كاغ «المرأة الحديدية» التي قد تخلف الإبراهيمي للوساطة في سوريا

مسؤولة تدمير ترسانة دمشق الكيماوية تتحدث العربية وزوجها دبلوماسي فلسطيني سابق

سيغريد كاغ رئيسة البعثة الدولية لتدمير ترسانة الأسلحة الكيماوية السورية
TT

خلال تسعة أشهر، تولت الهولندية سيغريد كاغ مهمة تدمير ترسانة سوريا من الأسلحة الكيماوية، متحدية قذائف الهاون ومتنقلة بين الشرق الأوسط وأوروبا ونيويورك، ومجرية اتصالات مع موسكو وواشنطن والأساطيل البحرية. وفي الوقت نفسه، هي سيدة أنيقة وأم لأربعة أولاد، وتتكلم ست لغات، بينها العربية، بطلاقة، كما عملت في منطقة الشرق الأوسط مما قد يرشحها لخلافة الأخضر الإبراهيمي، الذي استقال من منصبه أخيرا بصفته مبعوثا دوليا وعربيا إلى الأزمة في سوريا.

ورغم أن سوريا لم تحترم المهل المحددة، فإن نقل 93 في المائة من أسلحتها الكيماوية المعلنة خارج البلاد يعد الإنجاز الوحيد المعقول، الذي كانت كاغ وراء تنفيذه، خلال النزاع الدموي في سوريا الذي أوقع أكثر من 160 ألف قتيل. ولمع نجم كاغ في المقر العام للأمم المتحدة مع الإشادة بامرأة عملت في صندوق الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) إلى جانب ملكة الأردن رانيا، وحلمت أن تصبح يوما مغنية.

وتتكلم كاغ، البالغة من العمر 52 سنة، اللغة العربية بطلاقة. ويقول دبلوماسيون إنها أنجزت عملا ممتازا من خلال رئاستها البعثة الدولية لتدمير ترسانة الأسلحة الكيماوية السورية، كما أنها تحظى باحترام في دمشق، حيث أطلق عليها البعض اسم «المرأة الحديدية».

وصرح أحد الموظفين المحليين العاملين معها لوكالة الصحافة الفرنسية بوصفها بأنها «لا تتوقف عن العمل وتكاد لا تنام». ويرجح إسناد مهمة كبرى إليها بعد انتهاء عملها في الأشهر القليلة المقبلة، وذكرت وسائل إعلام أنها قد تخلف الإبراهيمي في منصب الوسيط لعملية السلام بسوريا، في حين يتوقع آخرون أن تتولى منصبا آخر في المنطقة.

وتستبعد كاغ الادعاءات القائلة بأن المرأة الغربية تجد صعوبة في العالم العربي، وتقول إن الآخرين تعاملوا معها دائما باحترام. وصرحت في مقابلة: «أعتقد أن المرأة تملك إمكانات كبرى في أي مفاوضات». وأضافت: «يمكن للمرأة أن تستخدم أساليب كثيرة، أن تكون حازمة في توجيه الرسالة والتفاوض. لكن، أعتقد أن للنساء مهارة خاصة».

وزوج كاغ دبلوماسي فلسطيني سابق، وهي ترى أن كون أولادها من أب عربي يساعد أيضا، على حد قولها. لكنها تضيف قائلة إنه «في نهاية المطاف، يحكم على الأفراد استنادا إلى إنجازاتهم، إذا كان الفرد صادقا وإذا كان ملتزما وإذا كان قادرا على إتمام المهمة على أفضل وجه».

وبوصفها رئيسة البعثة المشتركة بين الأمم المتحدة ومنظمة منع انتشار الأسلحة الكيماوية، تعمل مع 110 موظفين. وفي دمشق، تقول إن قذائف هاون سقطت في محيط الفندق الذي تنزل فيه وتعمل منه، وإنها صرفت موظفين لم يكونوا قادرين على التعامل مع مثل هذا الوضع. وقالت: «يجب الحفاظ على الهدوء وأن يبقى المرء متماسكا». وأضافت: «تشعر بالامتنان إن نجوت من انفجار القذائف، لكنك تعلم جيدأ انك تعيش في ساحة حرب».

ونجحت كاغ في شغل مناصب رفيعة بعد أن انتقل والدها أستاذ الموسيقى إلى مصر للالتحاق بالجامعة الأميركية في القاهرة. وتحمل كاغ شهادة ماجستير من جامعة أكسفورد، وعملت في القطاع الخاص لحساب مجموعة شل الهولندية العملاقة في لندن لسنتين، قبل أن تلتحق بوزارة الخارجية الهولندية. وقررت كاغ الاستقالة من منصبها بعد أن التقت زوجها في القدس والتحقت بوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا).

وخلال العقدين الماضيين، عاشت في القدس والأردن ونيويورك والسودان وسويسرا، وتبنت طفلا وأنجبت ثلاثة، محاولة التوفيق بين عملها وعائلتها. وكانت كاغ سابقا المسؤولة الثالثة في برنامج الأمم المتحدة للتنمية ومديرة «اليونيسيف» للشرق الأوسط وشمال أفريقيا، والتقت خلال شغلها هذه الوظائف السيدة الأولى السورية أسماء الأسد.

وفي مهمتها الحالية، لم تأخذ قسطا من الراحة. فقد توفيت والدتها منذ انتقالها إلى دمشق وتقر بأنه من «الصعب جدا» أن ترى أولادها الذين تتراوح أعمارهم بين 11 و19 سنة. وتعيش حاليا في القدس الشرقية إلى حيث انتقلت الأسرة العام الماضي.

فهل يقلقون من كونها تعيش في بلد يشهد حربا؟ فترد مبتسمة: «أنهم يشعرون بطمأنينة لأنني أحظى بحماية، لكنهم يعلمون أنها محدودة». وتصف نفسها بأنها شخص «يبحث عن النتائج أولا» وأن أعصابها من حديد.

وقالت: «لا أشعر بالهلع أو الذعر بسهولة». والاستثناء الوحيد هو عندما كادت طائرة صغيرة كانت على متنها تتحطم.