خادم الحرمين مهنئا السيسي: توكل على الله واستعن برجالات مصر الأكفاء.. وليكن صدرك رحبا للجميع

دعا إلى مؤتمر للمانحين لمساعدة القاهرة في تجاوز أزمتها الاقتصادية

TT

دعا خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، إلى مؤتمر لأشقاء وأصدقاء مصر للمانحين «لمساعدتها في تجاوز أزمتها الاقتصادية»، محذرا كل من يتخاذل عن تلبية هذا الواجب وهو قادر مقتدر «فإنه لا مكان له غدا بيننا إذا ما ألمت به المحن وأحاطت به الأزمات».

وناشد الملك عبد الله، في برقية وجهها للرئيس المصري المنتخب عبد الفتاح السيسي، «كل الأشقاء والأصدقاء في الابتعاد والنأي بأنفسهم عن شؤون مصر الداخلية بأي شكل من الأشكال». وشدد على أن «المساس بمصر، يعد مساسا بالإسلام والعروبة، وهو في ذات الوقت مساس بالمملكة العربية السعودية، وهو مبدأ لا نقبل المساومة عليه، أو النقاش حوله تحت أي ظرف كان».

وكان خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز أبرق مهنئا الرئيس عبد الفتاح السيسي، بمناسبة إعلان اللجنة المصرية للانتخابات الرئاسية، بفوزه برئاسة بلاده، وأزجاه النصيحة قائلا: «ليكن صدرك رحبا فسيحا لتقبل الرأي الآخر مهما كان توجهه، وفق حوار وطني مع كل فئة لم تلوث يدها بسفك دماء الأبرياء، وترهيب الآمنين»، وبين أن الحوار «متى ما التقى على هدف واحد نبيل، وحسنت فيه النوايا فإن النفس لا تأنف منه ولا تكبر عليه»، واصفا الأحداث التي طالت جمهورية مصر العربية وشعبها في الفترة الماضية، وما خلفته من فوضى، بأنها «فوضى الضياع، والمصير الغامض، الذي استهدف ويستهدف مقدرات الشعوب وأمنها واستقرارها»، واصفا فوز السيسي بأنه «يوم تاريخي، ومرحلة جديدة من مسيرة مصر الإسلام والعروبة»، وفيما يلي نص البرقية:

«صاحب الفخامة الأخ العزيز الرئيس عبد الفتاح السيسي، سلمه الله، رئيس جمهورية مصر العربية الشقيقة، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد: في يوم تاريخي، ومرحلة جديدة من مسيرة مصر الإسلام والعروبة، يسرنا أن نهنئكم بالثقة الكريمة لشعب أودعكم آماله، وطموحاته، وأحلامه، من أجل غد أفضل.

إنها الثقة التي تتكاتف فيها القلوب قبل الأكف، بين كل شرائح المجتمع المصري، بكل فئاته، وتوجهاته، ودياناته، لمواجهة مرحلة استثنائية من تاريخ مصر الحديث.

فخامة الأخ الرئيس: اسمحوا لأخيكم المحب لوطنه الثاني، الحريص على وحدة شعبه واستقرار أمنه، أن يعبر لكم عن مشاعره بكل شفافية تأنف الزيف، ليقول لكم: إن شعب جمهورية مصر الشقيق الذي عانى في الفترة الماضية من فوضى، أسماها البعض ممن قصر بصره على استشراف المستقبل بـ«الفوضى الخلاقة» التي لا تعدو في حقيقة أمرها، إلا أن تكون فوضى الضياع، والمصير الغامض، الذي استهدف ويستهدف مقدرات الشعوب وأمنها واستقرارها.

هذه الفوضى الدخيلة علينا، والتي ما أنزل الله بها من سلطان، قد حان وقت قطافها دون هوادة، وخلاف ذلك لا كرامة ولا عزة لأي دولة وأمة عاجزة عن كبح جماح الخارجين على وحدة الصف والجماعة، ناسين أو متناسين قول الحق جل جلاله: (والفتنة أشد من القتل)، فتوكل على الله في سرك وعلانيتك، إيمانا بأنه لا ناصر لك غيره ولا معين، واستعن بعد ذلك برجالات مصر الأكفاء، وليكن مقياس ذلك القوي الأمين انصياعا لقول الحق تعالى: (إن خير من استأجرت القوي الأمين).

