البرلمان الليبي يكلف الثني اليوم الاستمرار في رئاسة الحكومة

معيتيق امتثل لحكم «الدستورية» > القوات البحرية تهدد بوقف عملها

رئيس المحكمة الدستورية العليا في ليبيا المستشار كمال دهان خلال إعلانه أمس قرار المحكمة بأن انتخاب رئيس الوزراء الجديد أحمد معيتيق غير قانوني (رويترز)
TT

علمت «الشرق الأوسط» أن المؤتمر الوطني العام (البرلمان المؤقت) في ليبيا سيطلب خلال جلسة سيعقدها اليوم (الثلاثاء) بمقره في العاصمة طرابلس من عبد الله الثني الاستمرار في منصبه كرئيس للحكومة الانتقالية بعدما عدت المحكمة الدستورية العليا في البلاد أن انتخاب المؤتمر الشهر الماضي لأحمد معيتيق رئيسا للوزراء «غير دستوري» ما يفتح الطريق أمام تسوية للأزمة في ليبيا حيث توجد في السلطة حكومتان تتنازعان الشرعية.

وقالت المحكمة التي عقدت جلسة علنية بمقرها في طرابلس إنها حكمت بدوائرها المجتمعة «بقبول الطعن المقدم من بعض أعضاء المؤتمر الوطني ضد رئيسه نوري أبو سهمين بصفته وآخر شكلا، وبأن قرار المؤتمر الوطني بشأن تعيين معيتيق رئيسا للحكومة غير دستوري»، وبإلزام المطعون ضده بالمصاريف، ونشر الحكم في الجريدة الرسمية.

وعلى الرغم من أن النطق بحكم المحكمة لم يستغرق أكثر من دقيقة واحدة فقط، فإنه كان كافيا لحسم الجدل السياسي والقانوني الذي دخلت فيه ليبيا منذ عدة أسابيع، وأشعل الصراع على السلطة ما بين حكومتي الثني ومعيتيق، حيث غرقت في حالة بلبلة سياسية مع وجود حكومتين تتنازعان شرعية السلطة.

وفي أول رد فعل رسمي، أعرب أحمد الأمين، الناطق الرسمي باسم حكومة الثني، لـ«الشرق الأوسط» عن ترحيب الحكومة الانتقالية بقرار المحكمة. وقال: «الكل يتعين عليه القبول بهذا القرار، حكم المحكمة الدستورية العليا يؤكد رغبتنا في أن يلعب القضاء دورا رئيسا في عملية صنع القرار السياسي في البلاد، نحن بصدد بناء دولة مؤسسات يلعب فيها القضاء الدور الرئيس». ولفت إلى أنه من المتوقع أن المؤتمر الوطني الذي سيعقد جلسة رسمية بمقره بطرابلس، إما أن يعهد للثني بإعادة تشكيل الحكومة من جديد، أو أن يطلب من حكومته الاستمرار في عملها كحكومة تسيير أعمال، وتصرف لها الميزانيات وتمنح لها كافة الصلاحيات. وبالتالي تشرف على انتخابات مجلس النواب الجديد قبل نهاية الشهر الحالي.

وقال الأمين: «نحن نحترم أحكام القضاء، وقلنا في السابق إن تسليم السلطة لأي حكومة بديلة ليس هو المشكلة ما دام الأمر شرعيا وقانونيا»، مشيرا إلى أن حكومة الثني تمارس عملها كالمعتاد داخل مقرها بطرابلس بعدما سبق لمعيتيق أن سيطر عليه قبل بضعة أيام. وأعلن المؤتمر الوطني، على لسان صالح المخزوم النائب الثاني لرئيسه، امتثاله لحكم المحكمة العليا. وأوضح المخزوم أن المؤتمر الوطني سيرسخ مبدأ أن ليبيا دولة القانون والمؤسسات. وأعلن أنه - وفقا لقرار المحكمة - فإن رئيس حكومة تسيير الأعمال هو السيد «عبد الله الثني»، معبرا عن سعادة المؤتمر بنجاح القضاء في اتخاذ قراراته رغم الظروف والأحداث.

