انتخابات في كوسوفو تشكل «اختبارا» لمستقبلها الأوروبي

الصرب صوتوا.. و«الحزب الديمقراطي» و«الرابطة الديمقراطية» المعارضة أقوى المتنافسين

رئيس وزراء كوسوفو هاشم تاتشي يدلي بصوته في الانتخابات في بريشتينا أمس (رويترز)
TT

انطلقت أمس، الانتخابات التشريعية التي تشكل اختبارا لرئيس الوزراء المنتهية ولايته هاشم تاتشي، ومن أهم رهاناتها مشاركة الأقلية الصربية التي تعد مسألة حاسمة للتقارب بين بريشتينا والاتحاد الأوروبي.

ويخيم على الانتخابات «الإحباط» بسبب الفساد والفقر بعد ست سنوات من انفصال البلاد عن صربيا، في حين يحاول تاتشي الفوز بفترة ثالثة في المنصب. ويبدو أن تاتشي، زعيم المقاتلين الانفصاليين السابق، الذي انتقل إلى العمل السياسي، أضعفه الوضع الاقتصادي السيئ ونسبة البطالة التي تطال 35 في المائة من سكان كوسوفو البالغ عددهم 1.8 مليون نسمة، وهي النسبة نفسها التي سجلت في نهاية 2007 عندما تولى رئاسة الحكومة لولاية أولى.

وفتحت مراكز الاقتراع، التي يبلغ عددها 2300، أبوابها في الخامسة بتوقيت غرينيتش، واستمر التصويت حتى الخامسة مساء (تغ). وقالت دوت شالا، وهي سيدة متقاعدة في بريشتينا: «آمل أن يتحسن الوضع الاقتصادي». أما نظمي جاشاري، (66 سنة)، فقد رأى أن «الحكومة التي قادت البلاد حتى الآن لم تكن بمسؤولية المهمة ويجب علينا تغييرها». وأخيرا، رسخ تاتشي بالتأكيد موقع كوسوفو على طريق التقارب مع الاتحاد الأوروبي عبر العمل على إبرام اتفاق تاريخي يهدف إلى تحسين العلاقات مع صربيا برعاية المفوضية الأوروبية في أبريل (نيسان) 2013.

كل ذلك مع أن بلغراد ما زالت ترفض الاعتراف باستقلال كوسوفو الذي أعلنته الأغلبية الألبانية من جانب واحد. ومشاركة الأقلية الصربية في الاقتراع أساسية لتقارب بريشتينا مع الاتحاد الأوروبي. وتوجه الصرب، البالغ عددهم نحو ثمانين ألفا ويعيشون في جيوب متفرقة وسط غالبية ألبانية، إلى مراكز الاقتراع كما حدث في الانتخابات السابقة. لكن في شمال كوسوفو، المنطقة المحاذية لصربيا، حيث يشكل نحو أربعين ألف صربي أغلبية السكان ولا تمارس بريشتينا أي سلطة عمليا، تبدو مشاركتهم للمرة الأولى غير مؤكدة. وخصصت عشرة مقاعد للصرب في برلمان كوسوفو الذي يضم 120 مقعدا.

أما الحكومة الصربية التي بدأت في يناير (كانون الثاني) مفاوضات الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، فقد دعت الصرب إلى التصويت. وقالت حكومة بلغراد في بيان إن «المشاركة في الانتخابات.. واجب على كل مواطن صربي يعيش في كوسوفو». ولكن عشية الانتخابات، بدا الصرب في شمال كوسوفو مترددين. وقال دراغان ماكسيموفيتش، وهو رجل قانون في الثامنة والثلاثين من العمر، يقيم بالشطر الصربي من مدينة كوسوفسكا ميتروفيتسا: «لن أذهب إلى التصويت». وأضاف: «لا أحب الطريقة التي تعاملنا بها بلغراد. إنهم يحاولون إقناعنا بأنهم يعرفون ما الأفضل لنا»، مشيرا إلى أن «وجود نواب في برلمان كوسوفو لا يعني شيئا لي، وهم لن يهتموا بمشاكلنا».

ويرى بهلول بيكاي، أستاذ العلوم السياسية في بريشتينا، أن مشاركة الصرب في هذا الاقتراع «مهمة». وأضاف أن مشاركتهم «سيكون لها تأثير إيجابي على تطبيق اتفاق بروكسل». وفي غياب استطلاعات للرأي جديرة بالثقة، يقول المحللون إن الحزبين اللذين يرجح فوزهما في الانتخابات هما «الحزب الديمقراطي لكوسوفو» الذي يقوده تاتشي، و«الرابطة الديمقراطية لكوسوفو» أكبر أحزاب المعارضة بقيادة عيسى مصطفى. وسيبقى الفساد المستشري والجريمة المنظمة التحديين الرئيسين أيا كانت السلطة التنفيذية الجديدة. وقال المحلل لافديم حميدي إن تاتشي «يحاول النأي بنفسه عن مرحلة حكمه الماضية عندما بلغ الفساد أوجه».

وفي البرلمان المنتهية ولايته، يشغل حزب تاتشي 32 من أصل 120 مقعدا وكان يحكم بدعم الأقليات وتشكيلات صغيرة عدة. وفي كوسوفو، أحد أفقر بلدان أوروبا، يعيش 47 في المائة من السكان تحت خط الفقر بنحو ثمانين يورو شهريا، بينما يبلغ متوسط الأجور شهريا 350 يورو.

يشار إلى أن بلغراد وصرب كوسوفو لا تعترفان بكوسوفو التي انفصلت عن صربيا عام 2008. ومع ذلك، وافقت صربيا على تطبيع العلاقات مع كوسوفو بموجب اتفاق بوساطة من جانب الاتحاد الأوروبي في أبريل 2013. وتأمل الدول الغربية أن ترسخ الانتخابات اتفاقية تطبيع العلاقات مع صربيا وتمثل نقطة تحول في مساعي كوسوفو لبدء عملية الانضمام إلى عضوية الاتحاد الأوروبي.

واعترفت القوى الغربية باستقلال كوسوفو، ولكنها لم تحصل على عضوية الأمم المتحدة بسبب معارضة روسيا وصربيا. وجرت الدعوة للانتخابات عقب تصويت البرلمان على حل نفسه في مايو (أيار) الماضي بعدما أخفق في تمرير قانون بشأن تشكيل جيش في الإقليم الصربي السابق.