روحاني يصف منتقديه بأنهم يعيشون بأفكار من العصر الحجري عشية مرور سنة على انتخابه

إيران تقول إنها تعيد تصميم مفاعل أراك لخفض قدرته على إنتاج البلوتونيوم

دنيس روس (يمين) المستشار في معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى يتحدث أمس أمام لجنة استماع في الكونغرس حول الاتفاق النووي مع إيران (أ. ف. ب)
TT

وجه الرئيس الإيراني حسن روحاني أمس، انتقادات لاذعة إلى منتقديه من المتشددين في الجناح المحافظ، مشيرا إلى أن بعضهم يعيش بأفكار من العصر الحجري، مؤكدا أنه «لا يحق للأقلية أن تسيء إلى الأغلبية»، في إشارة إلى أن المتشددين والمتطرفين أقلية.

وبشأن تصريحات أطلقها بشأن سياسته في الشأن الثقافي، قال روحاني في ندوة بطهران عشية الذكرى السنوية لانتخابه: «ماذا قلنا نحن ليغضب البعض؟.. نحن قلنا إن الثقافة هي ملك للشعب وعلى الشعب أن يعمل من أجل تطوير وتعالي ثقافته». وأوضح روحاني الذي سبق وأكد أنه لا يمكن إجبار الناس على فعل أشياء لا يحبونها، أن «الثقافة تعني ما نعيشه وما سنعيشه. فهل يريد أحد أن يلف الثقافة في كبسولة ويسجلها في وصفة كي نبتاعها من الصيدلية، يبدو أن البعض لا يزال يعيش في العصر الحجري ويفكر في ذلك العصر».

وتابع روحاني «إن يوافق البعض أم لم يوافق، فإن الحكومة تعتقد بأن البلد هو ملك للشعب وعلى هذا الشعب أن يقوم بجميع الأعمال». وأكد «الحكومة هي الجهة التي تنفذ المطالب الوطنية ولا تتحكم الحكومة بالمطالب الوطنية بل المطالب الوطنية هي التي تتحكم بها». وشدد «لا يحق للأقلية أن تسيء إلى الأغلبية».

وقال الرئيس الإيراني «نحن سنستمر في مسارنا وطريقنا الذي اخترناه، إن كان في السياسة الخارجية أو السياسة الداخلية أو القضايا الثقافية». وأضاف: «الطريق الأول الذي اختاره هذا الشعب في الانتخابات الرئاسية في العام الماضي هو طريق الاعتدال والوسطية، ولا رجعة منه، فالاعتدال والوسطية لا يعني الاختيار بين الحق والباطل».

واستطاع روحاني الذي خاض الانتخابات الرئاسية في عام 2013 بشعار «الاعتدال»، أن يصبح رئيسا للبلاد بأصوات أغلبية الشعب. وكان الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد يتمتع بدعم المحافظين والمتشددين.

وتدل نتائج الانتخابات الرئاسية الماضية التي أدت إلى فوز روحاني على حالة من الملل الشعبي من تولي المتشددين والمحافظين لزمام السلطة في إيران، وعلى طموحات شعبية لعودة الاعتدال إلى البلاد. وكانت التوقعات تشير إلى أن وصول حسن روحاني إلى سدة الرئاسة سيؤدي إلى انفتاح جزئي للأجواء الاجتماعية، والثقافية في إيران. غير أن الجهود التي يبذلها روحاني وحكومته لتحسين الأوضاع الثقافية، والاجتماعية تواجه انتقادات من المتشددين، وبعض المسؤولين الرسميين في إيران.

وردا على سياسات الرئيس الإيراني حول الحريات الاجتماعية، والثقافية قال عضو مجلس خبراء القيادة في إيران آية الله محمد تقي مصباح يزدي قبل نحو أسبوع بأن «بعض أصحاب العمائم من أصحاب المناصب يتهمون المتظاهرين المناهضين لعدم الالتزام بالحجاب، وحشود رجال الدين القلقين من أوضاع الدين، والثقافية في حوزة فيضية الدينية بأنهم لا يعرفون شيئا عن الإسلام، وبأنهم مصابون بمرض التوهم. ولكن يجب أن نطرح عليك (روحاني) هذا السؤال بأنك أين تعلمت أسس الدين التي تؤمن به؟ هل تعلمتها في حوزة فيضية دينية أم في بريطانيا؟».

