بغداديون قلقون من شيوع الجريمة المنظمة واستهداف النساء

جماعات متشددة تنصب نفسها سلطة لتنفيذ حكم الشرع

TT

عبر بغداديون عن استيائهم وخوفهم من انتشار الجريمة المنظمة من قبل جماعات وعصابات مسلحة ومتشددة تسعى لتشويه مظاهر الحياة المدنية في البلاد، وخنق الحريات العامة، واستهداف النساء في الآونة الأخيرة بالترويع والقتل الجماعي، في ظل غياب واضح لسلطة القانون رغم الانتشار المكثف للقوات الأمنية في الأحياء السكنية وقرب مواقع الجريمة.

ومما عمق هذه المخاوف مقتل خمس نساء قبل أيام بينما كن داخل سيارة في منطقة الكرادة (وسط بغداد) بأسلحة كاتمة للصوت. وتردد أن الضحايا من العاملات في النوادي الليلية. وشاعت هذه الجرائم في الفترة الأخيرة، وعادة ما تنفذها عصابات وجماعات مسلحة تنصب نفسها لتنفيذ حكم الشرع والدين، وهي تمتلك قدرات تتفوق على سلطة القانون في البلاد، فيما تتفوق الأخيرة بالتكتم على ملابسات التحقيق وتقيده ضد مجهول في معظم الحالات.

وتشير التقارير الأمنية الرسمية إلى تصاعد وتيرة العنف والجريمة في بغداد من قبل مسلحين وجماعات إسلامية متشددة (تتخذ لنفسها أسماء مختلفة) تعمد إلى التهديد بنسف أماكن وتفجيرها أو استخدام أسلحة كاتمة للصوت لقتل ضحاياها في أماكن تجمع الناس في المقاهي، وكان آخرها استهداف مقهى «أرخيته»، الذي معظم مرتاديه من الفنانين والإعلاميين، في أبريل (نيسان) الماضي، وهو ما دفع ببعض أصحاب المقاهي إلى الاستعانة بخدمات الشركات الأمنية الخاصة. وانتشر في مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو مسرب يوضح حادث مقتل النساء الخمس من أسلحة كاتمة للصوت داخل سيارة تركها صاحبها قرب شقة سكنية في منطقة «تقاطع المسبح». وامتنع مركز شرطة المنطقة عن الإدلاء بأي تفاصيل عن الحادث، مثيرا الذعر في نفوس نساء المنطقة.

وقال محمد الربيعي، نائب رئيس اللجنة الأمنية في مجلس محافظة بغداد ورئيس المجلس البلدي لقطاع الكرادة، لـ«الشرق الأوسط» إن «طبيعة منطقة الكرادة، كونها مركزا تجاريا مهما تتوسط العاصمة بغداد ويسكنها خليط من كل المذاهب والأديان، تحتم على الجهات الأمنية تعزيزها بجهاز أمني مكثف وحازم لحمايتها من الاستهدافات المتكررة». وأضاف: «هناك تقصيرا واضحا من قبل الجهات الأمنية».

وأوضح أن الكثير من النوادي الليلية والمقاهي المنتشرة في المنطقة ما زالت تفتح أبوابها رغم تلك التهديدات وتتخذ إجراءات أمنية من تفتيش مرتاديها قبل الدخول، أو الاستعانة بحراسات أمنية خاصة لحمايتها والعاملين فيها. المواطن جاسب نعمة، من سكان منطقة الكرادة، يقول إن منطقة الكرادة «هي قلب بغداد النابض بالحياة والخير رغم كل الاستهدافات المتكررة في الآونة الأخيرة. ورغم انتشار القوات الأمنية بكثافة فيها، فإن الخروقات الأمنية متواصلة وكذلك الجماعات المسلحة التي تحاول إطفاء شعلة الحياة فيها بتهديدها لمظاهر الحياة الآمنة للسكان».

بدوره، طالب الإعلامي داود كاظم الجهات الأمنية بـ«بذل جهد أكبر للحد من الجرائم التي صارت تتكرر في أحياء سكنية معروفة في بغداد مثل زيونة وبغداد الجديدة والزعفرانية وغيرها، والكشف عن ملابساتها ومقاضاة مرتكبيها وفق القوانين وأمام الرأي العام».

أما المحامية نور سلمان، من سكان الكرادة، فترى أن «محاولة إخافة النساء بهذه الطريقة، محاولة بائسة لأجل نشر الخوف والترهيب في البلاد، ولا بد للسلطات الأمنية أن تتصدى لها قبل أن يستفحل نشاطها».

من جهته، استغرب الناشط المدني صلاح التميمي تنصيب تلك الجماعات نفسها لتنفيذ حكم الشرع وطالب بأن «تكون يد القانون هي اليد الطولى في الحد من تلك الجرائم».