قصف مقر دار الإفتاء للمرة الأولى وفندق مملوك لرئيس الحكومة الجديدة بالعاصمة طرابلس

ليبيا تحسم موقفها من حضور حفل تنصيب الرئيس المصري المنتخب وخليفة حفتر يعلن عن تطلعه إلى مقابلة السيسي

ليبيون يدعمون «عملية الكرامة» التي يقودها الجنرال الليبي المتقاعد خليفة حفتر في ساحة الشهداء في طرابلس مساء الجمعة (إ.ب.أ)
TT

حسمت ليبيا أخيرا موقفها من حضور حفل تنصيب عبد الفتاح السيسي رئيسا جديدا لمصر اليوم، فيما شهدت العاصمة الليبية طرابلس أمس تصعيدا غير مسبوق لمستوى العنف بعدما قصف مجهولون للمرة الأولى مقر دار الإفتاء الليبية بقذيفة «آر بي جي»، فيما تحدث مكتب رئيس الوزراء الجديد أحمد معيتيق عن هجوم مفاجئ شنه مسلحون على فندق يمتلكه بالمدينة، ما أدى إلى خسائر مادية كبيرة.

ووصل إلى القاهرة مساء أمس وفد ليبي رسمي برئاسة عز الدين العوامي النائب الأول لرئيس المؤتمر الوطني العام (البرلمان) وبعض أعضاء الحكومة الانتقالية التي يترأسها عبد الله الثني لحضور مراسم تنصيب السيسي، ما يعني أن السلطات الرسمية المحسوبة على جماعة الإخوان المسلمين في ليبيا ستغيب عن الحفل الرسمي.

وكان الثني والعوامي، بالإضافة إلى نوري أبو سهمين رئيس البرلمان الليبي، قد وجهوا رسائل تهنئة رسمية للسيسي بمناسبة فوزه بنتائج الانتخابات الرئاسية التي أجريت الشهر الماضي في مصر.

ولن يشارك اللواء السابق بالجيش الليبي خليفة حفتر في هذه المراسم رغم إعلانه تطلعه إلى مقابلة السيسي، الذي يرى أنهما يواجهان معا عدوا مشتركا هو جماعة الإخوان المسلمين بالإضافة إلى الجماعات المتطرفة في البلدين.

وحظيت مشاركة ليبيا باهتمام لافت للانتباه، كونها تعكس إلى حد كبير طبيعة الصراع السياسي الدائر هناك حول السلطة، حيث تتجه أنظار الليبيين إلى المحكمة الدستورية العليا التي ستبت غدا في الطعن المقدم من بعض أعضاء المؤتمر الوطني حول عدم شرعية انتخاب أحمد معيتيق رئيسا للحكومة الجديدة، بينما يرفض كل من العوامي والثني الاعتراف بقرار البرلمان باعتماد معيتيق.

وعلاوة على أعمال العنف الدامية التي تهز البلاد يوميا، تواجه ليبيا أيضا أزمة سياسية عميقة، حيث هناك حكومتان، إحداهما برئاسة معيتيق الذي انتخب في عملية مثيرة للجدل داخل المؤتمر خلال الشهر الماضي ويحظى بدعم الإسلاميين، والثانية برئاسة الثني الذي يرفض تسليم السلطة للحكومة الجديدة، مؤكدا أنه ينتظر قرار القضاء الذي سيحسم قانونية التصويت.

إلى ذلك، قالت دار الإفتاء الليبية في بيان مقتضب بثته عبر موقعها الإلكتروني الرسمي على شبكة الإنترنت: «يد آثمة استهدفت مبنى دار الإفتاء بطرابلس على تمام السادسة بعد فجر أمس ولم يسفر الاعتداء عن أضرار تذكر».

ولم توضح الدار هوية المجموعة التي شنت الهجوم، بينما التزمت السلطات الأمنية في طرابلس الصمت.

كما تحدث مكتب رجل الأعمال والمليونير معيتيق رئيس الحكومة المتنازع عليها، عن هجوم ثانٍ منفصل شنه مسلحون فجر أمس على فندق توباكتس الذي يمتلكه معيتيق ويقع في قلب العاصمة طرابلس.

ونقلت وكالة أنباء التضامن الليبية عن مصادر مقربة من معيتيق، أن مسلحين هاجموا بأعيرة نارية وقنابل يدوية، لافتة إلى أن الهجوم أسفر عن خسائر مادية ولم تقع أي إصابات بشرية.

وأضافت المصادر أن الهجوم تسبب في حالة من الهلع والخوف لدى النزلاء والعاملين بالفندق، الذي اعتاد معيتيق أن يعقد معظم مؤتمراته الصحافية فيه أخيرا قبل سيطرته على المقر الرئيس للحكومة الانتقالية بطرابلس.

