عباس يعلن استعادة «وحدة الوطن» بعد أداء حكومة التوافق اليمين ويؤكد أنها تعترف بإسرائيل

وساطة عربية سوت خلاف اللحظة الأخيرة مع حماس بشأن وزارة الأسرى.. وواشنطن ترحب

عباس يصافح وزير الخارجية خلال تأدية حكومة التوافق الفلسطينية اليمين أمامه في رام الله أمس (أ.ب)
TT

أعلن الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن)، أمس، نهاية حقبة الانقسام الفلسطيني بين حركتي فتح وحماس وذلك بعد دقائق من أداء حكومة التوافق الفلسطينية اليمين الدستورية أمامه، برئاسة رامي الحمد الله. وأعلنت الحكومة أمس من 17 وزيرا يشغلون 21 حقيبة بعد «وساطة عربية» حسمت خلاف اللحظات الأخيرة بعد اعتراض حركة حماس على إلغاء وزارة الأسرى وعلى تسمية رياض المالكي وزيرا للخارجية. وتوصلت الأطراف الفلسطينية إلى إبقاء الوزارة مؤقتا على أن تحول لاحقا إلى هيئة مستقلة تابعة لمنظمة التحرير. وبينما لوحت إسرائيل بعقوبات تستهدف الحكومة الوليدة، قالت الولايات المتحدة بأنها تعتزم العمل معها وستواصل تقديم المساعدة للسلطة الفلسطينية لكن ستراقب سياساتها.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية جين ساكي: «بناء على ما نعرفه الآن نعتزم العمل مع هذه الحكومة لكننا سنتابع عن كثب لنتأكد من أنها تدعم المبادئ التي أكدها الرئيس عباس». وأضافت: «لكننا سنواصل تقييم تشكيلة الحكومة الجديدة وسياساتها ومن ثم سنحدد نهجنا».

وكان عباس قال بعد تأدية الوزراء اليمين أمامه: «اليوم نعلن استعادة وحدة الوطن واستعادة وحدة المؤسسات، (..) لقد طويت هذه الصفحة السوداء من تاريخنا إلى الأبد، ولن تعود ولن يسمح شعبنا بأن تتكرر، واليوم نعلن العودة إلى الأصول والقواعد الراسخة والتقاليد الثابتة في مسيرتنا».

وترأس عباس أول اجتماع حكومي غاب عنه أربعة وزراء من غزة منعتهم إسرائيل من الوصول إلى الضفة الغربية. وقال في مستهل الاجتماع: «أنهينا الانقسام وفي طريقنا لإتمام المصالحة الوطنية». وأضاف: «المرحلة استثنائية وصعبة، ولكن نحن نواجه التحديات ونتغلب عليها، وهذه الحكومة ستستمر كالعادة كباقي الحكومات السابقة ووفقا لمبادئ وركائز الحكومات السابقة، بما يشمل بناء مؤسسات المجتمع المحلي الفلسطيني والمساءلة والمحاسبة وسيادة القانون واحترام القانون الدولي، وهذا المبدأ العام ويجب علينا المحافظة عليه والاستمرار في تنفيذ سياسات الحكومة السابقة».

وحرص عباس على إرسال رسائل طمأنة للمجتمع الدولي، قائلا: «إن الحكومة ملتزمة بمبدأ الدولتين على حدود 1967. كما أنها ملتزمة بالاعتراف بدولة إسرائيل ونبذ العنف واحترام الاتفاقات الموقعة بما فيها التنسيق الأمني مع إسرائيل، إضافة إلى قرارات الرباعية الدولية».

وكان وزير الخارجية الأميركي جون كيري اتصل بعباس قبل ساعات من إعلان الحكومة للتأكد من هويتها.

وفي إشارات إضافية مطمئنة من عباس، قال أمس بأنه ما زال يؤمن بأن «الطريق الأسلم والأحسن الذي يجب أن نسلكه من أجل الوصول إلى حقوقنا هو طريق المفاوضات».

وتحدث عباس عن مهمة الحكومة الجديدة، موضحا أنها تتركز على تسهيل إجراء الانتخابات، وقال: «اتفقنا على أن الانتخابات ستكون خلال ستة أشهر، وسنصدر خلال يوم أو يومين رسالة موجهة لكم وموجهة للجنة الانتخابات المركزية للإعداد والتحضير للانتخابات، وموعد الانتخابات سيتفق عليه مع لجنة الانتخابات المركزية».

وكان 13 وزيرا (بعد تغيب أربعة وزراء) أدوا اليمين أمام عباس في مقره في رام الله بعد ساعات عسيرة كادت تفشل الاتفاق بسبب وزارتي الخارجية والأسرى.

وتركز الخلاف في الأيام القليلة الماضية على إصرار عباس على تولي رياض المالكي وزارة الخارجية وإلغائه وزارة الأسرى ورفضت حماس الأمرين، لكنها بعد ذلك قبلت بالمالكي مع إعلان التحفظ عليه وأصرت على إبقاء وزارة الأسرى.