إن المرحلة القادمة محملة بعظم المسؤولية التي تستدعي بالضرورة من كل رجل وامرأة من أشقائنا شعب مصر، أن يكونوا روحا واحدة، وأن يكونوا على قدر من المسؤولية والوعي واليقظة وأن يتحلوا بالصبر، وأن يتحملوا في المرحلة القادمة كل الصعاب والعثرات، ليكونوا عونا لرئيسهم بعد الله، فمن يسبق يأسه صبره، سيجلس على قارعة الطريق يلوك الحسرة والندم، وحاشا لله أن يكون ذلك، فوعي شعب مصر قادر - بإذن الله - على العبور بها فوق كل العوائق والصعاب، ليتحقق ما نصبو إليه جميعا من أمن هو عماد الاستقرار لشعب مصر الشقيق بعد الله.

فخامة الأخ الرئيس: إننا نعلم بأنكم مقبلون على مرحلة لا يحسدكم عليها كل محب مخلص، وفي هذا المجال اسمحوا لي بأن أذكر نفسي وأخي الكريم بأن ميزان الحكم لا يستقيم إلا بضرب هامة الباطل بسيف عماده العدل، وصلابته الحق، لا ترجح فيه كفة الظلم متى ما استقام واستقر بعروة الله الوثقى، ولنحذر جميعا بطانة السوء، فإنها تجمل وجه الظلم القبيح، غير آبهة إلا بمصالحها الخاصة، هؤلاء هم أعوان الشيطان وجنده في الأرض.

أخي الكريم: ليكن صدرك رحبا فسيحا لتقبل الرأي الآخر مهما كان توجهه، وفق حوار وطني مع كل فئة لم تلوث يدها بسفك دماء الأبرياء، وترهيب الآمنين، فالحوار متى ما التقى على هدف واحد نبيل، وحسنت فيه النوايا فإن النفس لا تأنف منه ولا تكبر عليه.

إننا من مكاننا هذا، نقول لكل الأشقاء والأصدقاء في هذا العالم إن مصر العروبة والإسلام أحوج ما تكون إلينا في يومها هذا من أمسها، لتتمكن من الخروج من نفق المجهول إلى واقع يشد من أزرها، وقوتها، وصلابتها في كل المجالات، ولذلك فإني أدعوكم جميعا إلى مؤتمر لأشقاء وأصدقاء مصر للمانحين، لمساعدتها في تجاوز أزمتها الاقتصادية، وليعِ كل منا أن من يتخاذل اليوم عن تلبية هذا الواجب وهو قادر مقتدر - بفضل من الله - فإنه لا مكان له غدا بيننا إذا ما ألمت به المحن وأحاطت به الأزمات.

مناشدا في ذات الوقت كل الأشقاء والأصدقاء في الابتعاد والنأي بأنفسهم عن شؤون مصر الداخلية بأي شكل من الأشكال، فالمساس بمصر، يعد مساسا بالإسلام والعروبة، وهو في ذات الوقت مساس بالمملكة العربية السعودية، وهو مبدأ لا نقبل المساومة عليه، أو النقاش حوله تحت أي ظرف كان. نقول ذلك توكلا على الله وإيمانا راسخا ثابتا بأن من ينصر الله ينصره ويثبت أقدامه وإنا - إن شاء الله - لفاعلون.

هذا ونسأل الله أن يحفظ مصر الشقيقة من الفتن والشقاق، وأن يمن عليها بالأمن والاستقرار والازدهار، وأن يردع كيد كل حاقد كاره يريد بها وبأهلها السوء، هذا وبالله استعنا، وعليه توكلنا، وإليه ننيب، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

خادم الحرمين الشريفين عبد الله بن عبد العزيز آل سعود ملك المملكة العربية السعودية»