تعزيزات عسكرية إسرائيلية ومظليون وقوات خاصة في الضفة بحثا عن ثلاثة شباب مفقودين

يعلون يتعهد باعتقال الخاطفين.. واتهامات للسلطة الفلسطينية بالمسؤولية

انتشار عسكري إسرائيلي في مدينة الخليل في الضفة الغربية، أمس، بحثا عن ثلاثة شبان فقدوا منذ الخميس الماضي «رويترز»
TT

عزلت إسرائيل، أمس، جنوب الضفة الغربية وأرسلت لواء كاملا من المظليين وقوات خاصة إلى مدينة الخليل للبحث عن ثلاثة مراهقين مستوطنين، أعلن عن فقدانهم الجمعة قرب مجمع غوش عتصيون الاستيطاني.

وقال وزير الدفاع الإسرائيلي موشيه يعلون في مؤتمر مقتضب، أمس، بعد سلسلة مشاورات أمنية: «لن يهدأ لنا بال إلى أن نتمكن من تحرير الشبان الثلاثة المختطفين وإلقاء القبض على المخربين الضالعين في عملية الاختطاف». وأكد أن فرضية العمل ما زالت تقضي ببقاء الشبان المخطوفين (إيال يفراح 19 عاما، ونفتالي فرنكال 16 عاما، وجلعاد شاعير 16 عاما) على قيد الحياة.

وقال يعلون إن «محاولة اختطاف إسرائيليين ليست بجديدة، وإن جيشه تمكن من إحباط أكثر من 30 محاولة العام المنصرم و14 محاولة هذا العام».

وبحسب وسائل الإعلام الإسرائيلية، فإن الفتية الثلاثة هم طلاب في مدرسة تلمودية، وأحدهم يحمل أيضا الجنسية الأميركية، وأن السفارة الأميركية أخطرت بأمر اختفائه. واختفى الفتية الثلاثة، الخميس، قرب غوش عتصيون؛ حيث كانوا يستوقفون السيارات المارة لتوصيلهم مجانا إلى القدس.

وتحاول إسرائيل الوصول إلى مكان الشبان الثلاثة منذ فجر الجمعة، وشوهد جنود إسرائيليون يشنون عمليات بحث في بيوت وأحراش تقع في أطراف الخليل. وانطلق الجنود في تتبعهم لآثار المستوطنين الثلاثة، من مكان وجدت فيه سيارة محترقة على مفترق طرق يعتقد أنها استخدمت لخطف الشبان.

وقرر مسؤولو الجيش والأجهزة الأمنية، أمس، توسيع العمليات في الخليل وخارجها بعد 24 ساعة من البحث.

وأرسل يعلون 2000 جندي إلى مدينة الخليل بهدف توسيع العملية في مختلف أنحاء المدينة، واستدعى جنودا من لواء المظليين إلى جانب أعضاء من الوحدات الخاصة ومن لواء كفير (المتخصص في عمليات حرب الشوارع والعصابات)، بالتزامن مع توسيع المداهمات والاعتقالات خارج الخليل.

وقالت مصادر أمنية إن «يعلون أوعز بتوسيع عمليات الملاحقة والاعتقال في مدن الضفة الغربية كافة، إذا لزم الأمر». بينما كشفت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن أن عمليات الاعتقال ستركز على «نشطاء الفصائل وأسرى محررين».

وكان الجيش اعتقل من الخليل وحدها أكثر من 16 فلسطينيا معظمهم يعملون في مجال «سرقة» السيارات الإسرائيلية، في محاولة لتتبع خط سير الشبان قبل وبعد العملية. ولم تستطع الأجهزة الأمنية الإسرائيلية الوصول إلى طرف خيط حتى وقت متأخر من الأمس، على الرغم من مصادرتها مقاطع فيديو من كاميرات محلية وأمنية محيطة بالمكان.

وأقر مصدر عسكري إسرائيلي أنه «لا تتوافر المعلومات حول الشبان، لكن الفرضية الأقوى أنهم تعرضوا لعملية اختطاف».

