«الدستورية» الليبية تحسم اليوم الصراع على السلطة وسط ترقب لحكومتي الثني ومعيتيق

عملية مراقبة مشتركة لـ25 مركبا محملة بالمهاجرين

عناصر من الجيش الوطني الليبي في منطقة الكفرة لدى مشاركتهم في «عملية الكرامة» أمس (رويترز)ص
TT

تعلن المحكمة الدستورية العليا في ليبيا اليوم (الاثنين) حكمها في الطعن المقدم من بعض أعضاء المؤتمر الوطني العام (البرلمان المؤقت) ضد صحة انتخاب أحمد معيتيق رئيسا للحكومة خلفا لعبد الله الثني. والتزم معيتيق والثني الصمت حيال الحكم المرتقب اليوم للمحكمة الدستورية العليا ولم يصدر عنهما أي بيانات صحافية. وقالت مصادر محسوبة على الطرفين لـ«الشرق الأوسط»، إن كلا المعسكرين متفائل حيال ما سيصدر عن المحكمة، وهو ما يعني بحسب مراقبين محليين ألا يعترف أي منهما بخسارته المحتملة لهذا النزاع القانوني والسياسي على السلطة.

وهذه هي المرة الأولى التي تجد فيها المحكمة الدستورية العليا، التي تعد أعلى محكمة في ليبيا، في أتون نزاع سياسي هو الأول من نوعه أيضا بين حكومتين منذ سقوط نظام العقيد الراحل معمر القذافي ومقتله في شهر أكتوبر (تشرين الأول) عام 2011. وكانت المحكمة عقدت أولى جلساتها يوم الخميس الماضي خصصتها للاستماع إلى أقوال النيابة العامة التي رأت أن انتخاب أحمد معيتيق رئيسا للوزراء انتهاك للدستور الليبي المؤقت، بينما رد فريق دفاع معيتيق بأن الجلسة التي عقدها المؤتمر الوطني لانتخابه كانت شرعية خلافا لما أعلنه عز الدين العوامي النائب الأول لرئيس المؤتمر خلال الشهر الماضي.

وبعد جلسة مداولة مقتضبة استغرقت نصف الساعة تقريبا وبثها التلفزيون الرسمي، قررت المحكمة تأجيل النطق في القضية وإصدار حكمها النهائي بشأنها إلى اليوم. وليس معروفا ما إذا كان الثني ومعيتيق سيلتزمان عمليا بقرار المحكمة، لكن حكومة الثني التي نفت بشكل قاطع إتمام عملية التسليم والاستلام بينها وبين حكومة معيتيق، قالت إنها ملتزمة بتنفيذ ما يصدر عن القضاء من حكم في هذا الشأن.

وانتخب المؤتمر الوطني الذي يعد أعلى سلطة سياسية ودستورية في البلاد، رجل الأعمال، معيتيق، المحسوب على جماعة الإخوان المسلمين رئيسا للوزراء في تصويت شابته الفوضى. وقال نواب ومسؤولون، إن الجلسة غير قانونية لغياب اكتمال النصاب القانوني، علما بأن الثني اعتذر عن تكليفه بتشكيل الحكمة إثر هجوم مسلح تعرض له مقر إقامته بطرابلس، في شهر أبريل (نيسان) الماضي، لكنه قال إنه تلقى أوامر متضاربة من البرلمان المنقسم بشأن شرعية انتخاب معيتيق وسيواصل مهام منصبه حتى يحسم القضاء الأمر.

وتكافح ليبيا لاحتواء أزمة سياسية إذ يرفض الثني المنتهية ولايته تسليم السلطة لمعيتيق الذي فاجأ الجميع باحتلال المقر الرئيس للحكومة بطرابلس برفقة ميليشيات مسلحة تنتمي إلى مسقط رأسه في مدينة مصراتة. واستبق حزب التغيير جلسة المحكمة الدستورية المقررة اليوم بالعاصمة الليبية بدعوته كل الأطراف للقبول بحكم المحكمة وتنفيذه بخصوص الطعن في شرعية انتخاب معيتيق. وعد الحزب في بيان له أمس، أنه يتعين على جميع الأطراف تنفيذ الحكم من منطق احترام وترسيخ سلطة القضاء المستقل في ليبيا الجديدة تحقيقا للمصلحة الوطنية.

