أوباما يؤجل قرار تشديد العقوبات النفطية على إيران لستة أشهر

روحاني يزور تركيا الاثنين للقاء أردوغان.. ويواجه انتقادات من رجل الدين المتشدد يزدي

TT

أقر الرئيس الأميركي باراك أوباما، أمس، تأجيل تنفيذ قرار تشديد العقوبات النفطية على إيران لمدة ستة أشهر. وجاء القرار نتيجة للتدابير التي اعتمدتها إيران بشأن برنامجها النووي والاتفاق النووي بينها وبين القوى الكبرى.

ويبدو أن أوباما قرر عدم ممارسة الضغوط أكثر على بيع النفط الخام الإيراني لستة أشهر، وذلك نظرا إلى التعاون الإيراني والتدابير التي اعتمدتها طهران بشأن إضفاء مزيد من الشفافية على برنامجها النووي. وقال المتحدث باسم البيت الأبيض جاي كارني، أمس (الخميس) «قررت الولاات المتحدة تأجيل تطبيق العقوبات التي تسعى للحد من شراء النفط الخام الإيراني حتى الإعلان عن نتائج المفاوضات النووية بين إيران ومجموعة 5+1، وذلك في الوقت الذي تشير فيه الأسواق العالمية إلى وجود كميات كافية من الاحتياطيات النفطية التي تمكننا من الحد من شراء النفط من إيران».

وأضاف كارني «التزمت إيران بألا تعمل على تطوير المشاريع الحاسمة في برنامجها النووي مقابل الإجراءات والتخفيف من العقوبات». وتابع «لقد أيدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية حتى الآن التزام إيران بتعهداتها (التي وافقت عليها خلال المفاوضات مع مجموعة 5+1)». وأشار كارني إلى التقرير الصادر عن دائرة معلومات الطاقة الأميركية في شهر أبريل (نيسان) الماضي، والذي لفت إلى ارتفاع نسبة الاستهلاك العالمي للنفط خلال الأشهر الأخيرة حيث تجاوزت هذه النسبة مستوى الإنتاج العالمي للنفط، مما أدى إلى انخفاض بسيط في احتياطيات النفط في العالم وذلك مقارنة مع مطلع العام الجاري. وتابع «أدى الخلل في العرض العالمي للنفط إلى زيادة الاستهلاك العالمي للنفط أكثر من إنتاج النفط». وأضاف «قامت الولايات المتحدة بزيادة إنتاجها للنفط للتعويض عن هذا النقص والتدابير الأميركية أوفت بالغرض». وجاء القرار الأميركي في وقت توجد فيه كمية كافية من النفط في الأسواق العالمية لتلبية حاجات دول على غرار الصين والهند. وأضاف التقرير أن فائض الطاقة الإنتاجية للنفط قد ارتفع خلال الأشهر الأخيرة لكنه يبقى أقل من العام الماضي. وانخفض مخزون النفط للدول الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية عن العام الماضي بنسبة ثلاثة في المائة. واستقر سعر خام برنت قرب 110 دولارات للبرميل مقارنة مع مستوياته خلال الأشهر الستة الماضية.

في غضون ذلك، أعلن مصدر رسمي تركي أن الرئيس الإيراني حسن روحاني سيزور تركيا الاثنين في أول زيارة له إلى هذا البلد منذ انتخابه السنة الماضية. وأفاد المسؤول الذي طلب عدم كشف هويته، وكالة الصحافة الفرنسية، بأن روحاني سيتباحث في أنقرة مع رئيس الوزراء رجب طيب إردوغان بشأن العلاقات الثنائية والوضع في الشرق الأوسط. وأكد أن «هذه الزيارة كانت مرتقبة منذ وقت وأن وفدا كبيرا من الوزراء سيرافق الرئيس الإيراني».

وتحاول الجارتان تركيا وإيران تحسين علاقاتهما المتوترة بسبب النزاع السوري الذي تساند فيه أنقرة المعارضة في حين تدعم طهران نظام الرئيس بشار الأسد. و زار إردوغان في يناير (كانون الثاني) الماضي إيران، حيث أعلن نية البلدين في مضاعفة حجم مبادلاتهما التجارية خلال 2014 من 13.5 مليار دولار (عشرة مليارات يورو) إلى ثلاثين مليار دولار (22 مليار يورو). ويتوقع أن تتناول المباحثات بين الطرفين برنامج إيران النووي المثير للجدل.

يشار إلى أن الهوة الفاصلة بين حكومة روحاني والمتشددين من رجال الدين آخذة في الاتساع، وذلك بعد اتضاح أن المفاوضات النووية لا تسير بالشكل المطلوب كما كان متوقعا في طهران، خصوصا بعد أن أدركت إيران أن عليها أن تقدم المزيد من التنازلات للقوى الدولية. وقد دفعت هذه التطورات المتشددين إلى شن حملة واسعة النطاق ضد الحكومة لحثها على التفاوض حول الأمور الحاسمة على الصعيد النووي والإقليمي.

وبالتزامن مع مراسم إحياء الذكرى الرابعة والعشرين لرحيل زعيم الثورة الإيرانية آية الله الخميني، شن رجل الدين المتشدد مصباح يزدي هجوما شرسا على الرئيس الإيراني حسن روحاني، مشككا في مؤهلاته الدينية، ردا على تصريحات روحاني التي انتقد فيها بعض رجال الدين الذين قال إنهم «لا يشغلهم سوى التذمر من ضياع الدين وانتشار المد الحداثي». وبحسب الحوزات الشيعية في إيران استطاع روحاني أن يبلغ منزلة حجة الإسلام، وذلك بعد قضاء 4 إلى 5 سنوات في الدراسة الشرعية في الحوزة.

وتناقلت عدة وكالات أنباء إيرانية خبر إلقاء يزدي كلمة أمام عدد من الحجاج القادمين لإحياء ذكرى رحيل الخميني. كما انتقد روحاني الأسبوع الماضي المتشددين الذين وصفهم بأنهم «لا شاغل لهم سوى التذمر من تدين الناس، ويوم الحساب، دون أن يكون لهم أي علم بالدين أو يوم الحساب».

ويأتي رد يزدي على تصريحات روحاني بمثابة التشكيك في مؤهلاته الدينية، متسائلا: «من أين أتيت بعلوم الدين؟ من الحوزة أم من إنجلترا؟»، في إشارة إلى شهادة الدكتوراه التي حصل عليها روحاني قبل أكثر من عقد مضى من جامعة غلاسغو الاسكوتلندية. كما انتقد يزدي في معرض كلمته كلا من سياسة حكومة روحاني الداخلية والخارجية قائلا «هل قاتل الشعب وضحى بحياته فقط من أجل الحصول على الرخاء ورفع العقوبات؟». كما أشار يزدي إلى وجود «بعض الأئمة من أصحاب العمامات (في إشارة إلى روحاني) الذين يسعون إلى تقويض إرث الإمام الخميني، وذلك من خلال الدعوة إلى الفصل بين الإسلام والدولة»، موضحا سعي الخميني إلى قيام رجال الدين بتطبيق الشريعة لا إزالة العقوبات الاقتصادية عن البلاد. ووفقا للدستور الإيراني، وبحسب اليمين التي أقسمها روحاني عند تسلمه السلطة في البلاد، فإن الرئيس ملزم باتباع تعليمات الخميني في ما يخص القضايا الكبرى المتعلقة بسياسة البلاد الداخلية والخارجية.