اشتباكات بالأيدي وتحطيم صرافات آلية في غزة بسبب «الرواتب»

سفير واشنطن لدى إسرائيل: لا مانع من التعامل مع الحكومة الجديدة بما أنها لا تضم وزراء ينتمون إلى حماس

TT

بعد 48 ساعة على تشكيل حكومة التوافق الفلسطينية، تفجرت خلافات سريعة بين حركتي فتح وحماس بشأن رواتب الموظفين الذين عملوا سنوات مع سلطات حماس ولم يتلقوا رواتبهم على غرار موظفي السلطة الفلسطينية.

وتحولت الخلافات إلى اشتباكات عنيفة في قطاع غزة بين موظفي حماس وموظفي السلطة، إذ أغلق موظفو حماس البنوك واعتدوا على موظفي السلطة ومنعوهم من تلقي رواتبهم قبل أن يتدخل الأمن في غزة ويطوق البنوك ويغلق الصرافات الآلية التي تعرض بعضها للتحطيم.

واتهمت الأجهزة الأمنية في الضفة الغربية، أفراد حماس بإطلاق النار والاعتداء على موظفي السلطة وتحطيم الصرافات الآلية.

وقال اللواء عدنان الضميري، المتحدث باسم الأجهزة الأمنية: «إن عصابات البلطجة في حركة حماس يمنعون الموظفين من تلقي رواتبهم ويطلقون النار ويضربون المواطنين ويحطمون الصرافات الآلية، وأبلغوا البنوك عدم فتح أبوابها اليوم لصرف رواتبهم».

وعد الضميري هذه التصرفات بمثابة إجراء خطير على أجواء المصالحة، مضيفا: «إننا ننتظر ردا من قيادات حماس لشجب ووقف هذا التصرف بكل الوسائل».

من جهته، رد إياد البزم، الناطق باسم الأجهزة الأمنية في غزة، بقوله إن الشرطة تدخلت من أجل السيطرة على الموقف حفاظا على أمن المواطنين وحماية البنوك.

وقالت قيادة الشرطة في غزة إن «توقيف صرف الرواتب جاء تقديرا للموقف الأمني، وإن انتشار الشرطة حول البنوك في قطاع غزة جاء لمنع وقوع أي أعمال مخلة بالنظام العام وامن العام ولمنع وقوع أي اشتباكات أو مناوشات بين أفراد مجتمعنا بكل فئاته وأطيافه».

وكانت السلطة صرفت رواتب منتسبيها المسجلين على قوائم ماليتها، بينما لم تصرف رواتب الموظفين المسجلين على قوائم حكومة حماس السابقة، مما أدى إلى اشتباكات بين الطرفين عرفت بأزمة الصراف الآلي.

وهاجمت حماس حكومة التوافق الجديدة، وقال موسى أبو مرزوق، عضو المكتب السياسي للحركة، إن مهمة حكومة التوافق الوطني هي وحدة المؤسسات لا تكريس الانقسام بينها.

وأضاف أن «هذه حكومة توافق وطني، أي إنها بديل لحكومتي الانقسام في رام الله وغزة، أي إنها ليست خلفا لأي من الحكومتين ولكنها بديل عنهما، ولا يجوز أن تعد نفسها استمرارا لحكومة رام الله، والأخرى يفتح الله». وتابع: «تصرفات الحكومة تريد تكريس أننا فريقان، وأن هناك شرعيون وآخرون غير ذلك، تريد أن تزرع الشقاق من جديد، وترجع الانقسام الذي تركناه وراء ظهورنا»، مضيفا: «أقول هذا وقد حذرنا من ردود الفعل لتلك التصرفات، يجب أن يعامل الجميع بعدالة وإنصاف ومن دون تمييز».

وحملت نقابة الموظفين في قطاع غزة، حكومة الوفاق الفلسطيني، المسؤولية عما وصفته بإعادة أجواء الانقسام وتمييزها بين الموظفين. وقال محمد صيام، رئيس نقابة الموظفين في قطاع غزة، خلال مؤتمر صحافي: «إن النقابة لن تقبل التمييز بين موظفي غزة والضفة، وهي تقف على مسافة واحدة من موظفي السلطة الوطنية الفلسطينية».