من جانب آخر، عبرت حكومة الثني عن استنكارها وشجبها للاعتداءات التي طالت منطقة سوق الجمعة ومقر دار الإفتاء وفندق توباكتس المملوك لمعيتيق بالعاصمة طرابلس أول من أمس، وقالت في بيان لها إنها ترفض بشكل مطلق اللجوء للعنف للتعبير عن المواقف والآراء السياسية، كما تستهجن الاعتداء على أملاك الدولة والمواطنين وتحث الجميع على ضبط النفس والاحتكام للغة العقل.

في المقابل، تعهد معيتيق بأن تكون حكومته «حكومة إنقاذ وطني تجمع بين الفرقاء السياسيين، وتحتوي الأطراف السياسية التي تؤثر في المشهد الليبي». وقال معيتيق في مقابلة بثتها قناة «ليبيا الأحرار» مساء أول من أمس إن حكومته متواصلة مع كل الأطراف الفاعلة في المشهد للوصول إلى حل مرضٍ للجميع، لافتا إلى أنه يحترم القانون والشرعية، ويدعم الانتخابات البرلمانية القادمة. وأوضح أن ظاهرة الإرهاب في ليبيا، أصبحت هي المهدد الرئيس للأمن القومي الليبي، مشددا على أن حكومته ستحارب الإرهاب من خلال الجيش وداخل أطر الدولة باعتبارها هي المسؤولة عن ذلك.

وبعدما أعلن أن حكومته حريصة على إخلاء مدينتي طرابلس وبنغازي، من المظاهر المسلحة، لأنها مظاهر غير مقبولة في المجتمع المدني، قال إن حكومته ستسعى لإخلاء المدينتين وبقية المدن الأخرى من الأسلحة الثقيلة وغيرها. وأعرب معيتيق عن استعداد حكومته «للتعاون مع كل الأطراف لخلق حكومة قوية حكومة تنقذ البلد مما فيه»، على حد قوله.

من جانبه، أبلغ هاشم بشر رئيس اللجنة الأمنية العليا السابق بالعاصمة الليبية «الشرق الأوسط»، أن السيارة المفخخة التي انفجرت أمام منزل عائلته بالمدينة قبل يومين جرى تفجيرها عن بعد عبر إشارة هاتف، مشيرا إلى أن السيارة التي كانت تتظاهر بحمل الخضار والفواكه كانت مليئة بالمتفجرات، حيث أصابت 64 بيتا وأكثر من ثلاثين سيارة. وقال بشر: «الوقت مبكر لاتهام أي شخص، لكن الواضح أن من قام بهذا العمل كان ينوي إما خلط الأوراق أو ضرب شخصي، لأنني كنت وما زلت من الداعين إلى أن يسلم الثوار أسلحتهم وينضموا لمؤسسات الدولة كالجيش والشرطة».

وأضاف: «كما أن طلبنا قيام دولة مدنية لا تتحكم فيها آيديولوجيات أو عسكرة أو ميليشيات، ربما أثار حفيظة البعض، فجنح لإخماد صوتنا عبر هكذا وسيلة». وسئل هل من إشارات معينة على هوية الفاعل؟ فرد قائلا، إن «الوقت لا يزال مبكرا ولا يمكنني الكشف عن المزيد».

من جهة أخرى، أعلنت الحكومة المالطية أن عملية واسعة تجري منذ أمس بمشاركة مالطا وإيطاليا والولايات المتحدة لمراقبة 25 مركبا محملة بالمهاجرين انطلقت من السواحل الليبية، مما سمح بإنقاذ 130 مهاجرا. وجاء في بيان نقلته وكالة «رويترز»: «إن القوات المسلحة المالطية تسهم بنشاط في إحدى أكبر عمليات البحث والإغاثة التي تنظم في البحر المتوسط في السنوات الأخيرة». وتشارك في العملية سفن من البحرية العسكرية وخفر السواحل الإيطالي، وسفن حربية أميركية وجميع السفن التجارية المبحرة في المنطقة وكذلك ثلاث سفن دورية وطائرة مالطية، والمهاجرون الذين ينطلقون عموما من ليبيا التي تشهد وضعا فوضويا يتحدرون من إريتريا وسوريا، وكذلك البلدان الأكثر فقرا من أفريقيا جنوب الصحراء.