مائة ألف طالب لبناني يبدأون اليوم امتحانات الشهادات الرسمية

بعد تسوية قضت بتفادي مقاطعة المدرسين وتريثهم في إصدار النتائج حتى زيادة أجورهم

TT

يبدأ نحو مائة ألف طالب في لبنان اليوم التقدم لامتحانات الشهادات الرسمية، على مراحل، بعد تأجيل موعد الامتحانات ليوم واحد، إثر سجالات وتصعيد متبادل بين هيئة التنسيق النقابية التي تضم المدرسين وموظفي القطاع العام والبرلمان اللبناني الذي لم ينجح بعد في إقرار سلسلة الرتب والرواتب التي تمنحهم زيادة على رواتبهم.

وزير التربية والتعليم العالي إلياس أبو صعب تمكن، قبل يومين، من التوصل إلى تسوية مع الأساتذة، بعد أن أعلنوا قرارهم مقاطعة الامتحانات لناحية وضع الأسئلة ومراقبة الطلاب خلال الامتحانات وتصحيح الاختبارات وإصدار النتائج، قبل إقرار الزيادة على أجورهم. وقضت التسوية بأن يجري المدرسون الامتحانات بعد تأجيل انطلاقتها يوما واحدا، على أن يمتنعوا عن التصحيح وإصدار النتائج حتى إقرار السلسلة.

وكان طلاب الشهادة الرسمية المتوسطة والثانوية قد عاشوا حالة من التخبّط والقلق عشية الأنباء عن تأجيل محتمل لموعد الامتحانات أو إلغائها، بعد أن وجد المدرسون في التهديد بالامتناع عن الالتحاق بمراكز الامتحانات الرسمية، سبيلا للضغط على البرلمان لتحصيل حقوقهم. وتكاد عبارة «نريد الخلاص»، العبارة المشتركة التي تتردد على لسان الأهالي قبل الطلاب، انطلاقا من خوفهم على مصير السنة الدراسية بعد حالة «الهرج والمرج» بين وزير التربية وهيئة التنسيق.

أما الطلاب، الذين لم يخف عدد منهم رغبته بإلغاء الامتحانات للانتهاء من هذا الهم، فقد أبدى غالبيتهم انزعاجهم من الوضع الذي ساد في اليومين الأخيرين. وأشار محمد قصير، الذي يستعد لامتحانات الشهادة الثانوية الأسبوع المقبل إلى أنه «كان متأكدا من حصول الامتحانات في الموعد المحدد لها»، مستندا في رأيه إلى «أحداث مصيريّة وحروب مرّ بها لبنان من دون أن تلغى أو تؤجل الامتحانات الرسمية». وأبدى قصير، لـ«الشرق الأوسط»، تفهمه لمطالب الأساتذة، لكنه يرى في الوقت ذاته أن «استخدام الطلاب كورقة ضغط لتحقيق هذه المطالب ليس أمرا صائبا».

أما الطالبة سارة حمية فأوضحت أن «توقف التدريس في أكثر من مرة خلال العام الدراسي أصابنا بالإحباط نتيجة تكرار الغياب والتضارب في مصير الامتحانات الرسمية». وقالت: «وعدت نفسي بالكثير من النشاطات في العطلة الصيفية، إضافة إلى شغفي بمتابعة مباريات كأس العالم 2014. والتي ستؤثر بالطبع على قدرة تفوّقي في الامتحانات في حال أجلت».

وأيدت سارة التي تستعد بدورها لامتحانات الشهادة الثانوية زميلها لناحية تيقنها المسبق من إجراء الامتحانات برغم التصعيد والتهويل اللذين سبقاها. وتابعت: «درست وأكملت واجباتي الدراسية لكنني لا أنكر شعوري بالقلق، فالتوتر لا يقتصر على الحالة الطبيعية المتعلقة بهيبة الامتحانات الرسمية، بل تخطى ذلك ليصبح هما حقيقيا يتعلق بمصير حياتي في حال إلغاء الامتحانات»، عادة أن «إفادة النجاح من دون شهادة رسمية قد لا تخولها متابعة اختصاصها الجامعي خارج لبنان».

من جهته، رأى مدير إحدى المدارس الرسمية في بيروت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن الوزير أبو صعب «في موقع لا يحسد عليه»، لافتا أن «للوزير الحق في إجراء الامتحانات لصالح الطلاب، وهو أقر أيضا بحق هيئة التنسيق في الحصول على كامل مطالبها، لكن إقرار سلسلة الرتب والرواتب أكبر من صلاحياته».

ولم تقتصر حالة الضياع على لطلاب وحدهم، بل انسحبت على أهاليهم، الذين تنتابهم غالبا حالة توتر مضاعفة على أولادهم، ولم يتردد عدد كبير منهم في الإشارة إلى أن التصعيد الذي سبق موعد الامتحانات والتهديد بإلغائها ساهم في تشتيت أفكار أولادهم وزاد الضغط النفسي على الطرفين معا.

وفي سياق متصل، تقول مريم، وهي والدة تلميذ في الشهادة المتوسطة، إنها «مسجونة» في المنزل حتى انتهاء فترة الامتحانات، مشددة على أنه «لا يجوز أن نتساهل بالثروة الأهم التي يملكها لبنان، وهي الثروة البشرية المتمثلة في تلامذته».