أوروبا تعد إجراءات قانونية وتقنية لمتابعة من يشتبه بتوجهه للقتال في سوريا

هولاند يكشف أن ثلاثين فرنسيا قتلوا في صفوف المتشددين

مفوضة الشؤون الداخلية للاتحاد الأوروبي سيسليا مالمستروم تتحدث مع وزير الأمن العام وحماية المواطنين نيكوس ديندياس ووكيل وزير الداخلية اليوناني ليونيداس غريغوراكوس قبيل اجتماع لوكسمبورغ أمس (إ.ب.أ)
TT

قرر الاتحاد الأوروبي اتخاذ سلسلة إجراءات ملموسة للتعرف على الشباب الذين ذهبوا من أوروبا للقتال في سوريا ومنعهم من ارتكاب جرائم في حال عودتهم إلى القارة. وأعلن المنسق الأوروبي لمكافحة الإرهاب جيل دو كيرشوف في لكسمبورغ أمس أن دولا أوروبية عدة تستعد لوضع سلسلة إجراءات من بينها منع مواقع إلكترونية تابعة للمتشددين بالإضافة إلى إنشاء «مجموعة عمل» أوروبية تعمل على مواجهة الحملات التي يشنها متشددون في سوريا لجذب المقاتلين إلى صفوفهم.

وبحث وزراء داخلية تسع دول هي بلجيكا وفرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة وإسبانيا وإيطاليا والدنمارك والسويد والنمسا في لكسمبورغ، على هامش اجتماع رسمي مع نظرائهم، سبل تحسين إمكانات التعرف إلى المرشحين المستعدين للتوجه إلى سوريا للقتال، وتعميم هوياتهم على دول الاتحاد الأوروبي الآخرين وجعل مغادرتهم صعبة ومتابعتهم بعد عودتهم مع احتمال توقيفهم. وأشار كيرشوف إلى أن ضرورة احترام التوازن بين الدواعي الأمنية والحريات المدنية تفرض إجراء اختبار لفعالية الإجراءات المدروسة.

وستنعقد مجموعة عمل بعد عشرة أيام لإجراء فحص تقني وقانوني لهذه الإجراءات والآليات التي ستطبقها الأجهزة الأمنية في الدول الأعضاء. والهدف هو إقرار لهذه الإجراءات في الاجتماع غير الرسمي لوزراء داخلية الاتحاد الأوروبي الذي تنظمه الرئاسة الإيطالية للاتحاد في ميلانو في 9 يوليو (تموز).

وأكد دو كيرشوف أن «أكثر من ألفي أوروبي توجهوا أو يرغبون في التوجه إلى سوريا للقتال. بعضهم عاد. هذا لا يعني أن جميعهم يرغب في تنفيذ هجمات (بعد عودتهم) لكن بعضهم سيفعل».

وجاء الهجوم الذي استهدف المتحف اليهودي في بروكسل ليذكر بهذا الخطر. فالمتهم بهذا الهجوم هو شاب فرنسي متطرف، أوقف في مرسيليا (جنوب فرنسا) بعد ستة أيام على الهجوم. وأقام الفرنسي في سوريا طوال عام تقريبا. وأبلغت السلطات الفرنسية عنه في نظام معلومات «شينغن» الأوروبي المشترك، ولم يكن يفترض توقيفه عند عودته. لكن عناصر الجمارك الألمان الذين استرابوا في رحلته المعقدة دققوا في هويته عند وصوله إلى فرانكفورت، وأخطروا السلطات الفرنسية بعودته. لكن الأخيرة فقدت أثره مجددا بحسب المنسق الأوروبي.

ومن جهته، أعلن الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند مساء أول من أمس أن «أكثر من ثلاثين مواطنا فرنسيا» غادروا للقتال في سوريا قتلوا هناك. وقال هولاند في مؤتمر صحافي في ختام اليوم الأول من قمة مجموعة السبع في بروكسل بأنه في مواجهة ظاهرة المقاتلين الأجانب في سوريا، موضحا: «علينا أن نتعاون في شكل أكبر» وخصوصا على صعيد «الاستخبارات»، لافتا إلى «خطوات تم اتخاذها وسيتم اتخاذها». وأضاف: «قررنا التعاون من أجل منع ومعاقبة هذا النوع من التحرك الذي يمكن أن يؤثر على أمننا الخاص» مشيرا إلى المجزرة التي وقعت في 24 مايو (أيار) في المتحف اليهودي في بروكسل.

وحسب أرقام نشرتها السلطات الفرنسية نهاية أبريل (نيسان) الماضي، فإن نحو 300 شاب فرنسي توجهوا إلى سوريا وشاركوا في معارك وأن مائة سافروا عبر مناطق تسيطر عليها المعارضة السورية وأن مائة آخرين عادوا من سوريا وهم تحت مراقبة جهاز مكافحة الإرهاب.

وفي بيان صدر مساء أول من أمس أشار قادة مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى إلى أنهم «قرروا تكثيف الجهود من أجل الرد على التهديد الذي يشكله المقاتلون الأجانب الذين يتوجهون إلى سوريا». وقال الرئيس الفرنسي أيضا «هناك إدراك لما يجب القيام به منذ أكثر من عام ونصف» والتهديد الذي يمكن أن تمثله العودة إلى أوروبا «لأشخاص عندهم عقيدة وتدربوا في مناطق الحرب هذه».

وأوضح دو كيرشوف في لوكسمبورغ أمس أن الإجراءات الجديدة ينبغي أن تغلق الثغرات المماثلة في جهاز الأمن الأوروبي بحيث لا ينفذ عبر شباكه أي من المرشحين إلى القتال. وأضاف: «الأمن المضمون مائة في المائة ليس ممكنا. فهذا يحتاج إلى ديناميكية على النموذج الأميركي عبر قانون (باتريوت)، وهذا أمر ليس الأوروبيون مستعدين لفعله».

وبينما عقد الاجتماع في لوكسمبورغ أمس، أعلنت النمسا اعتقال رجل يشتبه بنشره الفكر المتشدد بين المسلمين وتجنيدهم للقتال في سوريا. وذكر الناطق باسم مكتب الادعاء في جراز، ثاني أكبر المدن النمساوية، أنه تم إلقاء القبض على الرجل قبل يومين في أعقاب مداهمات على مبان تابعة لجمعية التقوى الإسلامية في المدينة. وأضاف الناطق: «يشتبه في نشره التشدد بين الناس وتجنيدهم للقتال في سوريا». وقال: إن أربعة منهم قتلوا بالفعل في سوريا.

ورفض المتحدث الإدلاء بأي تفاصيل عن المشتبه به لكن مجلة «بروفايل» أفادت أنه رجل دين من أصل شيشاني ويبلغ من العمر 41 عاما وأنه جند مقاتلين لينضموا إلى «جبهة النصرة» في سوريا.