فرنسا تفرش السجاد لملكة بريطانيا بمناسبة زيارة الدولة الخامسة لها

سلطات باريس قررت إطلاق اسم إليزابيث الثانية على سوق الزهور والعصافير

TT

من بين عشرين رئيس دولة وحكومة مدعوين للمشاركة في احتفالات الذكرى السبعين لإنزال الحلفاء على شواطئ نورماندي الفرنسية، وبينهم الرئيسان الأميركي باراك أوباما والروسي فلاديمير بوتين، ستحظى الملكة إليزابيث الثانية بالأولوية، ليس فقط لأنها ملكة بريطانيا وكندا وأستراليا ونيوزيلندا، لكن لأنها بالدرجة الأولى تؤدي زيارة دولة لفرنسا هي الخامسة من نوعها منذ صعودها إلى العرش عام 1953. وكانت أولى زياراتها كملكة عام 1957، وآخرها عام 1998 عندما كان جاك شيراك رئيسا للجمهورية. وكانت المناسبة تدشين تمثال ونستون تشرشل في العاصمة الفرنسية.

وصلت الملكة إليزابيث الثانية ذات الثمانية والثمانين عاما، بقطار اليوروستار، أمس، إلى باريس التي تهيأت مسبقا وأعدت لضيفتها برنامجا بروتوكوليا واحتفاليا للأيام الثلاثة التي ستقضيها في فرنسا ما بين العاصمة وشواطئ نورماندي يليق بالزائرة الكبيرة: استقبال أول في محطة قطارات الشمال في باريس لدى وصولها، استقبال رسمي تحت قوس النصر مع خيالة الحرس الجمهوري وموسيقاه وبرفقة الرئيس فرنسوا هولاند، ثم نزول جادة الشانزليزيه باتجاه القصر الجمهوري، واضطر البروتوكول لترك السيارة الرئاسية في المرأب لأن الملكة لا تستطيع ركوبها بسبب سقفها المنخفض الذي لا يلائم القبعات الاستثنائية للملكة إليزابيث الثانية. وأفادت أوساط القصر بأن اللقاء الضيق الذي جرى أمس بين الملكة والرئيس هولاند بحضور وزيري خارجية البلدين كرس للعلاقات الثنائية بين الدولتين، علما بأن الملكة تملك ولا تحكم. وأمس، أنهت الملكة نهارها بحفل «غاردن بارتي» في مقر إقامة السفير البريطاني في باريس حيث أمضت ليلتها.

اليوم، تتجه الملكة إليزابيث الثانية إلى منطقة نورماندي، حيث يوافيها وفد بريطاني رفيع المستوى يضم ولي العهد الأمير تشارلز، وأعضاء من العائلة الملكية، إضافة إلى رئيس الوزراء ديفيد كاميرون، قبل أن تحضر عشاء دولة في قصر الإليزيه. وخلال احتفالات نورماندي واحتراما لمرتبتها، ستكون الملكة إليزابيث الثانية دوما إلى يمين الرئيس الفرنسي.

وقالت أوساط البروتوكول إن تفاصيل العشاء «جرت مناقشتها مع قصر ويندسور». ورغم أن العشاء سيكون فرنسيا، فإن طباخي الرئاسة أعدوا الوجبات التي تحبها الملكة. وسيحضر عشاء الدولة 240 شخصا اختيروا بعناية ويمثلون قطاعات الثقافة والاقتصاد والسياسة والرياضة والفن من على جانبي بحر المانش.

ومن المعروف أن الملكة إليزابيث الثانية تتكلم الفرنسية بطلاقة، وتحب باريس التي زارتها للمرة الأولى وهي مراهقة. وتحتفظ الملكة بذكريات مؤثرة لزيارتها الأولى لسوق الزهور والعصافير في العاصمة والقريبة من القصر البلدي الذي ستزوره رسميا صباح غد السبت كما هو معمول به في مثل هذا النوع من الزيارات. بيد أن الملكة تريد «ملاقاة سكان باريس خصوصا الشباب منهم»، حسبما أكد مسؤول البروتوكول في القصر الرئاسي. ولذا، فإن لقاء مع مجموعة من الشباب نظم لهذا الغرض. وبعدها تنتقل الملكة إلى مطار فيلاكوبلي العسكري حيث ستقام على شرفها مراسم التوديع بحضور هولاند.

والمرجح أن هذه الزيارة ستكون الأخيرة لإليزابيث الثانية كملكة إلى باريس التي تجيئها مرة كل عشر سنوات تقريبا. وربما هذا الأمر هو ما دفع باريس لإطلاق اسمها على سوق الزهور والعصافير. وهذه البادرة استثنائية بحد ذاتها وتعكس الرغبة في تكريم ملكة بريطانيا حيث لا تسمى الشوارع والساحات بأسماء العظماء والمشاهير إلا بعد مماتهم.

ما قامت به ملكة بريطانيا من زيارات دولة إلى فرنسا قام بمثله الرؤساء الفرنسيون إلى العاصمة البريطانية وآخرهم الرئيس السابق نيكولا ساركوزي الذي حازت زوجته العارضة السابقة والمغنية الحالية كارلا بروني إعجاب الجمهور البريطاني بأناقتها وبمعرفتها لتفاصيل البروتوكول الإنجليزي، بما في ذلك كيفية الانحناء أمام صاحبة الجلالة، فضلا عن إتقانها اللغة الإنجليزية وهو ما تتفوق به على زوجها.