شيوخ «صحوات الأنبار» يبحثون في بغداد مبادرة المالكي وسط خلافات حادة

أنصار الحردان مستاؤون من رد الحكومة الاعتبار إلى جماعة أبو ريشة

TT

في وقت لم تتحول المبادرة التي أطلقها الأسبوع الماضي رئيس الوزراء نوري المالكي والمتضمنة الدعوة إلى عقد مؤتمر للوحدة الوطنية في محافظة الأنبار إلى ورقة عمل موحدة حتى لدى الحكومة المحلية ومجلس المحافظة اللذين فوجئا بها، عقد عدد من شيوخ الأنبار ممن أسسوا صحوات جديدة العام الماضي بدعم من الحكومة المركزية بالضد من الصحوات التي كان أسسها أحمد أبو ريشة اجتماعا في بغداد أمس لتدارس الكيفية التي يتمكنون من خلالها إيجاد موطئ قدم لهم في المؤتمر المذكور.

وقال وسام الحردان، رئيس مؤتمر صحوة العراق، في مؤتمر صحافي عقده مع عدد من شيوخ الأنبار، في فندق عشتار شيراوتون وسط بغداد إن «اجتماعنا المصغر هذا جاء لمناقشة مبادرة رئيس الوزراء نوري المالكي بشأن حل أزمة الأنبار لتوحيد الجهد وتناسي الخلافات، فحن نرحب بكل القوى السياسية والاجتماعية والنقابات ورجال الدين للمشاركة معنا في حل أزمة الأنبار ما عدا (داعش)». وأضاف أن «هناك من فجر بيته وقتل أهله وكل من له حق سيأخذه لكن بعد القضاء على الإرهاب»، لافتا إلى أن «رجال الصحوات في الأنبار كانت لهم معارك شرسة ضد الإرهاب في الصقلاوية وبعض مناطق المحافظة، لكن المشكلة أن الإرهابيين مدربون بشكل جيد ولديهم أسلحة متطورة، لذا نحتاج لتوحيد والجهد التعاون من الجميع ووضح استراتيجية لطرد الإرهاب وبشكل نهائي من العراق».

يذكر أن الصحوة التي أسسها الحردان كانت قد تزامنت مع تأسيس المجلس التأسيسي لأبناء العراق بزعامة محمد الهايس الذي قتل ابنه العام الماضي على أيدي تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام «داعش» وهو ما جعله يتهم قادة المظاهرات والاعتصامات في وقتها بالضلوع في مقتله. وتولت هذه المجاميع دعم القوات الحكومية في مقاتلة «داعش» وهو ما جعل رئيس الوزراء نوري المالكي يسحب البساط من تحت أقدام رئيس مؤتمر صحوة العراق أحمد أبو ريشة بعد انضمامه إلى المظاهرات وقيادتها مع كل من علي حاتم السليمان ورافع العيساوي وأحمد العلواني.

غير أن تطور المعارك بعد رفع خيم الاعتصام أواخر العام الماضي وانتقال المعارك إلى داخل الرمادي واحتلال الفلوجة من قبل «داعش» وإعلانها «إمارة إسلامية» دفع المالكي إلى إجراء لقاءات مع أبو ريشة تولى القسم الأكبر منها وزير الدفاع سعدون الدليمي الذي ينتمي إلى قبيلة أبو ريشة وهو ما أدى إلى انسحاب أبو ريشة من الاعتصامات والتحاقه بالحكومة الأمر الذي عده عدد من قادة الصحوات، في المقدمة منهم وسام الحردان وحميد الهايس، محاولة لاسترضاء أبو ريشة بأي ثمن من قبل الحكومة.

وفي هذا السياق، قال فارس إبراهيم، عضو المجلس التأسيسي لأبناء العراق، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» بأن «الصحوات وأبناء العراق أصيبوا بخيبة أمل عندما أعادت الحكومة الاعتبار لمن وقف ضدنا في ساحات الاعتصام ولمن صدرت بحقه مذكرات إلقاء قبض (محمد خميس أبو ريشة) وغيرهم بالإضافة إلى أحمد أبو ريشة الذي عاد الآن بعد أن أدرك أن الغلبة باتت للقوى الوطنية وليس لمن رفع رايات الحرب والتوجه إلى بغداد والشعارات الطائفية».

وأضاف إبراهيم أن «أهالي الأنبار وقفوا مع الأجهزة الأمنية ودفعوا في سبيل ذلك الغالي والنفيس لذلك فإننا لا نريد لهذه الجهود أن تسرق من قبل من كان متهما بعمليات قتل وإجرام، وبالتالي فإننا ننظر إلى هذا التحول من قبل هؤلاء على أنه تحول مريب كما أن ما عملته الحكومة جاء على حسابنا».

وفيما أعلنت جماعات الصحوات التابعة للحردان ومؤتمر إنقاذ الأنبار بقيادة حميد الهايس تأييدها لمبادرة المالكي، فإن إبراهيم أشار إلى أن «أهالي الأنبار يحتاجون اليوم إلى من يقف معهم في مواجهة داعش وليس إلى مجرد مؤتمرات مع ترحيبنا بها لكنننا لا يمكن أن نقبل أن يتساوى من قدم التضحيات مع من كان متهما بالإرهاب، إذ أن هذه الأمور يجب أن تكون واضحة في المؤتمر لأننا نواجه عدوا شرسا وموحدا».

من جهته، أكد الشيخ حميد الكرطاني، أحد شيوخ ووجهاء مدينة الفلوجة، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «هذا المؤتمر الذي دعا إليه المالكي إنما هو محاولة ليس لتوحيد المواقف والرؤى بين أهالي الأنبار في مواجهة التنظيمات الإرهابية، كما يدعون، بل هو محاولة لترطيب الأجواء بين الشيوخ والصحوات الداعمين للحكومة والمختلفين فيما بينهم»، واصفـا هذا الأمر بـ«أنه يثير السخرية إذ إنهم جميعا مع الحكومة بل وبينهم من هو مقيم في بغداد ولا يستطيع الوصول إلى الأنبار ولكن كل واحد منهم يرى إنه هو الذي تقف الجماهير خلفه ويحاول إقصاء الآخرين، وهو أمر وإن كان يفيد الحكومة تكتيكيا بتمكينها من السيطرة على الجميع، إلا أنه لا قيمة له حيال مواجهة المسلحين المدربين والموحدين معا».