حماس تهاجم حكومة الحمد الله على خلفية الرواتب وتتهمها بـ«التمييز»

خلافات حادة تدب في وزارة نتنياهو.. وتهديدات بإسقاطها

شباب فلسطينيون يتدربون في معسكر صيفي نظمته حماس في مدينة رفح بقطاع غزة أمس (أ.ف.ب)
TT

هاجمت حركة حماس بشدة، أمس، حكومة التوافق الفلسطينية الجديدة، على خلفية عدم دفع رواتب موظفيها، في مؤشر خطير حول قدرة المصالحة على الصمود. واتهم القيادي البارز في حماس، وعضو المكتب السياسي للحركة، خليل الحية، رئيس حكومة التوافق رامي الحمد الله بـ«التمييز» بين الموظفين على أساس مناطقي وفصائلي.

وقال الحية إن حركته «لم تكن تتوقع أبدا أن تكون العقبة الأولى في تطبيق اتفاق المصالحة، هي قوت الناس وأرزاقهم، والتمييز بين الموظفين وبين أبناء الشعب الواحد».

وتساءل الحية في مؤتمر صحافي في غزة: «ألم نتفق على أن الحكومة (حكومة التوافق) هي حكومة لكل أبناء الشعب الفلسطيني في الضفة والقطاع؟ أوليس الوضع الطبيعي البديهي أن تتحمل الحكومة الحالية كل التزامات الحكومة السابقة». وتابع: «أليست حكومة التوافق تعني أنها ورثت الحكومتين؟ أم أنهم يعتقدون أنها وريثة حكومة رام الله المختلف عليها دستوريا. أم علينا أن نعود من جديد إلى المناكفات حول من هو الشرعي ومن هو غير الشرعي؟». وانتقد الحية بشدة دفع الحكومة الجديدة رواتب من وصفهم بالمستنكفين عن أعمالهم بينما منعت صرف رواتب الذين عملوا على الأرض.

وكانت أزمة كبيرة تفجرت بين حماس والحكومة الجديدة بعد صرف الحكومة نهاية الأسبوع الماضي رواتب منتسبيها المسجلين على قوائم وزارة المالية، فيما لم تصرف رواتب الموظفين المسجلين على قوائم حكومة حماس السابقة، ما أدى إلى اشتباكات بين موظفي الطرفين عرفت بأزمة الصراف الآلي.

وواصلت الشرطة في غزة إغلاق البنوك لليوم السادس على التوالي أمس، على الرغم من أن سلطة النقد الفلسطينية، أمرت بفتح كافة البنوك أبوابها، في مؤشر على أن الحكومة الجديدة لا تسيطر على الأجهزة الأمنية في غزة.

وفي الأيام القليلة الماضية هاجم عناصر من موظفي حماس موظفين من السلطة وأوسعوهم ضربا ومنعوهم من تلقي الرواتب.

وأعلن الرئيس الفلسطيني محمود عباس ردا على تصرفات حماس أن عليها أن تدفع بنفسها رواتب موظفيها قائلا إنه لن يدفع أي مستحقات قبل تسوية الملفات.

وكان اتفاق المصالحة نص على تحويل ملفات جميع الموظفين إلى لجان متخصصة لدراستها.

وقال الحية: «الحكومة برئاسة الحمد الله قد أخطأت ولم تحسن التصرف تجاه شعبها، وهي تتنكر بذلك لنصوص اتفاقات المصالحة». وأضاف: «نطالب الرئيس أبو مازن بعدم التردد في إعطاء أوامره لحكومة الوفاق أن تسرع في الوفاء برواتب الموظفين في غزة، وألا يعلق غضبه على احتجاج الموظفين على أبواب البنوك لمساواتهم بإخوانهم موظفي رام الله، فالجميع تحت ولايته وولاية الحكومة».

وتشير تصريحات حماس إلى تصعيد متعمد تجاه الحكومة الجديدة، مما يثير تساؤلات حول قدرة المصالحة على الصمود بينما ستواجه ملفات أكثر تعقيدا من ملف الرواتب مثل ملف منظمة التحرير والأجهزة الأمنية والمصالحة المجتمعية والمجلس التشريعي.

وجاءت الخلافات بين حماس والسلطة بعد أن حظيت الحكومة باعتراف أميركي وغربي، في ظل معارضة إسرائيلية متواصلة لها.

