هجوم جديد لطالبان على مطار كراتشي والجيش يرد بغارات على معاقل الحركة

عودة الهجمات تثير تساؤلات حول فعالية استراتيجية التهدئة المنتهجة من حكومة شريف

جنود باكستانيون يمشطون المنطقة القريبة من موقع الهجوم بحثاً عن المنفذين قرب مطار كراتشي أمس (أ.ب)
TT

استهدف هجوم ثان أمس مركزا تدريبيا قرب مطار كراتشي الدولي الأكبر في باكستان، لكنه كان خاطفا ولم يوقع ضحايا، غداة تعرضه لهجوم ليل الأحد/ الاثنين أسفر عن مقتل 37 شخصا وشنته حركة طالبان التي شن الجيش الباكستاني غارات جوية على معاقلها في شمال غربي البلاد أوقعت 15 قتيلا. وهذا الهجوم الذي يبدو هذه المرة بمثابة تحذير دون سقوط ضحايا، تبنته كما حدث أول من أمس حركة طالبان الباكستانية التي تعد حركة التمرد الرئيسة في البلاد.

وأوضحت حركة طالبان أنها أرادت بذلك الثأر لعمليات القصف التي شنها الطيران الباكستاني صباح أمس في منطقة قبلية شمال غربي البلاد معروفة بأنها من معاقلها. وللمرة الثانية في خلال يومين هاجم مقاتلوها مطار كراتشي العاصمة الاقتصادية وكبرى مدن جنوب باكستان، بفتح النار على مركز تفتيش واقع عند مدخله. وخلافا للهجوم اللافت الذي شنته ليل الأحد/ الاثنين مجموعة من عشرة مقاتلين من طالبان مدججين بالسلاح شلت حركة الملاحة في المطار خلال أكثر من اثنتي عشرة ساعة، انتهى هجوم أمس بسرعة كبيرة واقتصر على إطلاق النار من أسلحة خفيفة بحسب السلطات.

وقال الكولونيل طاهر علي المتحدث باسم القوة شبه العسكرية المكلفة بأمن المطار بعد ساعة من الطلقات النارية الأولى: «إن المهاجمين لاذوا بالفرار بعد إطلاق النار والوضع بات الآن تحت السيطرة». ورد حرس القوة العسكرية بإطلاق النار في الهواء قبل أن يبدأوا عملية مطاردة للمهاجمين كما أوضح المصدر نفسه. وبحسب القوة العسكرية فإن عدد المهاجمين كان اثنين، فيما قال الجنرال عاصم باجوا المتحدث باسم الجيش الذي أرسل تعزيزات بعد الهجوم أن عددهم تراوح بين «3 و4». وأضاف الأخير: «إنهم فروا دون أن يتمكنوا من الدخول إلى حرم المطار».

ووقع الهجوم على مسافة نحو 500 متر من المدخل الرئيس لحرم المطار وعلى مسافة أكبر بقليل من محطات الركاب وعرضت الشبكات التلفزيونية المحلية مشاهد ظهرت فيها آليات للقوات شبه العسكرية وسيارات إسعاف تهرع إلى المكان. وأثناء الهجوم أعلن الطيران المدني الباكستاني تعليق الرحلات المقررة في المطار. وكان متحدث باسم شركة الطيران العامة «بيا» مسعود تاجوار أوضح من جهته: «إننا بصدد إجلاء الركاب». ثم استؤنفت الرحلات بعد الظهر. وهذا الهجوم الخاطف الذي بدا أشبه بتحذير وقع في وقت لا يزال فيه المطار تحت وقع هجوم مساء الأحد الذي استمر أكثر من 12 ساعة وأوقع 37 قتيلا بينهم عشرة مهاجمين بحسب آخر حصيلة. وهذا الهجوم الدامي أثار تساؤلات كثيرة حول كيفية تمكن مجموعة المتمردين من الدخول إلى أحد المرافق الاستراتيجية المفترض أنها محاطة بتدابير أمنية مشددة للغاية. وتبنت حركة طالبان الباكستانية الهجوم الذي يعد من الهجمات الأكثر دموية في الأشهر الأخيرة في باكستان.

وأوقعت الهجمات التي شنتها حركة طالبان منذ 2007 أكثر من ستة آلاف قتيل في جميع أنحاء باكستان. ويسجل الهجوم برأي عدد من المحللين فشل استراتيجية التهدئة التي اعتمدتها حكومة رئيس الوزراء نواز شريف الذي عرض في الأشهر الأخيرة مفاوضات سلام مع حركة طالبان لم تفض إلى نتيجة.

وصباح أمس، انتهج الجيش الباكستاني التكتيك الذي يتبعه منذ أشهر عدة بشن عمليات قصف محددة الهدف لمعاقل للمتمردين. فقصف وادي تيرا (شمال غرب) وهي منطقة مضطربة تعتبر معقلا لمختلف مجموعات المتمردين ضمنهم حركة طالبان الباكستانية. وأكد أنه دمر «تسعة معاقل للإرهابيين» وقتل 15 منهم. لكن لم يتسن تأكيد الحصيلة من مصدر مستقل.

وبتبنيه الهجوم الثاني على مطار كراتشي أكد المتحدث باسم طالبان شهيد الله شهيد أن الجيش قصف «مدنيين أبرياء». لكن قسما من المجتمع المدني والحلفاء الغربيين لباكستان يدعون إسلام آباد إلى بذل المزيد وشن هجوم بري على حركة طالبان الباكستانية في معقلها الرئيس، منطقة وزيرستان الشمالية القبلية للقضاء عليها نهائيا. إلا أن أخصائيين في المسائل الأمنية يرون أن إسلام آباد تتردد خوفا من تنفيذ هجمات انتقامية لكن أيضا لأن المنطقة استراتيجية خاصة لتأثيرها في أفغانستان في وقت يستعد فيه هذا البلد لانسحاب قوات حلف شمال الأطلسي من أراضيه بحلول نهاية العام. وازدادت الضغوط على الجيش للتدخل بعد هجوم الاثنين الذي نفذه عشرة مهاجمين وأدى إلى انهيار عملية سلام لا تزال في بدايتها. والضربات الجوية هي الأخيرة في سلسلة عمليات مشابهة يقوم بها الجيش الباكستاني في المناطق القبلية هذا العام بعد فشل محاولات السلام مع حركة طالبان باكستان. وفي الأيام الأخيرة هرب عشرات آلاف السكان من المنطقة القبلية خوفا من عملية برية وشيكة للجيش كما قال مسؤول حكومي مساء أول من أمس في بيشاور كبرى مدن شمال غربي البلاد.