«الترويكا الغربية» تحث الفرقاء السودانيين على إنهاء النزاعات في البلاد

45 منظمة دولية تدعو المجتمع الدولي لوقف استهداف المدنيين

TT

حثت دول «الترويكا الغربية»، المكونة من الولايات المتحدة وبريطانيا والنرويج، الحكومة السودانية والمعارضة والحركات المسلحة على اتخاذ خطوات حاسمة لإنهاء «الصراعات والنزاعات» في البلاد، وإلى بناء الثقة الشعبية في عملية صناعة السلام.

ونددت دول الترويكا في بيان مشترك لها أمس، حصلت عليه «الشرق الأوسط»، بالتراجع في دعوة الحكومة السودانية للسلام، وارتفاع وتائر القمع، والتضييق على الحريات الفردية السياسية والصحافية. ورأت الدول الثلاث الإجراءات الأخيرة التي اتخذتها الخرطوم، تضييقا للمساحة اللازمة لإجراء حوار وطني ناجح، باعتبار أن عملية الحوار تحتاج للمزيد من النوايا الحسنة، وتهيئة البيئة المواتية، لتحظى بشعبية وشرعية.

وقالت في البيان المشترك الذي حمل توقيع كل من وزير الخارجية الأميركي جون كيري، ووزير الخارجية النرويجي بورغ بريندي، ووزير خارجية المملكة المتحدة ويليام هيغ، إنها ستواصل متابعة التطورات في السودان عن كثب، وأبدت استعدادها للعمل مع من يسعون لتحقيق إصلاحات ذات معنى. وقال البيان: «طيلة هذه الفترة، شاركنا الكثير من السودانيين رؤيتهم في أن تحقيق سلام مستدام وسودان مزدهر، لا يمكن تحقيقه إلا من خلال مراجعة الأسس، وإصلاح أنظمة الحكم التي تركز على السلطة المركزية وتهمش المناطق الأخرى».

وأوضح وزراء الترويكا أنهم شعروا بضرورة تشجيع القيادة السودانية في إنفاذ وعدها بإنهاء الصراعات الجارية في البلاد، ومواجهة الفقر ومشاركة الحكم وإطلاق الحريات السياسية وبناء الهوية الوطنية. ودعوا للتوصل إلى فهم مشترك لتحقيق الأهداف المرجوة، بما يؤدي لمشاركة واسعة تتيح فرص نجاح عملية الحوار، وشجعوا القادة السودانيين للعمل والتنسيق مع فريق الوساطة الأفريقية رفيعة المستوى بقيادة الجنوب أفريقي ثابو مبيكي لتحقيق الأهداف المرجوة.

وأوضح بيان الوزراء أن الحوار الذي تحدده الخرطوم والأحزاب السياسية التقليدية وحدها لا يؤدي للنتائج المطلوبة من قبل شعب السودان، وأن الأمر يستلزم تشجيع القيادات السياسية على توفير الوقت والمساحة اللازمة للوفاء بوعدها لحوار حقيقي، تشارك فيه المعارضة المسلحة وغير المسلحة والمجتمع المدني.

وندد البيان بما سماه الإجراءات التي اتخذتها الحكومة السودانية أخيرا، وأثارت الشكوك حول مصداقية مبادرة الرئيس البشير بشأن الحوار، وبما سماه مواصلة الحكومة للحرب واستهداف المدنيين في جنوب كردفان والنيل الأزرق، وحملها المسؤولية عن تعميق الصراع في دارفور ما أدى لتشريد 300 ألف نازح خلال العام الجاري وحده.

وعلى صعيد ذي صلة، وجه تحالف يضم 45 منظمة تعمل على تقديم مساعدات إنسانية أو على دعم جهود السلام في السودان، رسالة إلى مجلس الأمن الدولي، ومجلس السلم والأمن بالاتحاد الأفريقي، وجامعة الدول العربية، يطالبهم فيها بإنهاء «استهداف المدنيين من قِبل الحكومة السودانية والميليشيات المسلحة المرتبطة بها»، وإجراء تحقيق مستقل في الهجمات الأخيرة.

وحسب تلك الرسالة التي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منها، فقد «بلغ هذا القصف حدا من الشدة والكثافة (غير المسبوقة) في تاريخ النزاع في جنوب كردفان، الذي دخل عامه الثالث هذا الشهر. وقد أوضح التحالف أن تلك الهجمات على المدنيين وممتلكاتهم تقع في أماكن بعيدة عن خطوط المواجهة، حيث لا توجد أهداف عسكرية، وبالتالي فقد ترقى إلى مرتبة جرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية. لذلك، يطالب التحالف بتحقيق فوري وغير منحاز، من أجل الوقوف على الحقائق وتحديد المسؤولية عن أي جرائم جرى اقترافها. وتأتي تلك الهجمات البرية والجوية المنسقة في إطار حملة التصعيد العسكري على المنطقتين (جنوب كردفان والنيل الأزرق) ودارفور، وأعلنت الحكومة السودانية أنها تستهدف سحق التمردات المسلحة التي طال أمدها».

وقد قدم التحالف إلى مجلس الأمن الدولي، والاتحاد الأفريقي، وجامعة الدول العربية، أدلة من الواقع على الأرض، جرى التحقق منها، لدعم ما ذهب إليه في رسالته. فهناك لقطات فيديو وصور فوتوغرافية تظهر حجم الدمار الذي وقع على مدى أربعة أيام في أواخر مايو (أيار) الماضي، عندما ألقيت 60 قذيفة من الطائرات النفاثة وطائرات الأنتونوف على بلدة كاودا، العاصمة غير الرسمية لأراضي المتمردين في جنوب كردفان. وسقطت الكثير من تلك القنابل على سوق كاودا، وأصاب بعضها المنظمة الإنسانية المحلية الرئيسة إصابات مباشرة، بينما سقطت قذائف أخرى بالقرب من مدرستين. وقد جاءت تلك الهجمات في أعقاب قصف المستشفى الرئيس في جبال النوبة، بجنوب كردفان، في الأول من مايو، بحسب ما جاء في الرسالة.

وهناك تقارير أخرى من مراقبين ميدانيين تفيد بحدوث عمليات نهب ممنهج، ونزوح جماعي (أكثر من 100 ألف شخص خلال شهري أبريل - نيسان ومايو، أغلبهم في جنوب كردفان) وعمليات تدمير لمخازن غلال، وآبار، وحرق لمنازل في مناطق كانت خاضعة في السابق لسيطرة المتمردين. وعد التحالف تلك التقارير «ذات مصداقية، كما يعتقد أن مسؤولية الكثير من تلك الهجمات تقع على عاتق قوات الدعم السريع، وهي ميليشيا ترعاها الحكومة وتضم الكثير من أفراد (الجنجاويد) السابقين الذي أوسعوا المدنيين في دارفور خرابا منذ عِقد مضى».