بوروشينكو يعرض السلام على الانفصاليين ويشدد على وحدة أوكرانيا

الرئيس الجديد تعهد في حفل تنصيبه بزيارة مناطق الشرق ومواصلة الشراكة مع أوروبا

بوروشينكو يحمل صولجان الرئاسة في حفل أدائه القسم بالبرلمان في كييف أمس (إ.ب.أ)
TT

تعهد الرئيس الأوكراني، بيترو بوروشينكو، أمس، في خطاب ألقاه أثناء حفل تنصيبه بالبرلمان، بالحفاظ على وحدة البلاد التي يشهد شرقها حركة انفصالية موالية لروسيا، وقيادة هذه الجمهورية السوفياتية السابقة على الطريق إلى الاتحاد الأوروبي.

وقال بوروشينكو في خطابه الأول إلى الشعب الأوكراني: «لا أريد الحرب.. لا أريد الانتقام. أريد السلام، وسأفعل ما بوسعي من أجل وحدة أوكرانيا».

وأدى رجل الأعمال الثري الموالي للغرب، والبالغ من العمر 48 سنة، اليمين في البرلمان بعدما فاز في الدورة الأولى للانتخابات الرئاسية التي جرت في 25 مايو (أيار) الماضي بـ54.7 في المائة من الأصوات. وخاطب الرئيس الجديد سكان منطقة دونباس الصناعية، الناطقة بالروسية، التي يسيطر المتمردون المسلحون الموالون لروسيا على جزء كبير منها وينوي زيارتها قريبا، ليعدهم بإلغاء المركزية في السلطة وضمان الاستخدام الحر للغة الروسية. وقال بوروشينكو متوجها إلى سكان شرق أوكرانيا، إن «كثيرين منكم استمتعوا بسلطة الإرهابيين. لن نتخلى عنكم في أي ظريف كان. سآتي قريبا للقائكم حاملا رسالة السلام وضمانة الاستخدام الحر للغة الروسية». واعترف بوروشينكو بأن إحلال السلام سيكون مستحيلا من دون تطبيع العلاقات مع روسيا، مؤكدا أن وضع القرم - شبه الجزيرة التي ضمتها روسيا، والتوجه الأوروبي لأوكرانيا، ليسا موضع نقاش. وقال إن «القرم كانت وستبقى أوكرانية. قلت ذلك بوضوح في النورماندي إلى الرئيس الروسي» فلاديمير بوتين، مما أثار تصفيقا حادا من قبل الحضور، وبينهم الكثير من رؤساء الدول والحكومات الأجانب، الذين وقفوا في البرلمان. وأضاف: «لا مساومة ممكنة حول القرم، والخيار الأوروبي لأوكرانيا، والبنية السياسية للبلاد»، رافضا بذلك فكرة الفيدرالية التي تدعو موسكو إلى تطبيقها في المناطق الناطقة بالروسية.

وقوبلت كلمة الرئيس الأوكراني الجديد في البرلمان بتصفيق حاد من الحضور، وبينهم شخصيات مهمة مثل: رئيسة ليتوانيا داليا غريباوسكايتي، وجو بايدن نائب الرئيس الأميركي، ومسؤولين أوروبيين كبار. ووعد الرئيس الجديد بأن «يوقع في أسرع وقت ممكن» الشق الاقتصادي من اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي وإدخال نظام جديد للتأشيرات للأوكرانيين. وقال إن «الأوكرانيين انتزعوا لفترة طويلة من أوروبا. اليوم نعود إلى بيتنا، إنها عملية لا رجعة عنها». وكان بوروشينكو، العائد من مراسم إحياء الذكرى السبعين لإنزال النورماندي بفرنسا، عزز موقعه ببداية حوار مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من أجل إيجاد مخرج لأزمة لا سابق لها منذ انتهاء الحرب الباردة. واتفق بوروشينكو وبوتين على إطلاق المفاوضات اعتبارا من اليوم الأحد بكييف، في سابقة منذ بدء التصعيد في الأشهر الأخير.

ورحب الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي بتنصيب بوروشينكو. وقال الأمين العام للحلف آندريه فوغ راسموسن: «أهنئ بحرارة بيترو بوروشينكو على تنصيبه رئيسا لأوكرانيا». وأضاف: «أثق بأن قيادته ستؤدي إلى استقرار البلاد بالاعتماد على الحوار السياسي الذي أطلق قبل الانتخابات من دون استبعاد أي جهة». وأكد أن أعضاء الحلف «يبقون صارمين في دعم سيادة واستقلال ووحدة أراضي أوكرانيا». أما رئيس الاتحاد هيرمان فان رومبوي الذي حضر حفل التنصيب، فأكد «دعم الاتحاد الأوروبي لأوكرانيا والتزامه الوقوف إلى جانبها». ويتولى بوروشينكو الذي جمع ثروته من إنتاج الشوكولاته، الرئاسة خلفا لفيكتور يانوكوفيتش الذي أقصي عن السلطة في نهاية فبراير (شباط) الماضي بعد حمام دم في ساحة الاستقلال أو الميدان بكييف، وفر إلى روسيا، على أثر ثلاثة أشهر من حركة احتجاج موالية لأوروبا. وقال بوروشينكو إنه سيبقي على آرسيني ياتسينيوك الذي كان عضوا في حزب رئيسة الحكومة السابقة يوليا تيموشينكو، التي حصلت على 12.8 في المائة من الأصوات في الانتخابات الرئاسية، رئيسا للوزراء. كما سيبقي رئيس البرلمان الحالي ألكسندر تورتشينوف الذي تولى الرئاسة بالنيابة، في منصبه. وسيكون على بوروشينكو القيام بالمهمة الصعبة التي تتمثل بتحقيق التطلعات الأوروبية وإخراج البلاد من انكماش شبه متواصل منذ سنتين وتفاقم بسبب الأزمة الحالية. لكن التحدي الرئيس الذي يواجهه هو إعادة لم شمل بلد في حالة أقرب إلى حرب أهلية.

فمنذ سقوط يانوكوفيتش، خسرت أوكرانيا فعليا شبه جزيرة القرم التي ألحقت بروسيا خلال ثلاثة أسابيع على أثر استفتاء عدته الأسرة الدولية غير شرعي، وتواجه تمردا مسلحا تقول كييف إن موسكو تقف وراءه. وأسفرت حركة التمرد هذه عن سقوط أكثر من مائتي قتيل خلال شهرين.

وفي موسكو، أمر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمس بتعزيز عمليات المراقبة على الحدود مع أوكرانيا، حيث يتدفق سكان الشرق هربا من المعارك، كما ذكرت وكالات الأنباء الروسية نقلا عن الجهاز الإعلامي للكرملين. وأصدر بوتين الأمر باتخاذ كل التدابير الضرورية للحؤول دون حصول عمليات مرور غير قانونية على المراكز الحدودية، كما ذكرت الوكالات. وأقرت السلطات الأوكرانية بأنها تخلت الخميس عن ثلاثة مراكز على حدود روسيا في منطقة لوغانسك بعدما شن عليها الانفصاليون الموالون لروسيا عددا من الهجمات.