«الداخلية» التونسية تأذن في فتح تحقيق جراء اندلاع حرائق وتتوقع أعمالا إرهابية

إرجاء الحسم بشأن الفصل أو التزامن بين الانتخابات الرئاسية والتشريعية للمرة الخامسة

TT

أذنت وزارة الداخلية التونسية في فتح تحقيق قضائي بشأن مجموعة من الحرائق اندلعت أخيرا بشكل متزامن في خمس مناطق بجبل النحلي القريب من العاصمة، ورجحت مصادر أمنية في تصريحات متطابقة أن تكون تلك الحرائق «بفعل فاعل». وأشار مصدر من وزارة الداخلية، في تصريح لوسائل الإعلام التونسية، إلى أن تلك الأعمال الإجرامية تهدف إلى «إلهاء التونسيين بالحرائق وانتظار الفرصة المواتية لتنفيذ مخطط ثان قد يكون ذا طابع إرهاب»، وقال أيضا إن المؤسسة الأمنية والجيش اتخذوا مجموعة من الإجراءات الأمنية الاحتياطية للتصدي لأي عمل إرهابي.

وتوقع المصدر مواصلة التحقيق لمعرفة تفاصيل تلك الحرائق والعناصر المجهولة التي تقف وراء إشعال النيران في غابات متاخمة للمناطق السكنية لنشر الفوضى وإشاعة أجواء من الخوف والهلع.

وصرح العميد توفيق الرحموني، المتحدث باسم وزارة الدفاع التونسية، بأن قرابة 150 من العسكريين ساهموا في إطفاء الحرائق، بالاستعانة بطائرة وشاحنة إطفاء وقدموا المعونة لعناصر الحماية المدنية.

وبشأن إمكانية التخطيط لأعمال إرهابية من خلال بث الفوضى عبر إشعال الحرائق، قال العمدوني إن التحقيقات والأبحاث الأمنية متواصلة وهي التي ستكشف حقيقة ما جرى. وأفاد بأن تدخل عناصر الجيش كان بهدف مساعدة «الحماية المدنية» على إخماد الحريق الذي أتى على مساحة 50 هكتارا من غابات الصنوبر والعرعار ذات الأهمية البيئية.

واندلعت حرائق في حقول للحبوب بولايتي (محافظتي) الكاف، وجندوبة (شمال غربي البلاد) مما أتلف عشرات الهكتارات. وشهدت منطقة أولاد مناع، القريبة من مدينة جندوبة، اندلاع حريق أتى على 35 هكتارا من الحبوب، بينما قدرت الخسائر الإجمالية للحرائق في جندوبة بنحو 200 ألف دينار تونسي (قرابة 150 ألف دولاري بعد إتلاف قرابة 80 هكتارا. وأسفرت مواجهات إرهابية خلال شهر فبراير (شباط) الماضي بمنطقة «أولاد مناع» عن مقتل ثلاثة عناصر من الأمن ومدني وجرح أربعة آخرين.

وتواجه تلك المناطق موجة من المواجهات مع مجموعات إرهابية استوطنت في تلك المناطق ذات الطبيعة الغابية.

ووفق بيانات قدمها يوسف السعيداني المدير العام للغابات، سجلت تونس قرابة 300 حريق خلال السنة الماضية، وهو ما أسفر عن إتلاف قرابة أربعة آلاف هكتار. وأشار السعيداني إلى أن عيد الفطر في السنة الماضية شهد 11 حريقا في يوم واحد، وهو ما يعطي انطباعا بوجود نوايا إجرامية وراء تلك الحرائق.

في غضون ذلك، واصل الأفرقاء السياسيون سلسلة الجلسات المخصصة للحسم في أمر الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة دون التوصل إلى نتيجة فاصلة بين من يدعم الانتخابات الرئاسية أولا ومن يؤيد إجراء الانتخابات البرلمانية في مرحلة أولى أو الجمع بينهما. وانتهت الاجتماعات الماراثونية التي جمعت القيادات السياسية إلى تأجيل الحسم في الانتخابات إلى يوم بعد غد الأربعاء.

وكانت أول جلسة مخصصة لحسم موعد الانتخابات قد عقدت في الخامس من مايو (أيار) الماضي ليجري تأجيل الأمر للمرة الخامسة على التوالي. وتوقعت عدة مصادر سياسية، تحدثت إليها «الشرق الأوسط»، ألا يتوصل الفرقاء السياسيون إلى حسم هذا الموضوع، وأن التصويت، سواء بين الأحزاب السياسية الممثلة في المجلس التأسيسي (البرلمان) أو بين أعضاء البرلمان، سيكون الحل الأخير لتجاوز هذا المأزق السياسي الذي تتحكم فيه حسابات انتخابية.

وفي هذا الشأن، قال قيس سعيد، الخبير الدستوري التونسي، لـ«الشرق الأوسط»، إن المأزق المسجل على مستوى إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية مأزق سياسي بالأساس وليس قانونيا كما يتبادر إلى الأذهان.

وأضاف أن الدستور التونسي الجديد لا يفصل في الجدل الدائر حول أسبقية إجراء أي من تلك الانتخابات، ولكل طرف، على حد قوله، مؤيدات دستورية من خلال فصول الدستور نفسه. واقترح سعيد أن تجرى الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في اليوم نفسه رغم مساوئ إجرائها بالتزامن.

من ناحية أخرى، ذكر محمد الغضباني، رئيس المكتب التنفيذي لنقابة أعوان الجمارك التونسية، توجه تعزيزات أمنية وعسكرية مكثفة إلى المعبرين الحدوديين التونسيين مع ليبيا بعد ورود «تهديدات جدية من جماعات إرهابية ليبية موجهة إلى المناطق الحدودية».

وعبر في تصريح لوسائل الإعلام التونسية عن مخاوف جدية من هروب الجماعات المسلحة الليبية إلى تونس، وقال إن كل الأطراف الأمنية والعسكرية تخشى أن تكون للانفجار الأمني في ليبيا تداعيات على تونس. وأشار إلى انتشار تعزيزات أمنية كثيفة على طول المناطق الحدودية الشرقية، بمشاركة الحرس وقوات التدخل وفرق مكافحة الإرهاب.

يذكر أن تونس أرسلت قرابة خمسة آلاف جندي إلى تلك المناطق بعد اندلاع مواجهات مسلحة إثر إعلان «معركة الكرامة» في ليبيا التي يقودها العقيد خليفة حفتر.