وأضاف المخزوم، الذي كان أحد أسباب اشتعال الصراع على السلطة بعدما ترأس جلسة مثيرة للجدل غاب عنها رئيس المؤتمر ونائبه الأول عز الدين العوامي، وجرى خلالها إقرار فوز معيتيق، أن المؤتمر سيستعرض في جلسة اليوم منطوق الحكم النهائي، والأسباب التي جعلت الدائرة الدستورية بالمحكمة العليا تصدر حكمها بأن الإجراء غير دستوري. وأكد أن المؤتمر سيطبق أحكام هذه الدائرة، وأن «حكم المحكمة سيكون مدرسة وتاريخا مهما، وستجرى عليه دراسات وتحليلات في كليات القانون». ولفت إلى أن المؤتمر دوره تشريعي رقابي، يراقب أداء الحكومة من أجل أن تقوم الحكومة بعمل يلمسه المواطن.

من جهته، أعلن معيتيق امتثاله وقبوله لقرار المحكمة، وقال في بيان صحافي تلاه عبر القنوات الفضائية المحلية أمس «إني اشهد الله والناس والوطن أنني احترم القضاء وأمتثل لحكمه، وسأكون أول من يمتثل لأحكام القضاء». وعد أن ما حدث هو من أهم مكتسبات بناء دولة القانون والمؤسسات، معبرا عن أمله في أن يكون ما حدث هو تكريس للتداول السلمي للسلطة وأن يكون الرابح الأول هو الشعب الليبي.

كما رحبت مجموعة من المتمردين تسيطر على عدد من المواني النفطية في شرق ليبيا، بقيادة إبراهيم الجضران زعيم ما يسمى بالمكتب السياسي لإقليم برقة، بالحكم ضد معيتيق، الذي رفض المتمردون التعامل معه في السابق.

وكان البرلمان الليبي قد انتخب معيتيق في اقتراع شابته حالة من الفوضى واعترض عليه بعض النواب والخبراء في جهاز القضاء. ورفض رئيس الوزراء عبد الله الثني - وهو ضابط في الجيش استقال في شهر أبريل (نيسان) الماضي إثر هجوم على منزله بطرابلس، تسليم السلطة إلى معيتيق، حيث اتهم البرلمان بتقديم تقارير متضاربة عن شرعية انتخاب خلفه مما دفعه لانتظار قرار المحكمة الدستورية بهذا الشأن.

في غضون ذلك، أعلنت شركة البريقة لتسويق النفط أن عمليات إمداد البنزين من مستودع الزاوية إلى مستودع طرابلس النفطي مستمرة من دون انقطاع وأن مشكلة الازدحام على المحطات في طريقها إلى الحل. وناشدت الشركة في بيان بثته وكالة الأنباء المحلية المواطنين إلى التعاون وتجنب الازدحام أمام محطات الوقود، عادة أن الوقود متوفر وبكميات تسد الحاجة لمدة طويلة.

من جهة أخرى، نفى المتحدث الرسمي باسم الإدارة العامة لمكافحة الهجرة غير الشرعية ما تردد عن امتناع الإدارة عن إيواء المهاجرين غير الشرعيين في المراكز التابعة لها. وكان المتحدث الرسمي لرئاسة أركان القوات البحرية الليبية قد هدد أول من أمس في تصريحات لوسائل إعلام محلية بأن القوات البحرية وحرس السواحل يفكرون جديا في وقف عملهم الموجه لمكافحة ظاهرة الهجرة غير الشرعية لغياب استجابة جهات الاختصاص في تسلّم المهاجرين غير الشرعيين بعد القبض عليهم إلى حين إيجاد حلول جذرية لهذه المشكلة.

وأوضح أن حرس السواحل لم يتمكن من تسليم المهاجرين الذين طال بقاؤهم في العراء لغياب استجابة هذه الإدارة لنداءات البحرية بضرورة الحضور واستلام هؤلاء المهاجرين، مشيرا إلى أن البحرية الليبية تعاني من هذه المشكلات باستمرار، وذلك لغياب وجود أماكن إيواء خاصة بالمهاجرين وغياب تجاوب الجهات المعنية بشكل سريع مع هذه القضية الخطيرة التي تتزايد كل يوم، على حد قوله. وتمكن أفراد حرس السواحل من إلقاء القبض على 102 مهاجر غير شرعي من جنسيات أفريقية على متن زورق مطاطي بمسافة 20 ميلا شمال شرقي تاغوراء.