سفير إثيوبيا لدى مصر: المياه رجعت إلى مجاريها مع القاهرة

أديس أبابا دعت السيسي لزيارتها.. وتشاور لتفعيل اللجنة الوزارية المشتركة بين البلدين

TT

كشفت مصادر مصرية وإثيوبية أمس عن بوادر انفراجة كبيرة في العلاقات بين البلدين الأفريقيين اللذين يتقاسمان، مع دول أخرى، الاستفادة من مياه النيل، وذلك بعد أن وصلت الخلافات بين القاهرة وأديس أبابا إلى ذروتها من حيث التأزم خلال فترة حكم جماعة الإخوان المسلمين والرئيس السابق محمد مرسي.

وقال سفير إثيوبيا لدى مصر محمود درير لـ«الشرق الأوسط» إن «المياه رجعت لمجراها بين البلدين»، وكشف النقاب عن أن أديس أبابا دعت الرئيس عبد الفتاح السيسي لزيارتها، قائلا إن هناك لقاء مرتقبا أيضا بين الرئيس المصري ورئيس الوزراء الإثيوبي هايلي ماريام دسالين، على هامش القمة الأفريقية التي ستعقد في مالابو عاصمة غينيا الاستوائية بعد نحو أسبوعين من الآن، إضافة إلى تشاور لتفعيل اللجنة الوزارية المشتركة بين البلدين.

وتأتي هذه التطورات مع الأيام الأولى لتولي السيسي الرئاسة المصرية، مع بوادر أخرى لتحسن في العلاقات بين القاهرة وعدة دول أخرى، كان لها مواقف متحفظة من ثورة المصريين ضد حكم مرسي والإطاحة به الصيف الماضي. وزار مصر منذ يوم تنصيب السيسي مطلع هذا الأسبوع، ممثلون لدول غربية من بينها الولايات المتحدة الأميركية.

لكن مؤشرات التحسن في العلاقات بين القاهرة وأديس أبابا، حازت اهتماما إعلاميا كبيرا في مصر بسبب النزاع الذي تصاعد طيلة السنوات الماضية حول قضية سد النهضة الذي تقيمه إثيوبيا على نهر النيل، وتخوف مصر من أن يتسبب في أضرار لها من بينها نقص في حصتها من مياه النهر. ووصلت الخلافات إلى ذروتها حين هدد موالون لمرسي بتوجيه ضربات لسد النهضة أو تحريض قبائل إثيوبية ضد الدولة هناك. ومع بداية ولاية السيسي قبل يومين، جرت مناقشات وصفت بالإيجابية بين الجانبين الإثيوبي والمصري حول ملف النيل.

وقالت مصادر إثيوبية في العاصمة المصرية أمس إن الرئيس الإثيوبي، الدكتور مولاتو تيشومي، بعث رسالة تهنئة إلى السيسي بمناسبة توليه رئاسة مصر. وذكر الرئيس الإثيوبي، في رسالته، أنه «وبالنيابة عن شعب وحكومة جمهورية إثيوبيا الفيدرالية الديمقراطية وبالأصالة عن نفسي، أتقدم بأحر التهاني بمناسبة انتخاب سيادتكم رئيسا لجمهورية مصر العربية». وأعرب تيشومي عن قناعته بأن شعب مصر سوف يجني ثمار الديمقراطية والسلام والتنمية، مشيرا إلى أنه على ثقة بأن علاقات الصداقة التاريخية بين البلدين الشقيقين سيجري تقويتها مستقبلا.

ومن جانبه، قال السفير درير ردا على أسئلة «الشرق الأوسط» إن «ما نشهده الآن عودة المياه إلى مجراها الصحيح بين مصر وإثيوبيا، وهي أساس لتأسيس لعلاقات مبنية على الثقة المتبادلة، وعلاقات تليق بحضارتين عريقتين في أفريقيا، لشعبين تربطهما علاقات نعتبرها نحن في إثيوبيا أبدية وأزلية».

وأضاف السفير الإثيوبي قائلا إنه «خلال الفترة المقبلة، سوف تكون هناك اتصالات متواصلة ومكثفة على أعلى المستويات بين البلدين، وأول هذه البوادر ستكون في لقاء يجمع رئيس الوزراء الإثيوبي والرئيس السيسي، وذلك على هامش القمة الأفريقية في مالابو، خلال الأسبوعين المقبلين».

وأكد درير أن وزير الخارجية الإثيوبي الذي زار مصر أخيرا، قدم دعوة للرئيس المصري لزيارة إثيوبيا. وأضاف أن هناك تشاورا على مستوى وزراء الخارجية لتفعيل اللجنة الوزارية المشتركة بين البلدين والتي ستعقد في أديس أبابا. وأضاف: «قلنا إن المياه عادت إلى مجراها الصحيح بين مصر وإثيوبيا، والفضل يعود إلى حكمة القيادات في كلا البلدين».

وعن مشكلة سد النهضة قال السفير الإثيوبي: «نحن لا نختزل علاقاتنا مع مصر الشقيقة في قضية سد النهضة، والتي - كما قال وزير خارجيتنا - سيكون لها حل في المستقبل».

وجاءت رسالة الرئيس تيشومي مع زيارة قام بها وزير خارجية إثيوبيا، تيدروس أدهانوم غيبريسوس، للقاهرة، حيث استقبله الرئيس السيسي. وقال الوزير الإثيوبي في تصريحات لوكالة الأنباء المصرية الرسمية أمس حول آليات بناء الثقة الجديدة بين البلدين: «اتفقنا على ضرورة وجود التزام سياسي لجعل شراكتنا وتعاوننا أفضل وبالتالي إذا كانت هناك إرادة فهناك دونما شك طريق».

وكانت لجنة للمحادثات حول سد النهضة تضم كلا من مصر والسودان وإثيوبيا قد توقفت بعد خلافات بين الأطراف حول بعض البنود الحاكمة. لكن الوزير الإثيوبي كشف النقاب عن أنه جرى الاتفاق خلال زيارته لمصر ولقاءاته مع الرئيس السيسي ومع وزير الخارجية المصري نبيل فهمي، على إعادة الحوار السياسي الثلاثي بين مصر السودان وإثيوبيا وهو الحوار الذي بدأ في الخرطوم وجرى تجميده لفترة. وقال: «لكننا اتفقنا على استئنافه». وأوضح أن مصر وبلاده سيقومان جنبا إلى جنب بتشاور سياسي على مستويات وزيري الخارجية ورئيسي الوزراء والرؤساء.

وحول رؤية بلاده لما ذكره الرئيس السيسي في خطابه من أن مياه النيل مصدر للحياة وأننا نتفهم حق إثيوبيا في التنمية، قال وزير خارجية إثيوبيا «إننا نتفهم بالطبع ذلك. وما نؤمن به هو أنه إذا كان بوسعنا التحدث بحالة جيدة فإنه يمكننا التعامل مع المشكلة، فما قاله السيسي طالما أنه يعترف بحقوق إثيوبيا وأيضا يتحدث بصيغة الربح للطرفين فهو لم يقل شيئا مختلفا عما كنا نقوله».