ويستند «الشاباك» (جهاز الأمن العام في إسرائيل) في نظرية الاختطاف إلى أن «الهواتف الجوالة التابعة للمستوطنين الثلاثة توقفت عن إرسال الإشارات نهائيا»، بالإضافة إلى أن «العملية جرت قرب الخليل التي نفذ ناشطون فيها عمليات فردية طوال العالم الماضي».

وأغلق الجيش الإسرائيلي، أمس، جميع المعابر مع قطاع غزة القريبة من الخليل، ومنع سكان المدينة من السفر إلى الأردن تحسبا لاحتمالات مختلفة، من بينها هرب منفذين، ومحاولة نقل المستوطنين إلى خارج الضفة.

وعلى الرغم من أن ما حدث مع المفقودين غير معروف على وجه الدقة، فإن إسرائيل اتهمت الفلسطينيين فورا باختطافهم، وحمل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الرئيس الفلسطيني محمود عباس المسؤولية عن حياة الفتيان الثلاثة.

وحاولت إسرائيل الاستفادة من جهود السلطة الفلسطينية، عبر الضغط والاتهامات. وكان نتنياهو اتصل فورا بوزير الخارجية الأميركي جون كيري وقال له إنه يعد الرئيس الفلسطيني عباس «مسؤولا» عن مصير المفقودين الثلاثة؛ مما استدعى اتصالا من كيري بعباس لحثه على تقديم المساعدة.

لكن السلطة الفلسطينية تحملها مسؤولية اختطاف المستوطنين الثلاثة، وأصدر عضو اللجنة المركزية لحركة فتح ومسؤول لجنة التواصل مع الإسرائيليين محمد المدني، بيانا، طالب فيه الجانب الإسرائيلي بـ«وقف إطلاق الاتهامات جزافا فيما يخص اختفاء ثلاثة مستوطنين قرب الخليل، خصوصا أن الحادث حدث في منطقة واقعة تحت السيطرة الإسرائيلية التامة».

وانتقد المدني سرعة توجيه جهات إسرائيلية رسمية وإعلامية أصابع الاتهام للسلطة الفلسطينية. وقال: «التوظيف المتسرع من جانب حكومة نتنياهو لقضية إنسانية كهذه، وحتى قبل انتظار نتائج التحقيقات الأولية حول ظروف الاختفاء من أجل التحريض على السلطة الوطنية الفلسطينية، إنما يعبر عن لجوء رخيص لدعاية مغرضة لا مبرر لها بهدف تحقيق بعض المكاسب السياسية أو الحزبية، وللتستر على كل الممارسات الإسرائيلية التي تنسف أسس وقواعد الحل السياسي العادل والشامل في المنطقة».

وقال المدني إن «السلطة الفلسطينية تعرب عن (عميق أملها) بعودة المستوطنين الثلاثة الذين فقدت آثارهم جنوب الضفة إلى أسرهم بسلام». وشدد على أن «الأجهزة الأمنية بالضفة لن تدخر أي جهد يساعد في العثور على الفتيان الثلاثة وإعادتهم إلى أسرهم بسلام».

وترجح السلطات الإسرائيلية أن يستمر البحث عدة أيام قبل الوصول إلى نتائج، وتنطلق الأجهزة الأمنية الإسرائيلية من فرضية أنه لا يمكن إخفاء المستوطنين طويلا في مناطق الضفة الغربية الخاضعة لسيطرة إسرائيلية مباشرة بخلاف الوضع في قطاع غزة. ولم تعلن أي جهة فلسطينية رسميا تبنيها خطف مستوطنين، لكن تنظيما سلفيا أعلن مسؤوليته عن عملية الاختطاف، في بيان لم يتسن التأكد من صحته، وشكك في أمره.

وفي المقابل، نددت حركة حماس على لسان المتحدث فوزي برهوم بالمساعدات التي تقدمها السلطة الفلسطينية لإسرائيل في قضية اختطاف الشبان الثلاثة معتبرة إياها «وصمة عار». وقال برهوم: «التنسيق الأمني الذي تقوم به حكومة (رئيس الوزراء رامي) الحمد الله وأجهزة أمن عباس مع العدو للاستدلال على أبطال عملية الخليل والقبض عليهم، عار لا يغسله سوى استمرار المقاومة وفضح هؤلاء».