سامراء.. الجبهة الأمامية للصراع الطائفي في العراق

تأسست في العصر الآشوري.. واختارها ثامن الخلفاء العباسيين عاصمة

TT

تضم سامراء، التي تبعد 110 كلم شمال بغداد ويشكل السنة غالبية سكانها، واحدة من أهم العتبات الشيعية المقدسة وهي ضريح الإمامين علي الهادي وحسن العسكري الذي دمرت قبته ومئذنتاه في تفجيرين في 2006.

كانت سامراء، الواقعة على الضفة الشرقية لنهر دجلة والبالغ عدد سكانها مائتي ألف نسمة، العاصمة الثانية للخلافة العباسية بعد بغداد، وهي اليوم في قلب النزاع الدائر حاليا بين تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش) والسلطات التي يهيمن عليها الشيعة الذين يشكلون أغلبية في البلاد.

وكان المرجع الشيعي الأعلى في العراق، آية الله العظمى علي السيستاني، دعا أول من أمس «المواطنين الذين يتمكنون من حمل السلاح ومقاتلة الإرهابيين دفاعا عن بلدهم وشعبهم ومقدساتهم» إلى «التطوع والانخراط في القوات الأمنية لتحقيق هذا الغرض المقدس». وأعلن أن «من يضحي منكم في سبيل الدفاع عن بلده وأهله وأعراضه فإنه يكون شهيدا».

وكان تنظيم «القاعدة في بلاد الرافدين» فجر القبة الذهبية للضريح الشيعي في 22 فبراير (شباط)، 2006، مما أدى إلى اندلاع حرب مذهبية (2007 - 2007). وفي 13 يونيو (حزيران) 2007، انهارت المئذنتان في انفجار.

وسامراء، المدرجة على لائحة التراث الإنساني المهدد لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (يونيسكو)، تأسست في العصر الآشوري. فقد بنى الملك سنحاريب في 690 قبل الميلاد قلعة فيها. وفيها مات القيصر الروماني يوليانوس المعروف باسم «يوليانوس المرتد» بعدما أصيب بجروح قاتلة على أثر هزيمته أمام قطيسفون عاصمة الساسانيين في 363 قبل الميلاد.

وفي بداية القرن التاسع، تحولت سامراء إلى دير مسيحي محاط ببضعة منازل عندما اختارها ثامن الخلفاء العباسيين المعتصم بالله لتصبح عاصمة، بينما كانت بغداد على وشك أن تشهد ثورة. وجلب الخليفة العباسي مواد البناء والمهندسين والفنانين من كل المناطق الإسلامية ليبني مدينة تثير إعجاب معاصريه، وسماها «سر من رأى» ليصبح على مر الزمان سامراء.

وتوسعت المدينة بسرعة وقام الخلفاء السبعة الذين تلوا حتى 892 بتطويرها عندما كانت الدولة العباسية تمتد من تونس إلى آسيا الوسطى.

وبالقرب من جامع سامراء الكبير الذي شيد بين 849 و851 والمدمر حاليا، تنتصب واحدة من أقدم مآذن العراق، الملوية التي يبلغ ارتفاعها 52 مترا وتتميز بشكلها اللولبي. وقد دمرت آخر طبقة في هذه المئذنة التي تشكل رمزا دينيا وكنزا حضاريا في أبريل (نيسان) 2005. وصمدت سامراء أمام هجمات المغول بفضل الزيارات للعتبة الشيعية المقدسة.

وقد بني ضريح مزدوج في مكان المنزل الذي دفن فيه علي الهادي وابنه حسن العسكري الإمامان العاشر والحادي عشر للشيعة ومن أحفاد النبي محمد، والمكان الذي اختفى فيه الإمام الثاني عشر محمد بن الحسن المهدي تحت الأرض. وأعيدت تغطية القبة التي أنجزت في 1905 بـ72 ألف شريحة من الذهب.