استمرار حرب التصريحات بين الحكومة المغربية والقناة التلفزيونية الثانية

اتهمتها بغياب الحياد والموضوعية في تقاريرها

مصطفي الخلفي وزير الإعلام المغربي و سميرة سيطايل مديرة قسم الأخبار بالقناة الثانية
TT

تواصلت أمس حرب التصريحات بين مديرية الأخبار بالقناة التلفزيونية المغربية الثانية «دوزيم»، التي ترأسها سميرة سيطايل، ووزارة الاتصال (الإعلام)، وذلك على خلفية اتهام الوزارة للقناة بعدم التزامها الحياد والموضوعية عند تقديم تقارير إخبارية تتعلق ببرامج الحكومة، وذلك في ظل الجدال المحتدم بين الطرفين.

وكان مصطفى الخلفي، وزير الإعلام الناطق الرسمي باسم الحكومة، قد كشف الخميس الماضي أنه بعث رسالة احتجاج إلى لجنة الأخلاقيات بالقناة، على خلفية بث «دوزيم» ريبورتاجا حول قرار الحكومة إنقاذ الصندوق الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب من الإفلاس، بحجة أن تناول الخبر لم يكن مهنيا، ولم يأخذ رأي الحكومة في موضوع هي طرف رئيس فيه، كما أن آراء المواطنين الذي جرى عرضها كانت غير محايدة، بسبب تدخل الصحافي في توجيهها.

بدوره، طلب عبد الإله بن كيران، رئيس الحكومة، الاحتكام إلى الهيئة العليا للإعلام المرئي والمسموع من أجل تقييم الاستراتيجية الإعلامية للقناة، التي تتهمها الحكومة بعدم احترام الهوية الثقافية والقيم الأخلاقية للبلاد، من خلال بث المسلسلات المستوردة والأفلام التي تعرضها، بالإضافة إلى بثها برامج تمجد الجريمة.

وفي هذا السياق، دافعت مديرية الأخبار في القناة أول من أمس عن الريبورتاج الذي عرضته بشأن تدخل الحكومة لإنقاذ المكتب المغربي للماء والكهرباء، الذي عرض في 27 مايو (أيار) الماضي، ضمن نشرة الأخبار، بيد أن الوزارة ردت أمس بدورها على القناة.

وأوضحت مديرية الأخبار أن تغطيتها لخبر توقيع الاتفاقية بين الحكومة والمكتب اتبعت معايير المهنية المتعارف عليها، وأنها قدمت وجهات نظر مختلفة، مشيرة إلى أنها استضافت في نشراتها الإخبارية، التي بثتها قبل الريبورتاج موضوع الخلاف، كلا من عبد القادر عمارة، الوزير المكلف القطاع، وعلي الفاسي الفهري مدير المكتب، وأضافت أنها منحت في اليوم الموالي الكلمة للمواطنين واستقبلت ضيفا يمثل جمعية للمستهلكين.

وأوضحت مديرية الأخبار أنه من الخطأ القول إنه جرى تغييب وجهة نظر الحكومة، بل وضع بشكل جيد ولائق في المواعيد الإخبارية. وختمت توضيحها بالقول إن «بث آراء المواطنين المستجوبين، والضيف الذي كان له رأي سلبي إزاء قرار الحكومة، أمر عادي وطبيعي، لأننا لم نقم سوى بنقل الواقع، وبالتالي لا ينبغي تأويل ذلك بأنه موقف معين من لدن مديرية أخبار القناة الثانية».

وردا على هذا التوضيح، أصدر المستشار الإعلامي لوزير الاتصال أمس بيانا تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه جاء فيه «إذ نسجل سرعة تفاعل مديرية الأخبار بالقناة الثانية للدفاع عن نفسها، نلفت الانتباه إلى أن موضوع الانتقاد والإحالة على لجنة الأخلاقيات بالقناة الثانية، هو التقرير الإخباري والريبورتاج الذي تضمنه، والذي بثته القناة ضمن نشرة الظهيرة يوم الثلاثاء 27 مايو الماضي، وخصصت له سبع دقائق و20 ثانية»، مضيفا أن «محاولة الدفاع عن طريق الإحالة على نشرات أخرى لا تجيب عن الملاحظات المنهجية المرتبطة بالدقة والتوازن والتعددية والحياد». وأرفق بيانه برابط عن التقرير الإخباري موضوع الخلاف بين الطرفين.

ومن خلال الاطلاع على الريبورتاج يظهر أن لغته قريبة إلى التحريض، إذ بدأت مقدمة الأخبار حديثها باستعمال العبارة التالية «تماس كهرومائي قد يحرق ويغرق جيوب المستهلكين، زيادات في أسعار الماء والكهرباء ستدخل حيز التنفيذ في أغسطس (آب) المقبل، زيادة لإنقاذ المكتب من أزمة استوجبت دخول الدولة على الخط، لتدعم المكتب، وتقرر الزيادة لإخراج المكتب إلى بر الأمان».

كما تضمن الريبورتاج آراء سلبية للمواطنين بشأن قرار الزيادة في الأسعار، وموقفا مماثلا لممثل جمعية المستهلكين.

وكانت الحكومة قد أعلنت أن الأشطر الاجتماعية التي تؤديها الفئات الفقيرة لن تكون مشمولة بأي زيادة.

وفي السياق ذاته، طالب فريق العدالة والتنمية بمجلس النواب (الغرفة الأولى في البرلمان) بعقد اجتماع للجنة مراقبة المالية العامة، وذلك لمناقشة آثار التوقيع على العقد البرنامج بين الدولة والمكتب الوطني للكهرباء والماء، بحضور مدير المكتب ووزير الطاقة والمعادن.

وتبلغ تكلفة إنقاذ المكتب 45 مليار درهم (5.5 مليار دولار)، ويمتد للفترة ما بين 2014 و2017، وتتحمل الدولة والمكتب نحو 70 في المائة من المبلغ الإجمالي للعقد البرنامج، فيما سيتحمل المشتركون النسبة الباقية من خلال مراجعة تدريجية، ابتداء من الأول من أغسطس المقبل على مدى فترة العقد البرنامج لأسعار البيع، وذلك بهدف ضمان التناسب الملائم بين سعر الإنتاج وسعر البيع، حسب بيان سابق صدر عن رئاسة الحكومة.

ومن الجدير ذكره، أنها ليست المرة الأولى التي تتهم فيها الحكومة المغربية القناة ببث تقارير إخبارية غير محايدة، وبالتحامل على رئيس الحكومة وحزب العدالة والتنمية، ذي المرجعية الإسلامية الذي يتزعم الائتلاف الحكومي الحالي.

وتبادل ابن كيران وسيطايل التهم بشكل مباشر في الأسابيع الماضية، وكان قادة الحزب قد قاطعوا مدة طويلة برامج القناة احتجاجا على تحاملها، قبل أن يعودوا إلى المشاركة فيها، إلا أن التوتر بين الطرفين تصاعد من جديد ووصل صداه إلى البرلمان، إذ أعلن عبد الله بوانو، رئيس الفريق النيابي للحزب، أن حزبه لن يسمح بوجود قناة تمارس المعارضة في البلاد.