ونقل مصباح يزدي في تصريحاته آنذاك أقوالا عن زعيم الجمهورية الإسلامية آية الله الخميني بشأن «نفوذ غير المحرمين»، وأشار يزدي إلى أن سياسات روحاني تمهد الأرضية لهذا النفوذ. وأضاف: «أطلقت الجبهة الوطنية شعار فصل الدين عن السياسة، واقتصار الاهتمام بالشؤون الدينية على علماء الدين وليس الحكومة. ونلاحظ أن بعض المسؤولين من أصحاب العمائم يكررون هذا الشعار».

ولم تكن هذه المرة الأولى التي يشن فيها مصباح يزدي المنتمي للتيار المتشدد هجوما على تصريحات روحاني. وعد الرئيس الإيراني في تصريحات أدلى بها منذ فترة المنتقدين الإيرانيين للاتفاق النووي المرحلي بين إيران والقوى الكبرى في جنيف بأنهم أميون. وقوبلت تصريحات روحاني برد حاد من قبل مصباح يزدي الذي قال في فبراير (شباط) «إن علماء الدين، وعائلات الشهداء ينصحونك (روحاني) بألا تنخدع بالولايات المتحدة، ولا تبع عزة الوطن، ولا تهدر دماء الشهداء هباء». وخاطب مصباح يزدي في تصريحاته في فبراير روحاني قائلا: «بعت عزة الشعب، وهدرت دماء الآلاف من الشهداء الذين ضحوا بحياتهم خلال العقود الثلاثة الماضية في سبيل الوطن بهدف استرجاع حفنة من الدولارات التي هي في الحقيقة ملك للشعب. أنت لا تقدر الأمور».

من جهة ثانية قال مسؤول إيراني كبير بأن بلاده «مشغولة بإعادة تصميم» مفاعل للأبحاث النووية لم يكتمل بعد لتخفيض إنتاجه المحتمل من مادة البلوتونيوم التي قد تستخدم كوقود للقنبلة النووية.

ومستقبل مفاعل أراك من النقاط الشائكة التي تحتاج إيران والقوى العالمية الست إلى حلها كي تتوصل إلى اتفاق بحلول أواخر يوليو (تموز) بشأن الحد من برنامج إيران النووي المثير للجدل مقابل إنهاء للعقوبات المفروضة عليها. والعقبة الكؤود الرئيسية هي النطاق المسموح به لتخصيب إيران لليورانيوم. ونتيجة غياب القدرة على إحراز تقدم في حل الخلافات في المفاوضات أصبحت المهلة التي اتفق عليها الطرفان للتوصل إلى اتفاق طويل الأجل وتنتهي في 20 يوليو تبدو غير واقعية بصورة متزايدة.

وقال رئيس هيئة الطاقة الذرية الإيرانية علي أكبر صالحي بدا كأنه يعود إلى موقف أكثر ليونة في تصريحات لوكالة أنباء الجمهورية الإسلامية الإيرانية في وقت متأخر أمس بأن كمية البلوتونيوم التي سيكون المفاعل قادرا على إنتاجها ستخفض إلى أقل من كيلوغرام واحد سنويا بعدما كانت تتراوح بين تسعة وعشرة كيلوغرامات وفق تصميمه الأصلي.

ويقول خبراء غربيون بأن كمية بين تسعة وعشرة كيلوغرامات تعد أكبر من المطلوب لصنع قنبلة نووية. ونقلت الوكالة الإيرانية عن صالحي قوله «نحن مشغولون في الوقت الحالي بإعادة تصميم ذلك المفاعل للترتيب لهذا التغيير».

وبعد محادثات مع مسؤولين أميركيين رفيعي المستوى في جنيف هذا الأسبوع شككت إيران في مدى جدوى المهلة التي تنتهي في يوليو للتوصل إلى اتفاق نهائي يهدف إلى تقليل خطر نشوب حرب أوسع في الشرق الأوسط بشأن الطموحات النووية لإيران. وتتيح شروط المحادثات تمديد المهلة لكن الخبراء يعتقدون أن إيران والقوى الغربية قد تواجه ضغوطا سياسية داخلية للتشدد في شروطهم خلال الفترة الإضافية ما قد يجعل تحقيق انفراجة أمرا أصعب. وستعقد الجولة المقبلة من المفاوضات في فيينا بين 16 و20 يونيو (حزيران) الحالي.