اتفاق لوقف النار بين الجيش والحوثيين برعاية الأمم المتحدة

تضمن انسحاب الحوثيين وتبادل الأسرى ونشر مراقبين عسكريين > وفد برلماني يمني في باريس لطلب الدعم

TT

أعلن في العاصمة اليمنية صنعاء، أمس، عن توقف المعارك بين قوات الجيش، وجماعة الحوثيين، المتمردة، في محافظة عمران شمال البلاد، بعد التوصل إلى اتفاق هدنة، تحت رعاية دولية، وإشراف لجنة رئاسية جديدة، شكلها الرئيس عبد ربه منصور هادي.

ونشرت وكالة الأنباء الحكومية، بنود الاتفاق، الذي حظي بترحيب من مساعد الأمين العام للأمم المتحدة ومستشاره الخاص لليمن جمال بنعمر، ويتضمن وقفا فوريا لإطلاق النار، بدأ سريانه ظهر أمس، في جميع نقاط التوتر والاشتباكات في محافظة عمران، ووقف الحشود والتعزيزات والاستحداثات من قبل كل الأطراف، ونشر مراقبين عسكريين محايدين للإشراف على وقف إطلاق النار، والتأكد من التزام كافة الأطراف بالتنفيذ، وانسحاب الحوثيين من السجن المركزي ونقطة سحب وتسلم الشرطة العسكرية لها، وفتح طريق «عمران - صنعاء»، وتتولى الشرطة العسكرية مسؤولية تأمينه. وشكل الرئيس هادي لجنة رئاسية جديدة، لتنفيذ بنود هذا الاتفاق، يرأسها وزير الدفاع اللواء الركن محمد ناصر أحمد، وتضم 11 شخصا، من القيادات العسكرية، وممثلين عن الحوثيين، وشخصيات قبلية.

وأكد المبعوث الأممي جمال بنعمر، في بيان صحافي نشره مكتبه، أهمية التزام الأطراف كافة على بنود هذا الاتفاق من أجل إعادة الأمن والاستقرار إلى المنطقة. وقال بنعمر بأنه قام بمشاورات مكثفة مع قيادات أمنية وسياسية وممثلين عن أنصار الله، وهي التسمية التي تطلق على الحوثيين، من أجل نزع فتيل التوتر. وأبدى عضو مؤتمر الحوار عصام القيسي، مخاوف تجاه جدية تنفيذ هذا الاتفاق، وعبر في تصريح لـ«الشرق الأوسط» عن خشيته أن يلقى الاتفاق مصير الاتفاقات السابقة، وقال: «الخوف أن تكون اتفاقات الهدنة هي حصان طروادة، يجري من خلالها تسليم المدن لجماعة خارجة عن القانون»، مضيفا: «هناك غموض حقيقي في موقف رئيس الدولة ووزير الدفاع، من موضوع سيادة الدولة وهيبتها». موضحا أن البلاد «تحتاج إلى منطق تفادي الحرب، من خلال إظهار قوة الدولة، عبر إجراءات ذكية ومدروسة، وخطاب إعلامي محكم».

وخاض الجيش والحوثيون، معارك عنيفة، في محافظة عمران، 50 كلم، شمال صنعاء، واستمرت 15 يوما، سقط خلالها أكثر من 400 قتيل، معظمهم من الحوثيين، وعشرات الجرحى، بحسب إحصائيات أولية. وقالت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط»، بأن الهدوء خيم على مناطق المواجهات، مع بدء سريان اتفاق وقف إطلاق النار، خاصة في بلدة عيال سريح، والجنات، والجميمية، والمرحة، والضبر، بعد ليلة دامية، شهدتها هذه المناطق. ونفذ الحوثيون ليلة أول من أمس، أضخم هجوم على مواقع يسيطر عليها اللواء 310. الذي يقوده اللواء حميد القشيبي المقرب من الجنرال علي محسن الأحمر.

وذكرت مصادر طبية أن الحوثيين شنوا هجوما واسعا، على المداخل الجنوبية، لمدينة عمران، بعيد خطاب متلفز لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، بثه تلفزيون «المسيرة»، وتمكن الجيش من صد هذا الهجوم، الذي استخدم فيه دبابات ومدافع، وأسلحة متوسطة، وأكدت المصادر، سقوط عشرات القتلى والجرحى، في صفوف الحوثيين، وشاهد سكان محليون، عشرات الجثث على متن سيارات خاصة بالحوثيين، وأفادت بسقوط 14 قتيلا، وجرح 40 آخرين، في صفوف الجيش استقبلهم مستشفى عمران الحكومي، ليلة الثلاثاء، بينهم امرأة وطفل، في المواجهات التي اندلعت في قرية بنى ميمون، ببلدة عيال سريح، جنوب مدينة عمران.

وقال راجح لـ«الشرق الأوسط» بأن الأوضاع مأساوية، بعد أن تحولت القرية إلى ميدان للمواجهات العنيفة خلال الأيام الماضية. موضحا أن أكثر من 600 شخص أغلبهم من الأطفال والنساء نزحوا من القرية، التي يقطنها نحو 3000 نسمة، مطالبا الدولة بالقيام بواجبها في حماية السكان، وإبعاد جميع الأطراف عن استخدام المناطق الآهلة بالسكان من أي مواجهات مسلحة.

من جهة ثانية زار وفد يمني أمس مجلس الشيوخ الفرنسي لطلب دعم فرنسا في حين يواجه اليمن حربا مع تنظيم القاعدة في الجنوب وحركة تمرد شيعية في الشمال. وأعلن رئيس الوفد راجح بادي مستشار رئيس الوزراء اليمني والمتحدث باسم الحكومة «لدينا شعور أن الوضع يتعقد ونحن بحاجة إلى التضامن الدولي.. وإلا فإن كل مكتسبات الربيع العربي ستذهب هدرا وإذا انهارت الدولة فإن الثمن سيكون باهظا علينا جميعا». وقال أيضا «نشن حربا دون هوادة ضد تنظيم القاعدة في جنوب البلاد. ولدينا في الشمال جبهة أخرى ضد الحوثيين الشيعة الذين تدعمهم إيران». وقالت رئيسة مجموعة الصداقة الفرنسية اليمنية عضو مجلس الشيوخ الوسطية ناتالي غوليه بأن «اليمن بحاجة إلى الوكالة الفرنسية للتنمية والمساعدة التقنية معا، وأن تتدخل فرنسا أيضا لدى كبرى الدول المانحة ولا سيما دول الخليج لكي تفي بوعودها».

وفي 2013. وعد مؤتمر الجهات المانحة بتقديم 7.9 مليار دولار على مدى عامين. ولم يحصل اليمن حتى اليوم إلا على ملياري دولار فقط، كما قالت غوليه. واغتنم تنظيم القاعدة ضعف السلطة المركزية في 2011 في اليمن مع اندلاع حركة الاحتجاج الشعبية ضد الرئيس السابق علي عبد الله صالح لتعزيز مواقعه في البلاد. وشن الجيش في نهاية أبريل (نيسان) هجوما في محاولة لطرد مقاتلي تنظيم القاعدة من معاقلهم في محافظتي أبين وشبوة الجنوبيتين. ويشتبه في سعي الحوثيين حيث يسيطرون على محافظة صعدة، إلى توسيع منطقة نفوذهم في الدولة الفيدرالية اليمنية المقبلة التي ستتألف من ست محافظات.