مقاتل شيعي عراقي عائد من سوريا: الجيش يفتقر إلى خبرتنا

مستشار للمالكي يقر بأن تسليح المدنيين أمر خطير

TT

عندما سمع أبو علي العقابي الثلاثاء الماضي أنباء عن سيطرة الميليشيات على الموصل، التي تعد ثاني أكبر المدن العراقية، أدرك ما الذي يتعين عليه القيام به؛ فسريعا ما قام أبو علي، الذي يعد أحد القادة العراقيين الشيعة والذي كان يقاتل لحساب الرئيس السوري بشار الأسد في السنوات الأخيرة، بجمع أغراضه وغادر متجها إلى بغداد؛ حيث وصلت إليه أنباء تفيد بوصول الميليشيات بالفعل إلى الضواحي الشمالية.

قال أبو علي: «عقب استيلائهم على الموصل، قررنا العودة من سوريا من أجل دعم القوات الأمنية هنا». وصل أبو علي إلى بغداد الثلاثاء الماضي، وانضم إلى حشد متزايد من قادة الميليشيات العراقية والمقاتلين ممن يحرصون على استغلال ما لديهم من مهارات اكتسبوها خلال سنوات من القتال في سوريا ضد بعض الميليشيات السنية المشابهة لتلك الميليشيات التي تهاجم العراق. وحسب ما أفاد به أبو علي: «نحن الآن نتمتع بخبرة كبيرة فيما يتعلق بالقتال في حرب العصابات»، وأوضح أن الجيش العراقي «ليست لديه الخبرة التي تمكنه من القيام بذلك».

وبينما كان أبو علي يتحدث مساء الجمعة الماضي، احتشد مئات من الشباب الشيعة في ساحة كرة السلة بشرق بغداد من أجل التضامن معه، حيث كانوا يصطفون أمام المسؤولين عن تجنيدهم مثلهم مثل طلاب الجامعات في معرض فرص العمل. وقام المسؤولون بتسجيل أسماء هؤلاء الشباب وعناوين إقامتهم لإجراء التحريات اللازمة عنهم قبل إلحاقهم بصفوف الميليشيا.

ولم تكن هناك ميليشيا شيعية واحدة تعمل على تجنيد الشباب، بل كان هناك ما لا يقل عن أربع ميليشيات، وربما أكثر. وقد استجاب الآلاف من الشيعة للدعوة للقتال وحمل السلام التي أطلقها في وقت سابق آية الله العظمى علي السيستاني، من أجل حماية الشيعة، ودعما للحكومة الشيعية التي يرأسها نوري المالكي.

وأصابت فكرة عودة الميليشيات الشيعية كثيرين بالقشعريرة والخوف؛ إذ إن ذلك الأمر يجلب إلى الأذهان ذكريات تقشعر لها الأبدان فيما يتعلق بالحرب الطائفية التي اندلعت في العراق في الفترة من 2005 حتى عام 2008، وما ارتبط بها من أعمال تعذيب وحملات التطهير العرقي في الأحياء السكنية، فضلا عن الجثث الملقاة في نهر دجلة، والثقوب المحفورة في رؤوس الضحايا، فإذا قامت مثل تلك الحرب، فسيكون من الصعب إخمادها، ويدرك القادة الشيعة جيدا أن الميليشيات السنية على استعداد لخوض تلك الحرب.

وحتى الآن تدعي الميليشيات الشيعية التي يجري تشكيلها أنها ليست مناهضة للسنة، لكن من الواضح أنه يوجد نوع من عدم الثقة، إن لم تكن كراهية غير معلنة، والمؤشرات تعد مقلقة بالنسبة للأيام المقبلة.

مستشار لرئيس الوزراء نوري المالكي قال: «بالطبع، يعد الأمر خطيرا في حال القيام بتسليح المدنيين، لكن يجب أن يدافع الناس عن طوائفهم وأماكن وجودهم»، وأضاف موضحا أن الحكومة ترحب بتأييد آية الله علي السيستاني لها.

يعد شعور الشيعة بأهمية تشكيل ميليشيات من أجل ضمان حمايتهم مؤشرا يوحي بانزلاق البلاد إلى حالة من الفوضى، فالجيش العراقي، الذي أنفقت عليه الولايات المتحدة الأميركية نحو 20 مليار دولار في محاولة لإعادة بنائه بوصفه قوة متعددة الأعراق، تحركه الطائفية؛ بحيث أصبح غير قادر أو غير راغب في حماية المواطنين العراقيين ومحاربة أعداء الدولة العراقية بطريقة منصفة.

واليوم تعد الميليشيات الشيعية مختلفة بعض الشيء عن تلك الميليشيات النشطة التي كانت موجودة أثناء أسوأ أيام القتال الطائفي، عندما كانت الميليشيات الشيعية ترتبط إلى حد كبير بالأحزاب السياسية والدينية وتعمل بشكل منفصل، وغالبا ما تكون معارضة للجيش العراقي، أما الميليشيات الشيعية الحالية، التي كان البعض منها موجودا منذ عدة سنوات، فتعمل جنبا إلى جنب قوات الأمن بطريقة شبه متكاملة، وذلك حسب ما ذكره العديد من قادة الميليشيات.

وبينما تحدث أحد القادة عن المشكلات، الذي تمكن من خلال الهاتف من الوصول إلى أحد قواعد الجيش العراقي؛ حيث يساعد في تدريب الجنود والعمل مع القادة في استراتيجية مكافحة الإرهاب، كان يبدو كأنه متعال؛ فقد شبه هذا القائد، الذي عرف نفسه فقط باسم محمد لأسباب أمنية، الوضع بشيء أقرب إلى نظام تعاوني، ينضم بموجبه أعضاء الميليشيات إلى القوات ويدفعونهم للتمسك برأيهم وموقفهم. وأوضح، قائلا: «الذي يشهده العراق الآن ما هو إلا نسخة مما قمنا به في سوريا، فقد وضعنا الخطة، ونقترح تحرك القوات».