قانون الخطابة يدخل حيز التنفيذ في مساجد مصر وسط حراسة أمنية مشددة

الأوقاف حذرت من اعتلاء غير الأزهريين المنابر.. والسلفيون غابوا لأول مرة

TT

دخل قانون تنظيم الخطابة حيز التنفيذ أمس في مساجد مصر، وخاضت وزارة الأوقاف معركة جديدة لإحكام سيطرتها على منابر التحريض ولمواجهة الأفكار والدعاة التكفيريين الذين يدعون المصريين للعنف ضد السلطات الحاكمة في البلاد. وبينما خطب أئمة وزارة الأوقاف ووعاظ بالأزهر الشريف خطبة الجمعة أمس في حراسة أمنية مشددة، غاب مشايخ الدعوة السلفية عن الخطابة في المساجد أمس لأول مرة منذ ثورة 25 يناير عام 2011.

وأصدر الرئيس السابق عدلي منصور قانونا نص على أنه «لا يجوز لغير المعينين المتخصصين بوزارة الأوقاف والوعاظ بالأزهر ممارسة الخطابة والدروس الدينية بالمساجد، وحدد القانون عقوبات بالحبس والغرامة لمن قام بممارسة الخطابة أو أداء الدروس الدينية بالمساجد دون تصريح أو ترخيص أو ارتدى الزي الأزهري».

وأعلنت وزارة الأوقاف حالة الطوارئ في جميع المساجد والزوايا أمس، لتفعيل قانون ممارسة الخطابة، وضبط المخالفين، في أول صلاة جمعة تقام بعد تنصيب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وشكلت الوزارة غرفة عمليات لمتابعة خطبة الجمعة في المساجد، والالتزام بعدم صعود المنابر لغير الأزهريين أو الحاصلين على تراخيص، إضافة إلى التزام الدعاة بموضوع الخطبة الذي حددته الوزارة وهو «قيمة الوقت»، كما خصصت خطبة الجمعة الثانية عن خطورة التحرش ومنافاته لكل الشرائع السماوية والقيم الإنسانية والأخلاق الكريمة.

وقالت مصادر مسؤولة في وزارة الأوقاف إن «كل مشايخ الدعوة السلفية لم يحصلوا على تراخيص خطابة، ولم يعتل منهم المنبر أو غيرهم من غير الحاصلين على تراخيص خطابة»، مؤكدة أنه جرى «التأكيد على جميع محافظات مصر بتحرير محاضر لمن يخالف ذلك وإحالته للنيابة العامة»، لافتة إلى أن «العقوبة قد تصل إلى الحبس من ثلاثة أشهر إلى سنة وغرامة تتراوح بين 25 ألف جنيه و50 ألف جنيه».

وتحاول الدولة المصرية منع استخدام دور العبادة في الصراع السياسي الذي تشهده البلاد. وقالت وزارة الأوقاف، وهي المسؤولة عن المساجد، إنه «جرى من قبل وضع توحيد الخطب التي سيتناولها الأئمة خلال خطبة الجمعة لضبط المنابر». وأكد شهود عيان أن «معظم المساجد شهدت حراسة أمنية مشددة لتطبيق قانون الخطابة» وأكدت المصادر المسؤولة في وزارة الأوقاف، أن «إجمالي المخالفات التي وقعت بالأمس لا تتعدي 10 مخالفات، حيث قام أنصار جماعة الإخوان المسلمين باعتلاء منابر بعض المساجد الأهلية في عدد من المحافظات، وجرى تحرير محاضر بذلك»، مشددة على أن «الوزارة لن تتهاون مع الأئمة المخالفين لقراراتها».

وفي ذات السياق، غاب كل من الدكتور يونس مخيون رئيس حزب النور السلفي والدكتور ياسر برهامي نائب رئيس الدعوة السلفية وغيرهم من قيادات ومشايخ الدعوة السلفية الذين اعتادوا إلقاء الخطب يوم الجمعة عن المنابر أمس.

ويرى مراقبون أنه منذ ثورة 25 يناير التي أطاحت بنظام حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك اعتاد قادة الدعوة السلفية اعتلاء المنابر لإلقاء خطبة الجمعة؛ إلا أن أمس لأول مرة يشهد غيابا ملحوظا في وجود السلفيين بالمساجد لإلقاء خطبة الجمعة.

وكان قانون الخطابة قد أثار جدلا داخل الدعوة السلفية وذراعها السياسية حزب النور، حيث أعلنت الدعوة السلفية أنها سوف تتواصل مع الأزهر ووزارة الأوقاف للبحث عن حل، في المقابل راهن عدد من أعضاء الدعوة السلفية على أن وزارة الأوقاف سيكون لديها عجز في توفير الأئمة لإلقاء خطبة الجمعة. لكن مصدرا مسؤولا في الأوقاف قال إن «وزارة اوقاف قامت بتكليف عدد من الخطباء ازهريين العاملين بالوزارة بالانتقال إلى مناطق أخرى في محافظات مصر داء خطبة الجمعة لسد العجز بالمساجد».

وخاضت وزارة الأوقاف من قبل معركة لبسط سيطرتها الدعوية على منابر المساجد الفترة الماضية، والتي أصبحت أرضا خصبة لدعاة التطرف والتحريض منذ عزل الرئيس السابق محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين، عن السلطة، في يوليو (تموز) من العام المنصرم. وأدى عدد كبير من علماء الأزهر والأوقاف خطب الجمعة بالمساجد الكبرى في القاهرة والمحافظات أمس، مشددين على ضرورة محاربة التحرش بالنساء والفتيات.

وقالت المصادر المسؤولة نفسها، إنه «لا تهاون بعد اليوم في تطبيق حق الأئمة وحماية كيانهم الفكري بعدم تدخل غير المتخصصين في خطابهم أو محاولة التهوين من ملابسهم التي تعد بمثابة رمز للأزهر والتابعين له، فشكل الدعاة ومضمونهم أصبح في حماية القانون».

في سياق آخر، حاصرت عناصر جماعة الإخوان مسجد غافر بمنطقة العمرانية في حي الهرم بمحافظة الجيزة أمس، وذلك خلال حضور ياسر برهامي وقيادات الدعوة السلفية وحزب النور، عقد قرآن أحد قيادات الدعوة، وأطلق أنصار جماعة الإخوان الألعاب النارية والشماريخ على المسجد.

وقال مصدر أمني إن «قوات الشرطة تمكنت من إخراج برهامي خارج المسجد وسط حراسة أمنية مشددة، لعدم الاعتداء عليه من قبل عناصر الإخوان». وأكد قيادي بالدعوة السلفية أن «الإخوان اعتدوا على برهامي والموجودين في المسجد؛ إلا أن قوات الأمن وصلت إلى المنطقة وفور وصولهم لاذوا بالفرار».

وأعلنت الحكومة المصرية جماعة الإخوان تنظيما إرهابيا نهاية العام الماضي، وحملتها مسؤولية عمليات إرهابية استهدفت أبرياء في قلب العاصمة المصرية والمحافظات وشبة جزيرة سيناء، خلال الأشهر الماضية. وقتل أمس مساعد شرطة خلال مسيرة للإخوان بضاحية المعادي (جنوب القاهرة).

وتحشد جماعة الإخوان أنصارها أيام الجمعة، منذ عزل مرسي، في تقليد سنته الثورة المصرية منذ 28 يناير (كانون الثاني) عام 2011.