وقبل ساعات قليلة من إعلان الحكومة، أعلنت حماس أنها لن تشارك في حكومة تلغي وزارة الأسرى، قبل أن تتدخل شخصيات قطرية وأردنية وتونسية من أجل تسوية الخلاف، ويتراجع عباس عن إلغاء الوزارة مؤقتا، حسب مصادر فلسطينية مطلعة من قطاع غزة لـ«الشرق الأوسط».

وقالت المصادر إنه جرى الاتفاق على تسلم الحمد الله وزارة الأسرى أو أن يختار لاحقا وزيرا لتسيير شؤونها لحين الاتفاق على مصير الوزارة.

وبالفعل أعلن الحمد الله لاحقا أنه أوكل مهام الإشراف على الوزارة لوزير الشؤون الاجتماعية لحين إتمام إجراءات تحويلها إلى هيئة.

وبحسب المصادر فقد «جمد» قرار عباس تحويل وزارة الأسرى إلى هيئة تابعة لمنظمة التحرير ولم يلغ، وإن تحويل الوزارة إلى هيئة سينفذ في نهاية المطاف متوقعة أن يعلن ذلك بعد انتهاء إضراب الأسرى الحالي.

وتألفت الوزارة من 17 وزيرا، تسعة من الحكومة القديمة وثمانية وزراء انضموا حديثا. وبقي رئيس الوزراء رامي الحمد الله، في منصبه وأسندت إليه وزارة الداخلية، كما بقي محمد مصطفى نائبا له وأسندت إليه وزارة الاقتصاد، وبقي زياد أبو عمر نائبا ثانيا للحمد الله وأسندت إليه وزارة الثقافة.

والوزراء الذين بقوا في مواقعهم، هم رياض المالكي، لوزارة الشؤون الخارجية، وشكري بشارة للمالية والتخطيط، وعدنان الحسيني للقدس، ورولا معايعة للسياحة، وجواد عواد للصحة.

أما الوزراء الجدد فهم، خولة الشخشير لوزارة التربية والتعليم العالي، وسليم السقا لوزارة العدل، وعلام موسى للاتصالات والمواصلات، ومفيد حساينة للأشغال والإسكان، وشوقي العيسة للزراعة والشؤون الاجتماعية وكلفه الحمد الله لاحقا بوزارة الأسرى، وهيفاء الآغا لشؤون المرأة، ومأمون أبو شهلا للعمل، ويوسف ادعيس للأوقاف. وحضر جميع الوزراء مراسم اليمين باستثناء أبو شهلا وحساينة والسقا والآغا بعد منعهم من قبل الاحتلال الإسرائيلي من مغادرة غزة. وأعلن لاحقا أبو شهلا اعتذاره عن تسلم منصبه بسبب عدم التخصص، وقال: إنه وافق على وزارة الاقتصاد وليس العمل.

ومع إعلان الحكومة الجديدة، تكون حركة حماس قد غادرت الحكم نهائيا بعد سبع سنوات من سيطرتها على قطاع غزة. وقال إسماعيل هنية، رئيس الوزراء المقال، في كلمة متلفزة بعد أداء الحكومة لليمين: «نحن نغادر اليوم من موقع الإنجاز والمنتصر على أعداء الشعب ونغادر من موقع القوة والاقتدار والرغبة والإيمان المطلق بضرورة الوحدة والشراكة». وأضاف: «نحن نسلّم لحكومة جديدة برسم الحوار الوطني الفلسطيني».

وحدد هنية مهام الحكومة الجديدة بإنهاء الحصار عن قطاع غزة وإعادة الإعمار والتحضير للانتخابات الرئاسية والتشريعية وللمجلس الوطني وترتيب المؤسسة الأمنية والمصالحة المجتمعية. وقدم هنية الاعتذار لمن مسهم أي سوء من حكومته. وكانت حركة حماس، باركت فورا حكومة الوفاق الوطني قائلة بأن الجهد سيتركز الآن على إنهاء آثار الانقسام.

وفي إسرائيل شنت الحكومة الإسرائيلية هجوما عنيفا على الحكومة الجديدة. وقال رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، بأنه يستغرب إدانة الحكومات الأوروبية الاعتداء في المتحف اليهودي في بروكسل وفي نفس الوقت تتحدث عن حكومة حماس بصورة ودية: «الأمر الذي يدعم الإرهاب وليس السلام».

ودعا نتنياهو، أمس، أعضاء المجلس الوزاري المصغر للشؤون الأمنية والسياسية إلى عقد اجتماع استثنائي لمناقشة تشكيل حكومة التوافق الوطني الفلسطينية. وفي وقت لاحق أمس قرر اجتماع الحكومة الأمنية المصغرة تخويل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو فرض عقوبات إضافية على السلطة الفلسطينية. وقال مكتب نتنياهو إن إسرائيل ستحمل السلطة الفلسطينية المسؤولية التامة عن أي هجمات على الدولة العبرية.