حياة طبيعية في حزام بغداد الشمالي وسط تحضيرات عسكرية

مسلحو «داعش» يهددون العاصمة العراقية من ثلاث جهات

TT

يؤكد القائد المسؤول عن حماية المدخل الشمالي لمدينة بغداد، وهو يتفقد عملية حفر خنادق على طريق رئيس، أن قواته جاهزة لمواجهة محتملة مع مجموعات من المسلحين تحاول منذ أيام الزحف نحو العاصمة من محاور عدة.

وقال العقيد عبد الجبار الأسدي متحدثا لوكالة الصحافة الفرنسية عند نقطة تفتيش التاجي (25 كلم شمال بغداد) إن «الوضع الأمني مستقر، وليس هناك أي تهديد يدعو للقلق، لكن قواتنا ستكون مستعدة لأي طارئ». وأضاف الأسدي: «تعرضت نقطة التفتيش هذه إلى هجومين إرهابيين في السابق، أصبت في أحدهما بجروح بليغة، إذ تحطمت أسناني وكسرت يدي (...) ورغم ذلك رفضت مغادرة نقطة التفتيش هذه، ولن أغادرها».

وبلغ مقاتلو «داعش»، الذين غالبا ما يتحركون بسيارات مكشوفة رباعية الدفع رافعين راياتهم السوداء فوقها، مناطق تبعد نحو 100 كلم عن شمال العاصمة في محافظة صلاح الدين بعدما سيطروا على مركزها، تكريت. ودخل المسلحون مؤخرا إلى محافظة ديالى شمال شرقي العاصمة، ليضيفوا بذلك محورا ثالثا في زحفهم نحو بغداد، حيث باتوا يحاولون التقدم من صلاح الدين في الشمال وديالى في الشرق، بينما تتواصل سيطرتهم على مدينة الفلوجة في الغرب.

ورغم اقتراب المسلحين من مشارف العاصمة، بدأت الحياة في المناطق الشمالية من بغداد تسير بشكل طبيعي، في موازاة الاستعدادات العسكرية والأمنية الواضحة والخجولة في بعض أجزاء هذه المناطق، ومنها التاجي.

وعند نقطة التفتيش في هذه الناحية الحيوية والرئيسة، التي تمر عبرها معظم البضائع الآتية من شمال البلاد، انهمك عدد من عناصر القوة التي يقودها الأسدي في حفر خنادق عند الطريق الرئيس استعدادا لأي معركة محتملة مع المسلحين. واحتشدت عند نقطة التفتيش أعداد كبيرة من السيارات التي يحمل بعضها عائلات وينقل بعضها الآخر بضائع، بينما كانت تمر شاحنات تحمل على متنها مئات المتطوعين الشباب لمقاتلة المسلحين وهم يرددون أناشيد تمجد العراق، متوجهين نحو مركز تدريب قريب.

وكان ضباط الشرطة والجنود المنتشرون في الموقع يؤدون واجباتهم في تفتيش السيارات بشكل طبيعي. وقال حسين التميمي أحد القادة المحليين لقوات الصحوة السنية التي تقاتل تنظيم القاعدة والمتطرفين: «قواتنا تقف صفا واحدا إلى جانب الجيش والشرطة وتنتشر في مناطق حزام بغداد بشكل متواصل». وأضاف هذا المقاتل الذي يتولى قيادة أكثر من ثلاثة آلاف عنصر: «أين هم؟ نحن بانتظارهم ونبحث عنهم. نريد أن يأتوا لنقضي عليهم».

من جهته أكد الشيخ ضياء علي التميمي، أحد وجهاء منطقة التاجي، أن «أهلنا هنا يقفون جميعا إلى جانب قواتنا الأمنية لأنه يجب على الجميع حماية الأرض والوطن، وهذا شرف لكل عراقي». وتابع: «الحياة طبيعية تماما في مناطقنا ولا ترعبنا هجمات هؤلاء الإرهابيين».

وفي منطقة الكاظمية الواقعة في أقصى شمال العاصمة، والتي تحوي مرقدا شيعيا يزوره مئات الآلاف سنويا، كانت حركة الشارع طبيعية، والازدحام اليومي عند نقطة التفتيش الرئيسة ظل على حاله. وقال أبو خضر (43 سنة)، وهو صاحب محل تجاري على طريق رئيس في الكاظمية، إن «الوقوف بوجه الإرهاب واجب وطني على كل إنسان في العالم وليس في العراق فقط. نحن لا نخاف هؤلاء أبدا. هل نخاف أعداء الله؟». وتابع: «الناس هنا تعيش بشكل طبيعي تماما ولم تغادر أي عائلة منزلها».

وكان تنظيم «داعش» دعا الأربعاء مقاتليه إلى مواصلة «الزحف» جنوبا نحو العاصمة بغداد ومدينتي كربلاء والنجف الشيعيتين. ومنذ ذلك الحين تسود أجواء من التوتر والترقب بغداد، حيث قلت حركة السيارات في الشارع، بينما فضل بعض أصحاب المحلات إبقاءها مغلقة.

وفي هذا السياق، وضعت السلطات العراقية خطة أمنية جديدة تهدف إلى حماية بغداد من أي هجوم محتمل، وتشمل نشر قوات إضافية من الجيش والشرطة، بحسب ما أفاد به المتحدث باسم وزارة الداخلية العميد سعد معن.

وبعدما دعت المرجعية الشيعية العراقيين إلى حمل السلاح ومقاتلة المسلحين، بدأت تبرز في بعض مناطق العاصمة مظاهر تسلح علني، في عودة إلى أيام النزاع الطائفي بين عامي 2006 و2008 حين كانت الميليشيات تحكم الشارع. وقال المحلل السياسي إحسان الشمري: «هناك خطر كبير بسبب الانهيار الأمني الذي حدث في الموصل (350 كلم شمال بغداد)، لكن لا أتوقع دخولهم إلى بغداد، ونهايتهم ستكون بعيدة عن العاصمة». وتابع: «في حال دخولهم ستكون هناك حرب شوارع، والمسؤولية لن تكون على عاتق القوات الأمنية فقط، بل على عاتق العراقيين جميعا».