احتفالات دمشق بفوز الأسد الابن في الانتخابات تطغى على ذكرى وفاة الأب

النظام يفرج عن عشرات المعتقلين تنفيذا للعفو العام.. وأقرباؤهم يؤكدون تعذيبهم بقسوة

صورة مأخوذة من لقطات بثتها قنوات سورية نظامية للحظة الإفراج عن معتقلين بسجن حماه المركزي أمس (أ.ف.ب)
TT

تحيي وسائل إعلام النظام السوري بـ«خجل» الذكرى الرابعة عشرة لرحيل الرئيس حافظ الأسد (الرئيس الأب)، وسط احتفالات النظام بفوز الأسد الابن (بشار) بالانتخابات الرئاسية التي نظمت في 3 يونيو (حزيران) الحالي.

جاء ذلك في وقت بدأت فيه السلطات السورية الإفراج عن معتقلين مشمولين بمرسوم العفو الرئاسي الذي صدر مطلع الأسبوع الحالي.

وانشغل التلفزيون السوري بتغطية برقيات التهنئة من أحزاب وهيئات وشخصيات دولية وعربية وسورية بمناسبة فوز الأسد بالانتخابات. وقال التلفزيون الرسمي إن البرقيات العدة شددت على وقوف المهنئين إلى «جانب سوريا في محاربة التطرف والإرهاب» وإن «فوز الأسد فصل جديد يفتح الآفاق لوضع حد للأزمة في سوريا».

واكتفت وسائل الإعلام الرسمية ببث تقارير مقتضبة تذكر بالرئيس الراحل، وذلك على غير ما درجت عليه العادة، إذ كانت تفرد مساحات واسعة من الصحف والبث يوم 14 (يونيو) حزيران من كل عام للحديث عن تاريخ الأسد الأب، مستضيفة إعلاميين وشخصيات عربية في مقابلات لهذه الغاية.

في غضون ذلك، قال الأسد خلال استقباله المرشحين الرئاسيين السابقين حسان النوري وماهر حجار إن «الإقبال الكثيف» على صناديق الاقتراع أبرز قوة الشعب السوري وتمسكه «بقراره الحر»، لافتا إلى أن «الشعب السوري تمكن من قول كلمته بشأن مستقبل بلاده».

من جهته، أكد النوري أن الانتخابات اتسمت «بالشفافية والنزاهة وشكلت خطوة مهمة على طريق ترسيخ مبادئ الديمقراطية كونها أول انتخابات تعددية تشهدها سوريا منذ عقود طويلة»، بينما أشار حجار إلى أن «الثقة الكبيرة التي منحها الشعب السوري للرئيس الأسد من خلال الانتخابات تؤكد عزم هذا الشعب على المضي في محاربة الإرهاب حتى القضاء عليه تماما»، بحسب ما ذكره الإعلام الرسمي السوري.

في غضون ذلك، بدأت السلطات السورية، أمس، الإفراج عن عشرات المعتقلين، المشمولين بمرسوم العفو الذي أصدره الأسد بعد أسبوع من فوزه في الانتخابات الرئاسية. وأكد المحامي العام الأول في ريف دمشق زياد الحليبي لوكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) أن مرسوم العفو «دخل حيز التنفيذ منذ إصداره»، مشيرا إلى أن «العمل جار داخل المحاكم بشكل دؤوب لإطلاق سراح من شملهم المرسوم».

ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن رئيس المركز السوري للدراسات والأبحاث القانونية أنور البني قوله إن «السلطات السورية باشرت الإفراج (أول من أمس) عن المشمولين بمرسوم العفو (...) ويقدر عدد الذين أفرج عنهم من سجن عدرا (في ريف دمشق) بالعشرات»، لافتا إلى أنه كان من المتوقع أمس «الإفراج عن دفعة جديدة».

وأوضح البني أن «محكمة الإرهاب والمحاكم الجنائية تدرس ملفات المعنيين المحالة إليها، وتحيل طلب الإفراج إلى إدارات السجون ليفرج عن المشمولين بمرسوم العفو، كل بحسب حالته»، لافتا إلى قرار بالإفراج عن «رنيم معتوق التي اعتقلتها الأجهزة الأمنية في فبراير (شباط) الماضي، وهي ابنة الحقوقي خليل معتوق المعتقل منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2012 مع زميله محمد ظاظا».

وأشار البني إلى أن «العفو يفترض أن يشمل المعتوق نفسه أيضا إضافة إلى عدد من النشطاء والحقوقيين والأطباء بينهم الإعلامي الناشط مازن درويش وزميلاه المدون حسين غرير وهاني الزيتاني الذين اعتقلتهم السلطات الأمنية في فبراير 2012، إضافة إلى الكاتب عدنان زراعي والفنان زكي كورديلو والطبيب جلال نوفل وآخرين. وسيشمل العفو أيضا عبد العزيز الخير، المسؤول في هيئة التنسيق الوطنية من معارضة الداخل المقبولة من النظام».

ويعتقل النظام في سجونه، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان، أكثر من مائة ألف شخص، بينهم 18 ألفا لا يعرف مكان وجودهم. وأصدر الأسد قبل يومين «عفوا عاما» هو الأكثر شمولا منذ بدء الأزمة في منتصف مارس (آذار) 2011، ويشمل للمرة الأولى جرائم متعلقة بقانون الإرهاب الصادر بعد بدء الأزمة الذي اعتقلت السلطات على أساسه آلاف الأشخاص. ويفترض أن يشمل العفو، في حال تطبيقه بحذافيره، عشرات آلاف المعتقلين في السجون السورية المتهمين بارتكاب الإرهاب أو الانضمام إلى تنظيم إرهابي.

وأشار ناشطون إلى إطلاق سراح عدد من المعتقلين الموقوفين في قيادة شرطة دمشق، إضافة إلى معتقلين في سجن عدرا بريف دمشق، مؤكدين أن عدد المفرج عنهم لا يتجاوز العشرات حتى الآن. وقال عدد من الأهالي استقبلوا أبناء وبنات وأقرباء لهم إنهم في «حالة صحية سيئة للغاية، وإنهم تعرضوا لأبشع أنواع التعذيب في معتقلات نظام الأسد».

من جهة أخرى، أكد محافظ حمص طلال البرازي لوكالة «الصحافة الفرنسية» أن «الموقوفين (من ناشطي ومقاتلي المعارضة) في مدرسة الأندلس مشمولون بالعفو الرئاسي، وسيفرج عنهم خلال 72 ساعة بعد إتمام الإجراءات الإدارية»، مشيرا إلى أن «الموقوفين الموجودين في مركز الاعتقال المستحدث هذا هم من تخلف عن أداء الخدمة الإلزامية».