«داعش» يكتسح نينوى ثاني أكبر محافظات العراق.. ويتقدم جنوبا نحو تكريت

انهيار أمني تام في الموصل وتخلي الجيش عنها.. وإطلاق مئات السجناء غالبيتهم مدانون بالإرهاب

سيارات تابعة لقوات الأمن تحترق خلال مواجهات مع مسلحي تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) في الموصل أمس (رويترز)
TT

سقطت مدينة الموصل، مركز محافظة نينوى الواقعة في شمال العراق عند حدود إقليم كردستان والمحاذية لسوريا، خلال ساعات بأيدي مسلحي تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش)، في حدث استثنائي يهدد بكارثة أمنية كبرى وبفتح ممر جديد لتنظيمات متطرفة تنشط عند الحدود العراقية - السورية.

وأعلن رئيس البرلمان أسامة النجيفي، في مؤتمر صحافي في بغداد، أن «كل محافظة نينوى سقطت بأيدي المسلحين»، وذلك بعد ساعات قليلة من تأكيد مصادر أمنية خروج مدينة الموصل (350 كم شمال بغداد)، عاصمة نينوى وثاني أكبر مدن العراق، عن سلطة الدولة.

وهذه هي المرة الأولى التي يعلن فيها مسؤول عراقي عن خروج محافظة بكاملها عن سيطرة الدولة العراقية، علما بأن النجيفي يتحدر من نينوى وشقيقه الأصغر، أثيل النجيفي، هو محافظها.

وأفاد رئيس البرلمان العراقي أن المسلحين استولوا على طائرات عسكرية ومروحيات بالإضافة الى معدات عسكرية.

وفي التفاصيل الأمنية، قال مصدر مسؤول في وزارة الداخلية العراقية إن «مجموعات من المسلحين سيطرت أولا على مبنى المحافظة في الموصل وعلى القنوات الفضائية، وبثوا عبر مكبرات الصوت أنهم جاءوا لتحرير الموصل وأنهم سيقاتلون فقط من يقاتلهم». وأضاف لوكالة الصحافة الفرنسية أن «أفراد الجيش والشرطة نزعوا ملابسهم العسكرية والأمنية (...) وأصبحت مراكز الجيش والشرطة في المدينة فارغة، فيما قام المسلحون بإطلاق سراح سجناء» من السجون في المدينة. وتابع «مدينة الموصل خارج سيطرة الدولة وتحت رحمة المسلحين».

وبينما لم يحدد المصدر في وزارة الداخلية الجهة التي ينتمي إليها المسلحون، قال ضابط رفيع المستوى في الشرطة برتبة عميد إن هؤلاء المسلحين ينتمون إلى تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام. وأوضح الضابط أن الهجوم «بدأ في الساعة 23.30 (20.30 ت.غ)، فيما بدأ سكان المدينة في النزوح عنها صوب إقليم كردستان». وأضاف أن «جميع القطعات العسكرية التابعة للفرقة الثانية خرجت إلى خارج المدينة» وكذلك القيادات العسكرية العليا، مؤكدا أن «الموصل بأكملها باتت تحت سيطرة إرهابيي (داعش) عبر انتشار وفراغ أمني كبير وانتشار لمئات المسلحين». وتابع أن «مقر قيادة عمليات نينوى ومبنى المحافظة ومكافحة الإرهاب وقناتي (سما الموصل) و(نينوى الغد) والدوائر والمؤسسات الحكومية والمصارف بيد (داعش)، وتم اقتحام سجون الدواسة والفيصلية وبادوش، وهناك إطلاق سراح لمئات من المعتقلين» ورد أن غالبيتهم مدانون بالإرهاب.

وقال مسؤولون بالجيش والشرطة لوكالة «رويترز» إن المتشددين المسلحين بأسلحة مضادة للطائرات وقذائف صاروخية استولوا على كل نقاط التفتيش تقريبا التابعة للجيش والشرطة في الموصل وحولها. وقال عقيد بالقيادة العسكرية المحلية «فقدنا الموصل صباح اليوم (أمس). تركت قوات الجيش والشرطة مواقعها، وإرهابيو الدولة الإسلامية في العراق والشام يسيطرون على الوضع بالكامل». وأضاف «حدث انهيار تام لقوات الأمن». وقال ضابطان بالجيش إن قوات الأمن تلقت أوامر بمغادرة المدينة بعد أن استولى المتشددون على قاعدة الغزلاني في جنوب الموصل وأخرجوا أكثر من 200 نزيل من سجن شديد الحراسة. وأضافا أن قوات الجيش والشرطة المتقهقرة أشعلت النار في مخازن للوقود والذخيرة لمنع المتشددين من استخدامها. وقال مصدران بالشرطة ومسؤول بالإدارة المحلية إن متشددي «الدولة الإسلامية في العراق والشام» اقتحموا سجنا وحرروا أكثر من 1000 سجين معظمهم من الجماعة ومن «القاعدة». وقال ضباط بالجيش إن معنويات القوات العراقية منخفضة وتفتقر للقوة القتالية التي لدى مقاتلي «الدولة الإسلامية في العراق والشام». وقال ضابط «نحن لا نستطيع أن نهزمهم. لا نستطيع. إنهم مدربون جيدا لخوض قتال الشوارع ونحن لسنا مثلهم. نحتاج إلى جيش كامل لطردهم خارج الموصل». وأضاف «إنهم مثل الأشباح يظهرون فجأة ويوجهون الضربات ثم يختفون خلال ثوان».

وفي وقت تمكن فيه مسلحو «داعش» من السيطرة على الموصل فإنهم سجلوا انتشارا باتجاه الشرقاط شمال مدينة تكريت، الأمر الذي يثير مخاوف من إمكانية تحركهم نحو محافظة صلاح الدين. غير أن محافظ صلاح الدين أحمد عبد الله صالح، أبلغ «الشرق الأوسط» بأن «الأوضاع في عموم محافظة صلاح الدين جيدة ولا توجد مخاوف باستثناء قريتين من جهة الشرقاط والساحل الأيسر، حيث تسلل مسلحون من (داعش) تحت جنح الظلام إلى هاتين القريتين وهم يستقلون سيارات عسكرية تابعة لقيادة عمليات نينوى بعد أن تمكنوا من الاستيلاء عليها». وأضاف صالح «من جانبنا فقد أصدرنا أمرا بتطويع 5000 آلاف شرطي في المحافظة، بالإضافة إلى الجهد الشعبي من قبل العشائر التي حملت السلاح دفاعا عن المحافظة، وبالتالي لا خوف على صلاح الدين».

وفي وقت تعهد فيه محافظ نينوى في خطاب وجهه إلى أهالي المدينة بالبقاء داخلها والدفاع عنها حتى الموت، حيث شوهد وهو يسير في شوارع المدية شاهرا سلاحه، فإنه وجد نفسه محاصرا داخل المبنى بعد سيطرة المسلحين عليه. غير أنه تمكن من الهرب عندما دحرت الشرطة هجوما شنه مئات من المتشددين المسلحين بقذائف صاروخية وبنادق قناصة ورشاشات ثقيلة مثبتة على مركبات. وأفادت تقارير أخرى بأن قوة من البيشمركة الكردية أجلت النجيفي من مقر المحافظة.

وشهدت الموصل انقطاعا في الكهرباء والإتصالات يوم أمس، بينما انقطعت المياه عن بعض مناطق المدينة. وأفاد شهود عيان أن المسلحين التابعين لـ«داعش» جاولوا في الشوارع الرئيسية للمدينة، بينما التزم المدنيون الذين لم يفروا من المدينة منازلهم.