من جهة أخرى، تعهدت الحكومة الانتقالية برئاسة عبد الله الثني باتخاذ كل الإجراءات التي من شأنها القبض على الجناة وتقديمهم للعدالة، في عملية اغتيال مايكل غريوب السويسري الجنسية وأحد العاملين في فرع منظمة الصليب الأحمر الدولية في سرت قبل ثلاثة أيام.

وشجبت حكومة الثني في بيان لها ما تعرضت له منظمة الصليب الأحمر الدولي، إحدى المؤسسات الإنسانية الدولية التي تقدم خدماتها ومساعداتها لأبناء الشعب الليبي، من اغتيال مدير مكتبها في مصراتة، مؤكدة أن «هذه الجريمة النكراء مرفوضة إنسانيا ودينيا ولا يمكن أن تعبر عن أخلاق الشعب الليبي وقيمه». وقالت الحكومة إنها تتقدم بخالص تعازيها لمنظمة الصليب الأحمر وكذلك للحكومة والشعب السويسري، مؤكدة حرصها على أن لا يؤثر مثل هذا العمل الجبان على العلاقات بين البلدين، كما شددت على أن ليبيا، حكومة وشعبا، رغم كل الحوادث والجرائم الإرهابية المستنكرة حريصة على استمرار التعاون مع المنظمات والهيئات الإقليمية والدولية وبفاعلية لأهمية وجودها ودورها في ليبيا.

إلى ذلك، نفى بنك ليبيا المركزي ما تردد عن رفضه صرف الميزانية لحكومة معيتيق، حيث أكد في بيان له أن «لا علاقة له بأي تجاذبات سياسية، وأن الميزانية العامة للدولة يجري اعتمادها بقانون يوضح آلية توزيعها بالتفصيل، ولا يجوز التصرف فيها إلا وفقا لهذا القانون».

وكان الصديق الكبير محافظ البنك الذي غادر أول من أمس إلى مالطا في إجازة رسمية مفاجئة، قد أعلن أن الميزانية العامة للدولة تعتمد بقانون يوضح آلية توزيعها بالتفصيل.. وأن وزارتي المالية والتخطيط هما الوزارتان المعنيتان بتنفيذ الميزانية في أبوابها المختلفة.

من جهته، قال مصباح العكاري مدير إدارة الأسواق المالية في البنك، إن الخسائر التي تكبدتها ليبيا بسبب الاحتجاجات المستمرة منذ عشرة أشهر في حقول ومرافئ تصدير النفط بلغت قيمتها 30 مليار دولار.

وأضاف العكاري أن ليبيا تجني إيرادات نفطية تقارب المليار دولار شهريا في الوقت الحالي مقابل ما كان يتراوح بين أربعة مليارات وخمسة مليارات شهريا قبل بدء الاحتجاجات، موضحا أن الاحتياطيات موزعة بشكل جيد من الناحية الجغرافية ومن حيث المخاطر.

وأشار، وفقا لما نقلته وكالة الأنباء المحلية، إلى أن الاحتياطيات تكفي لتغطية الميزانية والواردات لمدة ثلاث سنوات ونصف السنة، لكن ينبغي إيجاد حلول مناسبة لهذه المشكلات، وأنه ينبغي التوصل إلى حل سياسي للأزمة النفطية، لكنه لم يذكر تفاصيل.

وتبلغ الاحتياطيات النقدية لليبيا حاليا نحو 110 مليارات دولار انخفاضا من نحو 130 مليار دولار في الصيف الماضي حين اندلعت الاحتجاجات.

وكانت المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا قد أعلنت أخيرا أنها قد تضطر لاستخدام الخام الذي ينتجه حقلان بحريان في تغذية مصفاة محلية، علما بأن صادرات النفط والغاز تشكل المصدر الوحيد للإيرادات في ميزانية ليبيا البالغة قيمتها 50 مليار دولار ولدفع ثمن مشتريات الغذاء وواردات أخرى بقيمة 30 مليار دولار في الوقت الذي لا تشهد فيه ليبيا إنتاجا صناعيا يذكر خارج قطاع النفط.

وفي حين تعجز السلطات عن احتواء أعمال العنف في البلاد، وخصوصا في الشرق، حيث تفرض المجموعات المتطرفة القانون، شن اللواء المتقاعد خليفة حفتر في منتصف الشهر الماضي عملية أطلق عليها «الكرامة» ضد «المجموعات الإرهابية» في بنغازي (شرق).