وأضاف صيام: «لن نبرر لحكومة التوافق الفلسطيني تأخير الرواتب بحجة تشكيل اللجان، فمن حقنا على الحكومة أن تصرف رواتبنا».

وردت حركة فتح على حماس باتهامها بتنفيذ مصالحة رواتب، وقال أسامة القواسمي إن ما حدث مساء أمس من اعتداء على موظفي السلطة الفلسطينية ومنعهم من تسلم رواتبهم وإغلاق البنوك في وجوههم - عمل بلطجي، مضيفا: «إن هذا الاعتداء غير المسؤول ليؤكد أن حماس لا تتعامل مع المصالحة ضمن رؤية استراتيجية أو وطنية وإنما تهدف إلى توفير الرواتب لموظفيها وعناصرها، مما يعني أن المصالحة بالنسبة لهم مجرد راتب مع الحفاظ على الأجهزة الأمنية تحت سيطرتهم».

وأوضح ناطق حكومي أمس في رام الله أن الحكومة ستوفر الخدمات الحكومية، بما في ذلك الرواتب، للمواطنين في الضفة وغزة ضمن آليات اتفاق القاهرة، مشيرا في مؤتمر صحافي إلى أن اللجان المالية والإدارية تحتاج إلى وقت.

وتحدث رئيس نقابة العاملين في الوظيفة العمومية بسام زكارنة، من رام الله، حول الآليات المرتقبة، قائلا: «إن الأشخاص الذين عينوا خلال مرحلة الانقسام في غزة لا يحق لهم الاعتداء على الموظفين الشرعيين».

وأضاف: «الأشخاص الذين عينوا خلال مرحلة الانقسام في غزة عليهم انتظار اللجان المختصة التي ستنظر في أوضاعهم»، موضحا أنه لن يجري استيعاب هؤلاء الأشخاص إلا وفق الهياكل والموازنات المتوافرة، وأنه من المستحيل إدراجهم في قوائم الموظفين الشرعيين دون مرورهم على اللجان المختصة.

واستطاعت السلطة دفع رواتب موظفيها بعدما حولت لها إسرائيل أموال الضرائب، عن الشهر الماضي، رغم قرار «الكابينت» مقاطعة السلطة.

وتواصلت المناوشات الكلامية بين مسؤولين إسرائيليين وأميركيين أمس حول الاعتراف بحكومة التوافق الفلسطينية.

واتهم مسؤولون إسرائيليون وزير الخارجية الأميركي جون كيري بخرق تعهداته أمام إسرائيل بعدم الاعتراف بالحكومة الفلسطينية الجديدة.

ونقلت صحيفة «يديعوت أحرنوت»، عن مسؤولين إسرائيليين، قولهم إن الولايات المتحدة أعطت ضوءا أخضر لباقي دول العالم كي تعترف بالحكومة الفلسطينية.

وتحدث المسؤولون عن أنه يجب التركيز حاليا على إقناع الكونغرس الأميركي بوقف تحويل الأموال إلى السلطة الفلسطينية.

وقال وزير السياحة الإسرائيلي عوزي لانداو، إن اعتراف الإدارة الأميركية بالحكومة الفلسطينية الجديدة شكل مكافأة للإرهاب. مضيفا: «إن سياسة المصالحة التي تتبعها الإدارة الأميركية تثبت للعالم عامة، وللفلسطينيين خاصة، أن الإرهاب يعود بالفائدة على الضالعين فيه».

وردت مصادر أميركية باتهام إسرائيل بالتصرف بعكس ما تعلن، قائلة إن إسرائيل حولت الأموال للسلطة وتريد من الولايات المتحدة عدم التعامل معها.

ورفض سفير الولايات المتحدة لدى إسرائيل، دان شابيرو، الانتقادات الإسرائيلية الموجهة إلى بلاده بالتعامل مع حكومة التوافق الفلسطينية الجديدة.

وأشار إلى أن الحكومة الجديدة لا تضم أي وزراء ينتمون إلى حركة حماس، وعليه فلا مانع لدى واشنطن من التعامل معها.

وأكد شابيرو أن الولايات المتحدة لا تتعاون مع أي حكومة تكون حركة حماس شريكة فيها مهما كانت الظروف، وأضاف أنه ليس لدى بلاده أي أوهام بالنسبة لحركة حماس التي تعد تنظيما إرهابيا.