70 سنة من العلاقات الثنائية الكويتية ـ الإيرانية

بدأت من خلال الموانئ القديمة على ضفتي الخليج وعززها الموقف من الغزو العراقي

TT

يعود تاريخ العلاقات الثنائية الكويتية - الإيرانية إلى منتصف القرن الماضي، حينما كان العامل الاقتصادي والتبادل التجاري هو المحرك الأول للعلاقة بين البلدين المتقاسمين ضفتي الخليج العربية الشرقية والغربية، حيث كان التبادل التجاري يجري بين موانئ الكويت وموانئ المحمرة وبوشهر وبندر عباس الإيرانية، إلى جانب تجارة الترانزيت التي كانت رائجة بين البلدين على ضفتي الخليج.

ومع استقلال الكويت من الحماية البريطانية عام 1961، شهدت العلاقات بين البلدين تطورا ملحوظا، حيث كانت إيران من أوائل الدول التي اعترفت رسميا باستقلال الكويت، وأسست معها علاقات دبلوماسية ثنائية عام 1962. كان آخر محطاتها تسلم أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أوراق اعتماد السفير علي رضا عنايتي سفيرا للجمهورية الإسلامية الإيرانية لدى دولة الكويت في 21 مايو (أيار) الماضي.

وبعد قيام الثورة الإسلامية في إيران عام 1979، كان أمير الكويت الحالي الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أول مسؤول رفيع المستوى من منطقة الخليج يزور إيران بعد قيام الثورة فيها، إذ كان يشغل وقتها منصب نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية، وقام بزيارة رسمية إلى طهران في يونيو 1979.

ومع اجتياح قوات الرئيس العراقي صدام حسين الكويت في أغسطس (آب) 1990 أعلنت إيران منذ الأيام الأولى رفضها التام للاحتلال العراقي، وأيدت قرار مجلس الأمن رقم 660، الذي دعا العراق إلى الانسحاب غير المشروط من الكويت، كما أبلغت طهران الأمم المتحدة امتثالها لقرار مجلس الأمن رقم 661 القاضي بفرض المقاطعة الشاملة على العراق، والتزامها التام بتنفيذه، وهو الموقف الذي قوبل بارتياح من الدول العربية، وعلى رأسها القيادة الكويتية.

وبعد تحرير الكويت من الغزو العراقي، عمل الجانبان الكويتي والإيراني على إعادة بناء وترسيخ أواصر العلاقات فيما بينهما على أسس جديدة أكثر شمولا وثباتا في جميع المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية، حيث زار الشيخ صباح الأحمد طهران في يناير (كانون الثاني) 2003، حينما كان يشغل وقتها منصب النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية، للتباحث حول ظروف المنطقة آنذاك، وخصوصا في ظل استعدادات واشنطن لشن حملة عسكرية على العراق، وأسفرت تلك الزيارة عن نتائج إيجابية أبرزها تطابق وجهات النظر بين الجانبين الكويتي والإيراني حول أهمية التوصل إلى حل سلمي للأزمة العراقية، مطالبين النظام العراقي بتنفيذ قرارات مجلس الأمن، بما فيها القرار 1441.

وأثمرت تلك الزيارة التوقيع على ثلاث مذكرات تفاهم بين البلدين في المجالات الاقتصادية والفنية إلى جانب الاتفاق على رفع مستوى اللجنة التجارية المشتركة بين البلدين إلى اللجنة العليا للتعاون الاقتصادي والثقافي والعلمي والعسكري والأمني، برئاسة وزيري خارجية البلدين.

وفي فبراير (شباط) 2006، زار الرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد الكويت، وبحث مع أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد العلاقات الثنائية وسبل تعزيزها، مما يعطي دليلا واضحا على عمق العلاقات بين البلدين، ووصف نجاد وقتها علاقات بلاده مع الكويت بأنها جيدة، لافتا إلى أن البلدين يشتركان في القواسم السياسية والاقتصادية والتجارية والتاريخية والجغرافية والثقافية التي تجمع بينهما.

