حكومة الثني تواصل تحديها للبرلمان.. والمتطرفون يهدمون مقبرة الصحابة في درنة

الناطق باسم الحكومة الليبية لـ«الشرق الأوسط»: ننتظر حكم القضاء قبل تسليم السلطة لمعيتيق

TT

واصلت أمس الحكومة الانتقالية التي يترأسها عبد الله الثني في ليبيا تحديها لطلب المؤتمر الوطني العام (البرلمان) منها تسليم السلطة إلى رئيس الحكومة الجديد أحمد معيتيق، ونفت أي اتفاق على نقل السلطة إلى حكومة معيتيق قبل صدور حكم قضائي.

وقال أحمد الأمين الناطق باسم الحكومة الليبية لـ«الشرق الأوسط» في تصريحات خاصة عبر الهاتف من العاصمة طرابلس: «لا صحة لوجود اتفاق لتسليم السلطة وصلاحيات الحكومة، عملية التسليم والتسلم ستستغرق أسبوعين على الأقل وفقا لتقدير رئيس اللجنة المكلفة من المؤتمر الوطني بالإشراف على هذه العملية». وأضاف: «لن يجري تسليم السلطة بين يوم وليلة، رغم أننا بدأنا بالفعل، كما أعلنا في بيان رسمي أخيرا، في إعداد محاضر التسليم والتسلم، لكننا ما زلنا ننتظر نتيجة الطعن المقدم أمام المحكمة الدستورية العليا من بعض أعضاء المؤتمر الوطني على قرار رئيسه نوري أبو سهمين باعتماد معيتيق رئيسا للحكومة الجديدة».

وكان الأمين يرد بهذه التصريحات على ما نقلته وكالة أنباء الأناضول التركية أمس عن معيتيق الذي زعم أنه على وشك تسلم السلطة، مضيفا: «نتسلم السلطة من حكومة الثني اليوم».

ولم يرد معيتيق على محاولات «الشرق الأوسط» الاتصال به هاتفيا للحصول على معلومات إضافية، لكن الناطق باسم حكومة الثني قال في المقابل لـ«الشرق الأوسط»: «ليس لدينا علم بما هو منسوب للسيد معيتيق، وموقفنا واضح ومعلن، تسليم السلطة لن يجري قبل صدور حكم المحكمة الدستورية العليا».

وأعلن عز الدين العوامي، النائب الأول لرئيس المؤتمر الوطني، تأييده لإعلان الثني الاحتكام إلى القانون في هذه الأزمة ونفى في مؤتمر صحافي عقده مساء أول من أمس إبلاغه سلفا بالبيان الذي صدر باسم نوري أبو سهمين رئيس المؤتمر الذي ينتقد فيه رفض الثني التسليم لحكومة معيتيق ويتهمه بالمراوغة في تسليم السلطة.

ويخشى مراقبون محليون من احتمال واضح لحدوث فوضى إذا انهارت المفاوضات حول البرلمان ومنصب رئيس الوزراء، حيث نقلت وكالة رويترز عن دبلوماسي غربي قوله: «هناك خطورة في ذلك.. من سيوقع الشيكات؟ من سيدير البلاد؟ وصلنا إلى هذه النقطة الآن». وأضاف: «يلوح خطر حدوث تشوش حقيقي بشأن من يتولى المسؤولية».

وكان الثني، وهو وزير دفاع سابق أعلن قبل أسابيع استقالته بسبب محاولة للهجوم على أسرته، قد أكد أنه غير متمسك بالسلطة، وليس على خلاف مع معيتيق.

وقال الثني في مقابلة تلفزيونية: «إن المحكمة الدستورية ستنظر في الطعن المقدم إليها خلال أسبوعين اعتبارا من اليوم»، لافتا إلى أن حكومته ستبدأ في إعداد ملفات التسليم والتسلم لحكومة معيتيق أو أي حكومة أخرى، وفقا للقرار الذي سيصدر عن المحكمة.

وإضافة إلى أعمال العنف التي تهز البلاد، تواجه ليبيا أزمة سياسية مع حكومتين تتنازعان السلطة؛ فهناك حكومة معيتيق التي انتخبت خلال تصويت أثار جدلا واسعا خلال الشهر الماضي وهي مدعومة من الإسلاميين.

وقرر المؤتمر الوطني تحت ضغط الشارع إجراء انتخابات حددت في الخامس والعشرين من الشهر الجاري بعد رفض قرار التمديد لأعضائه حتى نهاية العام الجاري بعد انتهاء ولايته في شهر فبراير (شباط) الماضي.

من جهة أخرى، عدت حكومة الثني أن المظاهرات الحاشدة التي خرجت أول من أمس في عدة مدن ليبية هي بمثابة تأكيد من الشعب على إصراره على بناء دولة القانون والمؤسسات.

وقالت الحكومة في بيان أصدرته أمس إن خروج الجموع الليبية يؤكد أن الشعب الليبي يمثل الشرعية الوحيدة للبلاد وأنه يخاطب الذين يستمعون لصوته ويحترمون إرادته، كما تعهدت بأن تكون منصة لصوت الشعب وملبية لندائه وستعمل على خدمته مهما كانت التحديات وترى في ذلك واجبا لن تتردد في الوفاء به.

وحيت حكومة الثني مظاهرات جمعة إنقاذ ليبيا، معربة عن فخرها واعتزازها بالمتظاهرين الذين خرجوا في كل ربوع البلاد داعمين للجيش والشرطة ومنددين بالإرهاب ومطالبين بدولة القانون وضرورة احترام مؤسسات القضاء.

وكان آلاف الليبيين قد تظاهروا في العاصمة طرابلس وعدة مدن أخرى دعما للواء المنشق خليفة حفتر الذي يقود منذ نحو أسبوعين عملية لمكافحة الإرهاب ويناهض حكومة معيتيق المدعوم من الإسلاميين.

وقدم اللواء حفتر نفسه على أنه قائد «الجيش الوطني» وأعلن أنه يريد إنقاذ البلاد من «الإرهابيين» وانضم إليه عدد من الضباط والجنود المنشقين، حيث أطلق حفتر حملته في بنغازي التي تعد معقلا للإسلاميين المتشددين، إلا أن السلطات الليبية وصفت تحركه بـ«المحاولة الانقلابية».

إلى ذلك، اغتال مجهولون مساء أول من أمس محمد أبو بلال آمر كتيبة شهداء بوسليم، كما جرى تفجير أكبر محل للعطور والمستلزمات النسائية لكن من دون ضحايا، في مدينة درنة التي تعد المعقل الرئيس للجماعات الإسلامية المتشددة في شرق ليبيا.

وفى وقت سابق هدم متطرفون موالون لتنظيم القاعدة في درنة «مقبرة الصحابة التاريخية»، التي تضم رفات سبعين صحابيا وصلوا مع طلائع جيش عمرو بن العاص.

ولم يتبق لليبيا بعد أربعة عقود من حكم العقيد الراحل معمر القذافي وثلاثة أعوام سادتها الفوضى بعد الإطاحة به سوى القليل من مؤسسات الدولة التي تتمتع بالشرعية ومن دون جيش وطني لفرض شكل ما من أشكال الاستقرار.