الدستور العراقي مرجعا لحل هذه المشكلة، فالدستور يقول إن 84 في المائة من الأرباح تكون للحكومة المركزية، والباقي لإقليم كردستان».