وأمنيا، قام مسؤولون من الجانبين بالتنسيق حيال قضايا الأمن الداخلي والخارجي بداية من عام 1992، عندما قام وزير الداخلية الكويتي آنذاك الشيخ أحمد الحمود الصباح، بزيارة طهران للاتفاق على إنشاء لجنة مشتركة لبحث سبل مكافحة تهريب المخدرات، وفي يونيو (حزيران) 1996 وقع وزير الداخلية الكويتي حينها الشيخ محمد الخالد الصباح خلال زيارته إلى طهران مذكرة تفاهم مع نظيره الإيراني حول سبل تعزيز التعاون الأمني ومكافحة تهريب المخدرات بين الجانبين.

كما زار رئيس الحكومة الكويتية الشيخ جابر المبارك، حينما كان يشغل منصب نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع في سبتمبر (أيلول) 2002 طهران للتوقيع على مذكرة تفاهم دفاعي ثنائية، تعد الأولى من نوعها بين إيران ودولة خليجية.

أما اقتصاديا، فقد بلغ حجم التبادل التجاري بين الكويت وإيران عام 2010 نحو 213 مليون دولار أميركي، وبلغت حصة صادرات إيران للكويت منها 103 ملايين دولار، بينما بلغت وارداتها 110 ملايين دولار، إذ تُعد الفاكهة والخضراوات والمكسرات والسجاد ومواد البناء والأجهزة الكهربائية أهم الأصناف التي تستوردها الكويت من إيران، في حين تصدر إليها الحديد والصلب والأنابيب المعدنية ومادة اليوريا.

ووقع الجانبان الكويتي والإيراني في أكتوبر (تشرين الأول) عام 1999 اتفاقية تعاون تجاري للمناطق الحرة، التي تهدف إلى تسهيل نقل البضائع عن طريق البحر، كما وقع الجانبان في يناير عام 2000 مذكرة تفاهم تجارية عقب اجتماعات اللجنة الكويتية الإيرانية المشتركة، إلى جانب توقيع اتفاقية تعاون ثنائي في مجال انتقال الأيدي العاملة والشؤون الاجتماعية والتدريب الحرفي والمهني في يناير 2001.

ووقعت الكويت وطهران اتفاقية تجنب الازدواج الضريبي بين البلدين خلال زيارة نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية الكويتي آنذاك الشيخ محمد صباح السالم إلى طهران في يناير 2008.

أما على الصعيد الإنساني، فسبق لدولة الكويت أن ساهمت في مساعدات قدمها مجلس التعاون الخليجي بقيمة 400 مليون دولار، للتخفيف من حدة آثار الزلزال الذي ضرب مدينة بام الإيرانية، في ديسمبر (كانون الأول) عام 2003.

وفي مايو الماضي، سلمت سفارة دولة الكويت لدى النمسا تبرعا ماليا قدره 250 ألف يورو إلى الوكالة الدولية للطاقة الذرية، للمساهمة في دعم أنشطتها الخاصة بالرصد والتحقق في إيران بموجب خطة العمل المشتركة التي جرى التوصل إليها في 24 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي بين مجموعة «5+1» وإيران.

وبحسب بيان رسمي، ذكر سفير الكويت لدى النمسا وممثلها الدائم لدى المنظمات الدولية صادق معرفي أنه التقى المدير العام للوكالة الدولية يوكيا أمانو، وسلمه المبلغ الذي يأتي استجابة لنداء وجهته الوكالة لتوفير ميزانية خاصة لأنشطتها الخاصة بإيران قيمتها 5.5 مليون يورو.

وأضاف أن الكويت قدمت هذه المساهمة الطوعية إيمانا بالدور الذي تقوم به الوكالة في الرقابة والتفتيش بالدول التي لديها منشآت نووية، بهدف تشجيع الاستخدامات السلمية للطاقة النووية والحد من التسلح.