وفي المقابل، دبت الخلافات في الحكومة الإسرائيلية، أمس، بشأن معالجة الشأن الفلسطيني، بعدما قرر رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو مقاطعة السلطة ردا على المصالحة مع حماس.

وانتقد مكتب نتنياهو بشدة شركاءه في الائتلاف الحاكم بعد انتقادات وتهديدات وجهت له بسبب عملية السلام.

وكان يائير لابيد وزير المالية وهو ثاني أكبر عضو في الائتلاف الحاكم حمل نتنياهو وجود «أزمة غير مسبوقة» في العلاقات الإسرائيلية - الأميركية، بسبب عملية السلام.

وهدد لابيد بإسقاط حكومة نتنياهو إذا تجاوبت مع طروحات ضم أي مستوطنات بشكل منفرد. وأدان فكرة ضمّ إسرائيل أراضي المستوطنات في الضفة بوصفه عمل «هلوسة»، قائلا في مؤتمر «هرتسيليا» إنه إذا «كانت هناك محاولة لضم حتى ولو مجرد مستوطنة واحدة من جانب واحد فإنّنا لن ننسحب فقط من الحكومة، بل إننا سنسقطها». ودعا لابيد رئيس حكومته، إلى أن يعرض مرة واحدة وإلى الأبد خارطة الحدود المطلوبة من قبل إسرائيل.

وكررت هذا التهديد، تسيبي ليفني وزيرة العدل الإسرائيلية زعيمة حزب الحركة، ودعت إلى اتخاذ قرار تاريخي بالانفصال عن الفلسطينيين، قائلة «إنّ المشروع الاستيطاني عبءٌ اقتصادي، أمني وقيمي على دولة إسرائيل». وأضافت: «كلّ حجر يُبنى في مستوطنة معزولة هو حجر يخرج عن إطار شرعية إسرائيل». ودفعت بضرورة أن «تعمل حكومة نتنياهو مع الحكومة الفلسطينية وفقا للمصالح الإسرائيلية». وأضافت: «فعلا توجد وحدة فلسطينية وفعلا حماس ما زالت جماعة إرهابية إسلامية متطرفة. ولذلك فعلينا أن نميز بين الحكومة وحماس».

وكان كل من لابيد وليفني يردان على نفتالي بينت وزير الاقتصاد الإسرائيلي الذي اتهم الحكومة بتقويض أمن إسرائيل بالإفراج بشكل مستمر عن المعتقلين الفلسطينيين، مطالبا نتنياهو بتبني رؤيته بتنفيذ عمليات «ضم شاملة» للكتل الاستيطانية في الضفة الغربية ومنح الفلسطينيين «حكما ذاتيا» محدودا في تلك المنطقة.

وعرض بينيت ضمّ الأراضي التي تقع فيها المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية، والتي يعيش فيها، بحسبه، 400 ألف يهودي و70 ألف عربي فقط. أما بخصوص بقية أراضي الضفة الغربية، فاقترح بينيت أن يتمتع الفلسطينيون الذين يعيشون فيها بحكم ذاتي وحرية حركة تامّة.

وتابع بينت: «انتهى عصر (اتفاق) أوسلو بعد 21 عامًا، حاولنا فيها طريق الانسحابات وإطلاق سراح الإرهابيين، حان الوقت للاعتراف: بكل بساطة، هذا لا يجدي. حين تهرب من الإرهاب فإنه سيُطاردك. انفصلنا عن غزة فطاردتنا آلاف الصواريخ وتطاردنا حتى يومنا هذا. من يهرب من الإرهاب؛ فالإرهاب يطارده».

ورد مكتب نتنياهو، أمس، على تهديدات لابيد وليفني، متبنيا بعض أفكار بينت. وقالت مصادر مقربة من نتنياهو: «كلّ من لديه تجربة سياسية يعلم أنّ التنازلات لا تحدث دون مقابل، وخاصة مع حكومة أحد أعضائها (حماس) هو تنظيم إرهابي يريد القضاء على دولة إسرائيل». وأضافت المصادر: «شاهدنا نتيجة الانسحاب في غزة من جانب واحد». وتابعت: «سيستمرّ رئيس الحكومة في قيادة دولة إسرائيل بمسؤولية مع الحفاظ على المصالح الوطنية لمواطني إسرائيل وعلى رأسها الأمن».