«داعش» تقود معارك كر وفر ضد القوات العراقية من الرمادي إلى الموصل

تحرير آلاف الطلاب بعد سيطرة مسلحيها على حرم جامعة الأنبار

طلاب يغادرون جامعة الأنبار في الرمادي بعد اقتحامها من قبل مسلحي تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش)، أمس (إ.ب.أ)
TT

على امتداد أكثر من 600 كيلومتر وفي مناطق تتخللها صحراء مترامية الأطراف بالإضافة إلى مدن وأنهار ووديان، يخوض تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش)، منذ نحو أربعة أيام، معارك كر وفر مع الجيش العراقي.

وكانت المواجهات الحالية بدأت بعملية سامراء الخميس الماضي، مرورا بمحاولة عناصر «داعش» السيطرة على خمسة أحياء من مدينة الموصل (400 كلم شمال بغداد) أول من أمس، وانتهاء بدخولهم حرم جامعة الأنبار ومحاصرتهم مئات الطلبة والأساتذة أمس.

وبينما بدت عملية سامراء محاولة لإعادة سيناريو عام 2006 عندما نجح تنظيم القاعدة آنذاك بتفجير مرقدي الإمامين العسكريين لإثارة فتنة طائفية جديدة، فإن عمليتي الموصل والأنبار تبدوان من وجهة نظر الخبراء الأمنيين في العراق محاولة لاستعراض القوة والتخفيف من الضغط الذي تمارسه القوات العراقية على مسلحيهم في كل من الرمادي والفلوجة.

وكان مسلحو «داعش» اقتحموا أمس مبنى جامعة الأنبار وسيطروا عليها بالكامل واحتجزوا الطلبة والأساتذة والعاملين في الجامعة قبل أن تتدخل قوات الشرطة الاتحادية والجيش لإنقاذ الموقف.

وحسب قناة «العراقية» الحكومية اقتحمت قوات الأمن العراقية جامعة الأنبار وأطلقت سراح جميع الرهائن، وأضافت القناة أن 25 مسلحا كانوا داخل الجامعة بعد أن قتلت قوات الأمن أبو عطا الحلبي الرأس المدبرة لعملية احتجاز الرهائن. وأفاد مصدر أمني بأن عناصر تنظيم داعش سمحوا لطلبة الجامعة والأساتذة بمغادرة الجامعة فيما كانت الاشتباكات مستمرة بين قوات الأمن والمسلحين.

وفي التفاصيل ورد أن مجموعات من المسلحين فجرت في البداية مركز أمن جامعة الأنبار والجسر الرابط بين الجامعة ومدينة الرمادي قبل اقتحام مبنى الجامعة من جهة الأقسام الداخلية. وبينما سيطر المسلحون على مبنى الجامعة بدأت قوات مشتركة من الجيش والشرطة بمحاصرة المبنى. وفيما اندلعت اشتباكات مسلحة بين الطرفين، ساندت طائرات مروحية القوات الأمنية التي قامت باستهداف قناصين انتشروا على المباني القريبة من الجامعة.

وحسب الدكتور فارس إبراهيم، الأستاذ في جامعة الأنبار وعضو مجلس أبناء العراق، فإن «هؤلاء المسلحين قاموا باحتجاز نحو خمسة آلاف طالب في الجامعة قبل أن تتولى القوات الأمنية إخراج الطلبة من الحرم الجامعي ومن الأقسام الداخلية ومحاصرة هؤلاء المسلحين الذين باتت أعمالهم واضحة، وهي زعزعة الثقة بالجهات الرسمية وإظهار أن الوضع في الأنبار وعموم العراق غير مستقر ولا يمكن الرهان عليه».

من جهته أكد الخبير الأمني الدكتور معتز محيي عبد الرحمن مدير المركز الجمهوري للدراسات الاستراتيجية في بغداد في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «المتابع للعمليات التي قامت بها (القاعدة) و(داعش) هذه الفترة تدخل في جانب كبير منها في باب استعراض القوة بهدف تحقيق عدة أهداف في آن واحد لا سيما أنها كانت تقوم بعمليات استعراض للقوة خلال الشهور التي سبقت عمليات الأنبار منذ نحو ستة أشهر في أماكن بعيدة عن المدن مثل جبال حمرين وضواحي تكريت وناحية سليمان بيك والثرثار». وتابع أن «هذه الأعمال فضلا عن كونها استعراض للقوة من قبل (داعش) فإنها أيضا مناورات على صعيد إرسال قوات ومجاميع إلى مناطق بعيدة أو حساسة لكي تفتت الجهد الحكومي ولكي تثبت للأجهزة العراقية أنها في حالة استنفار قصوى».

من ناحية ثانية، باشر قائد القوات البرية الفريق أول ركن علي غيدان، وقائد العمليات المشتركة الفريق أول ركن عبود كنبر، الإشراف على العمليات العسكرية التي تشهدها محافظة نينوى ضد تنظيم داعش الذي يسيطر عناصره على أربعة أحياء سكنية في الموصل (405 كلم شمال بغداد) منذ أول من أمس في وقت بدأت فيه عملية نزوح جماعي من هذه الأحياء.

وأفادت مصادر أمنية وأخرى طبية بأن 59 من عناصر الشرطة والمسلحين قتلوا أمس في المواجهات مع «داعش» في الموصل، ونقلت عنها وكالة الصحافة الفرنسية أن «21 شرطيا قتلوا في اشتباكات بين قوات الشرطة ومسلحي تنظيم داعش ظهر السبت في منطقة 17 تموز غرب الموصل». وأضافت أن «38 من عناصر داعش قتلوا على يد قوات الأمن في منطقتين متفرقتين شرق المدينة». وتأتي هذه الهجمات بعد يوم دام قتل فيه 36 شخصا على الأقل في مواجهات وهجمات انتحارية بسيارات مفخخة واشتباكات مسلحة داخل مدينة الموصل شمال بغداد وحولها، حسبما أفاد مسؤولون.

وقال مصدر أمني إن «مسلحي داعش يستخدمون سكان الأحياء دروعا ويستهدفون القوات الأمنية من الأحياء كي يقولوا للعالم إن الجيش يستهدف مدنيين، هؤلاء مجرمون لكن سنحسم معركتنا معهم بعد وصول تعزيزات عسكرية».

بدوره، قال محافظ نينوى أثيل النجيفي إن «هنالك ضحايا بالعشرات بين قوات الأمن ومدنيين.. وإن مسلحي داعش هم قرابة 400 عنصر مزودون بأسلحة ثقيلة وبنادق قنص متطورة جدا». ودعا النجيفي إلى «التصدي للقوى الظلامية التي تريد جرنا لحرب أهلية».

وفي ديالى (60 كلم شمال شرقي بغداد)، أحبطت شرطة المحافظة محاولة لتنظيم داعش لاقتحام مديرية التحقيقات والاستخبارات الوطنية، وسط مدينة بعقوبة. وقال قائد شرطة ديالى اللواء الركن جميل الشمري خلال مؤتمر صحافي أمس إن «القوات الأمنية تمكنت من قتل خمسة انتحاريين وتفكيك خمس سيارات مفخخة خلال محاولة لاقتحام مديرية التحقيقات والاستخبارات الوطنية وإخراج عدد من قيادي تنظيم داعش المحتجزين داخله».