تنظيم «داعش»: خارج عن طاعة «القاعدة».. وطموحه دولة «الخلافة»

يلقب زعيمه بـ«الجهادي الخفي».. وآبار النفط مورده المالي الرئيس

أبو بكر البغدادي
TT

لم يكن تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش) معروفا في سوريا قبل بدء أزمتها منتصف شهر مارس (آذار) 2011. ومع دخول هذه الأزمة طورها العسكري وجذبها مقاتلين عربا وأجانب من خارج الحدود السورية، وجد تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق» طريقه إلى سوريا وتعزز وجوده الميداني قبل أن يعلن نفسه تنظيميا ورسميا في أبريل (نيسان) 2013 تحت تسمية «الدولة الإسلامية في العراق والشام».

وكان تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق» أبصر النور في منتصف شهر أكتوبر (تشرين الأول) عام 2006، بعد اندماج مجموعة من الفصائل الجهادية المسلحة في العراق بزعامة أبو عمر البغدادي، الذي أشرف بنفسه على تنفيذ عدد من العمليات النوعية ضد الحكومة العراقية ومرافق مدنية مختلفة.

ودفع مقتل زعيمها أبو عمر البغدادي خلال اشتباكات مع القوات الأميركية والعراقية في منطقة الغزالية شمال غربي بغداد، خليفته أبو بكر البغدادي إلى زعامة التنظيم الذي شهدت عملياته النوعية توسعا في العراق، حيث تمكن من استهداف البنك المركزي ووزارة العدل، إضافة إلى اقتحام سجني أبو غريب والحوت.

وبعد اندلاع الحراك الشعبي في سوريا ضد نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانتقاله إلى مرحلة المواجهة العسكرية ضد النظام، وجد البغدادي بيئة خصبة لتوسيع تنظيمه خارج حدود العراق سعيا لتوسيع نفوذه تمهيدا لإقامة «الدولة الإسلامية»، من دون أن يتخذ وجود عناصره إطارا تنظيميا مستقلا.

وبعد تشكيل «جبهة النصرة لأهل الشام»، والتي تعد الذراع الرسمية لتنظيم القاعدة في سوريا، أواخر عام 2011، ونمو قدراتها العسكرية، حتى باتت في غضون أشهر من أبرز القوى المقاتلة في سوريا وتمكنت من جذب عدد كبير من المقاتلين السوريين، أعلن البغدادي في التاسع من أبريل (نيسان) 2013 عبر رسالة صوتية بثتها «شبكة شموخ الإسلام»، على شبكة الإنترنت، دمج فرع تنظيم جبهة النصرة مع دولة العراق الإسلامية تحت اسم «الدولة الإسلامية في العراق والشام».

لكن سرعان ما بدأ الخلاف بين التنظيمين يظهر أكثر فأكثر مع تباين الأجندات والخلاف على أولوية قتال النظام السوري، إضافة إلى الصراع على منابع النفط شرق سوريا. ودفع هذا الواقع زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري إلى إعلان حل «الدولة الإسلامية في العراق والشام»، مؤكدا أن «جبهة النصرة لأهل الشام فرع مستقل لجماعة قاعدة الجهاد يتبع القيادة العامة». وأوضح الظواهري أن «الولاية المكانية لدولة العراق هي العراق، في حين أن ولاية جبهة النصرة لأهل الشام هي سوريا»، لتندلع بعدها معارك عنيفة بين التنظيمين بدأت من الحسكة وصولا إلى دير الزور مما تسبب بمقتل أكثر من ألفي عنصر من الطرفين.

ولا يعرف الإعلام الكثير عن البغدادي، زعيم تنظيم «داعش»، إلى درجة وصفه بـ«الجهادي الخفي» البعيد عن عدسات الكاميرا ومنابر الإعلام. وتقتصر المعلومات المتوفرة عنه على انتمائه إلى مدرسة الجهاد العراقي التي تفضل قتال أعداء داخليين مختلفين معها على الانضواء في عقيدة الجهاد العالمي التي وضعها زعيم «القاعدة» السابق أسامة بن لادن وسار بها الظواهري. ويعرف البغدادي بعنفه ووحشيته قياسا ببقية القادة الجهاديين كما تؤكد التقارير الإعلامية أنه يحكم قبضته على مصادر تمويل التنظيم على الرغم من وجود مجلس شورى ووزارة للمال.

ويقدر عدد مقاتلي «داعش» في سوريا بين ستة وسبعة آلاف، وفي العراق بين خمسة وستة آلاف. وعلى الرغم من أن معظم المقاتلين على الأرض في سوريا سوريون، لكن قادة التنظيم غالبا ما يأتون من الخارج وسبق لهم أن قاتلوا في العراق والشيشان وأفغانستان وعلى جبهات أخرى. أما في العراق، فيتحدر معظم مقاتلي «داعش» من أصول عشائرية.

ولا يبدو أن «الدولة الإسلامية في العراق والشام» تحظى بدعم معلن من دولة معينة، وبحسب محللين يحظى التنظيم بالقسم الأكبر من الدعم من جهات مانحة فردية خارجية. وفي العراق، يتبع التنظيم لشخصيات عشائرية محلية تزوده ببعض المال. وفي الفترة الأخيرة اعتمد التنظيم على منابع النفط التي سيطر عليها في مناطق شرق سوريا لتشكل المصدر الرئيس لتمويل مقاتليه.

وأدى ظهور مقاتلي «داعش» والأنباء عن وحشيتهم إلى زيادة مخاوف الدول الغربية التي ترددت في إرسال الدعم العسكري إلى مقاتلي الجيش الحر خشية من وصوله إلى الجماعات الأصولية لا سيما «داعش»، مما انعكس سلبا على قدرات مقاتلي المعارضة التي تتبادل والنظام الاتهامات بشأن التحالف مع التنظيم.