انطلاق مشاورات «الدستور التوافقي» اليوم في الجزائر

قاطعتها أبرز الأحزاب وشخصيات المعارضة

TT

يبدأ وزير الدولة الجزائري أحمد أويحيى، اليوم، سلسلة لقاءات مع الطبقة السياسية والنقابات والشخصيات الفاعلة في المجتمع بخصوص مقترحات تعديل الدستور. لكن هذا المسعى يعرف مقاطعة أهم أحزاب المعارضة، وشخصيات معروفة بتحفظها الشديد إزاء الرئيس عبد العزيز بوتفليقة كشخص، باعتباره صاحب هذه المقترحات.

وأعلنت رئاسة الجمهورية في وقت سابق، عن توجيه دعوة المشاركة في الاستشارة لـ64 حزبا سياسيا و36 شخصية، وعشرات التنظيمات والجمعيات و12 أستاذا جامعيا.

وأوضحت أن 52 حزبا و30 شخصية أعطوا الموافقة، دون تحديد من رفضوا الخوض في مقترحات التعديل الدستوري، وتقديم آرائهم بخصوص ما ينبغي أن يكون في الدستور المرتقب الذي سماه بوتفليقة «توافقيا». ومعروف أن أكبر الأحزاب الإسلامية أعلنت مقاطعة الاستشارة، وأهمها حركة مجتمع السلم التي تواجه الانقسام الداخلي بسبب موافقة رئيسها السابق الشيخ أبو جرة سلطاني، عضو مجلس شورى الحزب حاليا، التعامل إيجابيا مع دعوة أويحيى، الذي يشغل منصب مدير ديوان رئاسة الجمهورية.

ويغيب عن اللقاءات، التي تدوم قرابة شهر، الحزب العلماني التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، وأقدم حزب معارض في البلاد جبهة القوى الاشتراكية، والحزب الليبرالي جيل جديد.

وعلى صعيد الشخصيات، سيغيب رؤساء الحكومات السابقين علي بن فليس، ومولود حمروش، وسيد أحمد غزالي، في حين سيشارك رئيسا الحكومة الأسبقين أحمد حمداني ومقداد سيفي. وأعلن الرجل القوي في النظام ووزير الدفاع سابقا الجنرال خالد نزار، رفضه الاستجابة للدعوة «بسبب عدم جدية المسعى»، على حد تعبيره. وكان نزار واحدا من كبار الضابط الذين رفضوا تولي بوتفليقة الرئاسة في 1999. وظلت الحساسية قائمة بين الرجلين حتى اليوم. فيما أبدى ثلاثة مرشحين سابقين لانتخابات الرئاسة التي جرت في 17 أبريل (نيسان) الماضي، ترحيبا بالمشاورات، وهم اليسارية لويزة حنون، وموسى تواتي، وعبد العزيز بلعيد.

ويبرر أغلب رافضي المسعى موقفهم، بكون المقترحات الدستورية «لا تحمل أي شيء إيجابي بخصوص التقليص من صلاحيات السلطة التنفيذية (الرئيس والوزير الأول)، لصالح مؤسسات الرقابة، خصوصا البرلمان». كما لم تأت، حسبهم، بالجديد على صعيد توسيع هوامش الحريات والحقوق الفردية والجماعية. ومن أهم ما جاء في المقترحات «تعزيز الفصل بين السلطات وتدعيم استقلالية القضاء، ودور البرلمان وتأكيد مكانة المعارضة وحقوقها، وضمان المزيد من الحقوق والحريات للمواطنين». ويقول مراقبون، إن «أبرز شيء في وثيقة مراجعة الدستور، هو تعديل المادة 74 التي تتحدث عن الترشح للرئاسة، إذ إن بوتفليقة يقترح الحد من الترشح لأكثر من ولايتين (خمس سنوات في الولاية). واللافت أن دستور 1996 تضمن هذا التدبير، لكن بوتفليقة نفسه ألغاه في 2008، وفتح لنفسه باب الترشح لولاية ثالثة».

ويرافع حزب الأغلبية جبهة التحرير الوطني لصالح اعتماد نظام شبه رئاسي مع صلاحيات محدودة للبرلمان. ويعني ذلك الإبقاء على النظام الحالي كما هو. ويمنح الدستور سلطات الملوك للرئيس، على حد تعبير المعارضة. فهو رئيس السلطتين التنفيذية والقضائية، وبإمكانه التشريع بدل البرلمان. ويؤخذ على بوتفليقة أنه حافظ على هيمنته على كل المؤسسات في مقترحات تعديل الدستور.

وكان بوتفليقة شكل لجنة من خمسة خبراء قانونيين لوضع مشروع تمهيدي لتعديل الدستور في السابع من أبريل (نيسان) 2013 قبل 20 يوما من إصابته بجلطة دماغية، ونقله للعلاج في فرنسا لمدة ثلاثة أشهر. وأنهت هذه اللجنة عملها في سبتمبر (أيلول) الماضي، وقدمت تقريرها لرئيس الجمهورية، بحسب رئيس الوزراء عبد المالك سلال.

وصرح بوتفليقة في منتصف مايو (أيار) الماضي، بأن مقترحاته مفتوحة على كل الآراء وأنه لن يتردد في مراجعتها. وعد مراجعة الدستور محطة مهمة في حياة الأمة، داعيا «الشخصيات والأحزاب السياسية والمنظمات أن تسهم في هذه الورشة ذات البعد الوطني، والتي أرجو أن تفضي إلى مراجعة توافقية للدستور».