ناشطون سوريون يرصدون انسحاب مقاتلين عراقيين لمؤازرة حكومتهم

خبير مقرب من «حزب الله» ينفي الدفع بتعزيزات إلى سوريا

TT

أكد ناشطون سوريون أمس، انسحاب جزء من المقاتلين العراقيين الشيعة الذين يقاتلون إلى جانب القوات النظامية السورية، من ريف دمشق وحلب، باتجاه الأراضي العراقية، «استجابة» لفتوى أصدرها المرجع الديني الشيعي السيد علي السيستاني أول من أمس، بقتال المتشددين في العراق.

وفيما نقلت مصادر إعلامية معلومات عن عزم «حزب الله» إرسال تعزيزات إلى سوريا، لسد النقص في المقاتلين العراقيين المنسحبين، وضع مقربون من الحزب هذه المعلومات في إطار «الخيالات». ونفى خبير استراتيجي مقرب من الحزب انسحاب المقاتلين العراقيين، كون المتطوعون من شيعة العراق للقتال في بلادهم «فاق عددهم الـ90 ألفا، ولا يحتاجون إلى أي مؤازرة».

وكان ناشطون سوريون رصدوا انسحابات نفذها مقاتلون عراقيون شيعة في سوريا، منذ إعلان رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي دعم جيش شعبي للقتال إلى جانب القوات الحكومية العراقية. وتضاعفت المؤشرات على انسحاب المقاتلين العراقيين، بعد إعلان السيستاني فتوى الجهاد. وقالت مصادر سورية معارضة في ريف دمشق لـ«الشرق الأوسط»، إن «المقاتلين العراقيين نفذوا انسحابات من أطراف يلدا جنوب دمشق، ومن محور الغوطة الشرقية شمال دمشق، كما سلموا مراكزهم في تخوم منطقة السيدة زينب بريف دمشق، استعدادا لمغادرة البلاد باتجاه العراق»، مشيرة إلى أن مقاتلين عراقيين كانوا يرابضون في الذيابية والحسنية جنوب السيدة زينب، انسحبوا بالفعل، وغادروا إلى العراق.

وكان المقاتلون العراقيون انخرطوا في القتال إلى جانب القوات النظامية السورية في خريف 2012، واتسع دورهم بالقتال إلى مناطق محيطة بالسيدة زينب، وتجلى ذلك في ربيع عام 2013 باستعادة السيطرة على مواقع كانت المعارضة سيطرت عليها في المنطقة. ومنذ أوائل العام الحالي، قال ناشطون سوريون إن «المقاتلين العراقيين يقاتلون في حلب إلى جانب القوات النظامية على ثلاث جبهات، أهمها الراموسة ومبنى الدفاع الجوي شمال غربي مدينة حلب، وقرب مطار النيرب العسكري جنوب المدينة».

غير أن تسارع التطورات الميدانية في العراق، دفع بالمقاتلين العراقيين إلى الانسحاب من مواقع قتالية في أكبر مدن الشمال السوري، باتجاه الأراضي العراقية. وأكد ناشطون سوريون أمس، انسحاب مئات المقاتلين العراقيين من حلب. وأشارت مصادر المعارضة إلى خروج 30 آلية عسكرية من حي الحمدانية في حلب، باتجاه الأراضي العراقية، في حين أحصى شهود عيان خروج أرتال من السيارات المحملة بمقاتلين عراقيين من الأكاديمية العسكرية، ينتمي معظمهم إلى «لواء أبو الفضل العباس» وهو أكبر فصيل عراقي يقاتل في سوريا، ويناهز الألفي مقاتل شيعي عراقي، إضافة إلى مقاتلي «حركة النجباء». ومن المعروف أن اللواء الأخير كان يقاتل على جبهة شمال شرقي حلب قرب منطقة الشيخ نجار، فيما ينتشر مقاتلو «لواء أبو الفضل العباس» على جبهات مبنى الدفاع الجوي المحاذي لجمعية الزهراء، وحيي الحمدانية والراموسة، إضافة إلى جبهة مطاري حلب الدولي والنيرب العسكري جنوب حلب.

وتقاطعت معلومات المعارضة السورية، مع ما ذكرته وسائل إعلام لبنانية أمس، لناحية أن أوامر صدرت إلى جميع المقاتلين العراقيين على الأراضي السورية بوجوب العودة إلى بلدهم من أجل الانخراط في الدفاع عن مدنهم. ونقل موقع «جنوبية» المعارض لـ«حزب الله»، عن مصادر إعلامية مقربة من الحزب، قولها إن الحزب اللبناني يستعد لإرسال قواته إلى مناطق عسكرية في سوريا ستخليها ميليشيا أبي الفضل العباس العراقية، موضحا أن «ألفي مقاتل جديد سيدفع بهم حزب الله إلى سوريا »، نافيا في الوقت نفسه «إمكانية إرسال وحدات من النخبة من قوات الحزب إلى الأراضي العراقية للقتال إلى جانب الجيش العراقي كما أشيع في كواليس الضاحية الجنوبية».

وسخر مقربون من «حزب الله» من فرضية انسحاب العراقيين في سوريا إلى العراق، ومن دفعه بتعزيزات إلى ريف دمشق. ورأى الخبير الاستراتيجي الدكتور أمين حطيط، المقرب من «حزب الله»، لـ«الشرق الأوسط» أن ما يقال «ليس أكثر من خيالات صحافية»، واضعا إياه في سياق «الشائعات». وأكد أن «العراق لا يحتاج إلى مقاتلين»، مجددا نفيه إرسال «حزب الله» مقاتلين منه إلى العراق، أو الدفع بتعزيزات إلى سوريا، عادا أن ما يقال «يعد انفصالا عن الواقع». وأوضح حطيط، وهو عميد متقاعد من الجيش اللبناني، أن الشيعة العراقيين «استجابوا لفتوى السيستاني بشكل كبير خلال 12 ساعة على صدورها»، مشيرا إلى «ارتفاع عدد الراغبين بالتطوع في العراق إلى أكثر من 90 ألف مقاتل»، ما يعد «تأكيدا على أن رجوع العراقيين من سوريا لا أساس له من الصحة، نظرا لانتفاء الحاجة إليه». وقال: «حسب معلوماتي، فإن أعداد الراغبين بالتطوع فاقت الحاجة العراقية، نظرا لأن مقاتلي (داعش) لا يتجاوز عددهم التسعة آلاف، وهو ما يؤكد أن (داعش) نفذت مسرحية عسكرية في العراق، سرعان ما ستنتهي لكنها فضحت المتعاملين معها من العراقيين».