الحكومة المالية والمعارضة المسلحة توقعان في الجزائر اتفاق سلام وسط توقعات بصعوبة صموده

وزير خارجية فرنسا: لم يكن بوسعنا أن نبقى متفرجين أمام زحف الإرهابيين على باماكو

وزير الصناعة والمناجم الجزائري أثناء لقائه وزير الخارجية الفرنسي في الجزائر أمس (أ.ف.ب)
TT

وقّعت ثلاثة تنظيمات مسلحة تنتمي إلى المعارضة المالية، أمس بالعاصمة الجزائرية، اتفاقا مع الحكومة المحلية يقضي بالجلوس إلى طاولة الحوار دوريا، وتفادي استعمال السلاح لحل المشكلات. ويأتي الاتفاق بعد تجدد المواجهات بين الجيش المالي والجماعات المسلحة في شمال البلاد، بالقرب من الحدود مع الجزائر.

وجرت مراسم التوقيع في «إقامة الميثاق»، التي تتبع للرئاسة الجزائرية، بحضور مسؤولين من «الحركة الوطنية لتحرير أزواد» و«المجلس الأعلى لوحدة أزواد». والتنظيمان يمثلان الطوارق الناطقين بالأمازيغية، يعيشون بإقليم أدرار تيفوغاس قرب الحدود مع الجزائر. وحضر أيضا مسؤولون عن «حركة عرب أزواد»، وهو تنظيم طرقي يمثل الطوارق الناطقين بالعربية. وحضر من جانب الحكومة وزير المصالحة الوطنية ذهبي ولد سيدي محمد، الذي زار الجزائر في الشهرين الماضيين بهدف ترتيب «لقاء المصالحة»، بمعية المسؤولين الجزائريين الذين أظهروا حرصا شديدا على رعاية الاتفاق.

وتوصل الطرفان إلى اتفاق في الـ23 من الشهر الماضي، أفضى إلى تعهدهما بوقف المواجهات. وجرى ذلك بفضل جهود بذلها الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز. والتقى الطرفان من جديد بعد أربعة أيام ببوركينافاسو، لترسيم الاتفاق بحضور ممثل عن الرئيس المالي وسفراء الجزائر وساحل العاج والنيجر. لكن الاتفاق لم يصمد طويلا، إذ سرعان ما عادت المناوشات بين الجيش المالي والمسلحين الطوارق في كيدال، كبرى مدن الشمال.

ويرجح بأن اتفاق الجزائر أو «إعلان الجزائر» كما سمته الصحافة الحكومية المحلية، لن يصمد أيضا بسبب الانقسامات الموجودة بين التنظيمات الطرقية المسلحة، وضعف السلطات المالية التي تتهم قطاع من المعارضة بـ«التواطؤ» مع تنظيمات جهادية أبرزها «القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي» و«حركة التوحيد والجهاد في غرب أفريقيا» التي تحتجز ثلاثة دبلوماسيين جزائريين، منذ عامين. وكان فرقاء الأزمة المالية وقعوا اتفاقا مشابها في 2006، برعاية جزائرية. وسرعان ما عادت المواجهات وبأكثر حدة.

يشار إلى أن الجزائر هي أكبر بلد جار لمالي، ويوجد بينهما علاقات مصاهرة قوية تجمع عائلات الطوارق التي تعيش على الحدود من الجانبين. وازدادت العلاقات بين البلدين في شقها الأمني قوة في السنوات الأخيرة على خلفية سيطرة الجماعات الجهادية على شمال مالي، لمدة ثلاث سنوات تقريبا.

وكان ملف أزمة مالي أمس في قلب محادثات الرئيس عبد العزيز بوتفليقة ووزير خارجية فرنسا لوران فابيوس الذي أنهى زيارته للجزائر مساء أمس. وقال مصدر حكومي لـ«الشرق الأوسط» إن بوتفليقة «أبلغ ضيفه الفرنسي بأن الجزائر عازمة على أداء دورها، كبلد كبير في المنطقة، لحل المشكلات الداخلية للبلاد، خصوصا مالي وليبيا تفاديا لتصديرها لبقية البلدان المجاورة». ونقل عن فابيوس قوله إن فرنسا «متأكدة أن الاستقرار الذي تنعم به الجزائر يؤهلها للعب دور محوري في المنطقة». وأضاف المصدر أن بوتفليقة وفابيوس تناولا الحرب الأهلية في ليبيا وضرورة احتوائها في أقرب وقت لمصلحة الاستقرار بمنطقة المغرب العربي، وصحراء الساحل.

وصرّح فابيوس في مؤتمر صحافي مساء أول من أمس بأن بلاده «ترى أن هناك ضرورة في مواصلة الحوار بين الحكومة في باماكو والمجموعات في الشمال من غير الإرهابيين، وبإمكان هذا الحوار أن يجري بوساطة من المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا، أو بوساطة الجزائر أيضا التي تؤدي دور المسهل في هذه الأزمة».

ودافع وزير الخارجية الفرنسي بقوة على خيار التدخل العسكري في شمال مالي مطلع 2013، قائلا إن فرنسا «لم يكن بوسعها أن تبقى متفرجة أمام زحف الإرهابيين على باماكو». وأضاف بهذا الخصوص: «لقد اتصل الرئيس الانتقالي السيد تراوري سابقا بالرئيس فرنسوا هولاند، وطلب منه إرسال قوات فرنسية على استعجال لمنع وصول الإرهابيين إلى باماكو، وقال له إن العاصمة ستسقط بين أيديهم في حال لم تتدخل فرنسا وإنهم سيقتلونه لو وصلوا إلى العاصمة».