أحزاب مصرية ليبرالية تسعى لإعادة ترتيب خارطة تحالفات الانتخابات البرلمانية

«الاجتماعي» و«الدستور» يضغطان لتعديل تحالف موسى.. و«الوفد» يبحث عن وضعية خاصة

TT

بدأت الأحزاب الليبرالية في مصر لعبة عض الأصابع، لتحسين شروط انضمامها لتحالف موسع، بات قادة تلك الأحزاب على قناعة بأنه السبيل الوحيد لتأمين وصولهم للبرلمان، قبل شهر من الدعوة لانتخابات مجلس النواب؛ آخر استحقاقات خارطة المستقبل التي توافق عليها الجيش وقوى سياسية عقب عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي.

وبينما يضغط حزبا الدستور والمصري الديمقراطي الاجتماعي على عمرو موسي، رئيس لجنة الخمسين لتعديل الدستور، لاستبعاد أطراف من تحالفه، بدأ حزب الوفد البحث عن وضعية خاصة في تحالف موسى. ومنيت الأحزاب الليبرالية بخسارة كبيرة في آخر انتخابات برلمانية قبل عامين، إذ حصل حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين على أكثرية مقاعد مجلس الشعب حينها، وحل حزب النور السلفي تاليا له.

ولا يزال من غير المعروف موقف جماعة الإخوان من خوض الانتخابات البرلمانية المقرر البدء في إجراءاتها قبل 18 يوليو (تموز) المقبل. وقال عصام شيحة، القيادي في حزب الوفد، لـ«الشرق الأوسط»، أمس، إن «الأحزاب المدنية في حاجة قوية للتحالف لمواجهة القوى الدينية. هي ملزمة بذلك إذا أرادت برلمانا قويا معبرا عن ثورتي 25 يناير (كانون الثاني) و30 يونيو (حزيران)، وتشكيل حكومة وحدة وطنية». ويقود موسى مساعي لتأسيس تحالف حزبي واسع يضمن غالبية مقاعد مجلس النواب (المسمى الجديد لمجلس الشعب)، لكن حزب الوفد الذي يحتفل عام 2018 بمرور مائة عام على تأسيسه، أعلن قبل يومين عن تحالف جديد.

وأضاف شيحة قائلا إن «قادة الحزب لديهم إشكالية في الانضمام إلى تحالف يخلو اسمه من (الوفد)، أعرق الأحزاب المصرية.. لذلك دشنا تحالفا تحت اسم (الوفد المصري الديمقراطي)، والباب مفتوح لأي حزب في الانضمام إليه، كما لا يزال الباب مفتوحا أيضا لينخرط تحالفنا في تحالف أوسع».

لكن قياديا رفيعا في الحزب رجح أن يكون الإعلان عن التحالف محاولة من الوفد لتحسين وضعه ضمن تحالف موسى الذي يفاوض معظم الأحزاب الرئيسة في البلاد. ويؤشر هذا الصراع لصعوبة إقامة التحالفات في ظل تقليص نسبة المقاعد المخصصة لنظام القائمة إلى 22 في المائة من مقاعد مجلس النواب البالغ عددها 540 مقعدا. ونص قانون الانتخابات البرلمانية الذي أصدره الرئيس السابق عدلي منصور قبل يومين من انتهاء ولايته، على إجراء الانتخابات البرلمانية بالنظام المختلط (تخصيص نسبة من المقاعد للانتخابات بالنظام الفردي، وأخرى لنظام القائمة)، وسط انتقادات واسعة للقانون، من قبل الأحزاب.

وكان موسى قد حث الأحزاب على الاستعداد لخوض الانتخابات البرلمانية بإقامة تحالف واسع، قائلا في بيان له صدر قبل نحو أسبوع إنه «في ضوء صدور قانون الانتخابات، وأهمية الاستعداد للعمل طبقا له - بصرف النظر عن وجهات النظر السابق التعبير عنها بالنسبة للقانون المذكور - يصبح من المتعين، تحقيقا للمصلحة العليا للبلاد في الأمن والاستقرار وإعادة البناء واستعادة الدور السياسي الخارجي النشط لمصر، أن يبدأ الاستعداد المتعلق بالاستحقاق الثالث فورا ومن منطلق إيجابي، بإقامة تفاهم سياسي عام بين مختلف القوى السياسية والشخصيات ذات الثقل».

وقالت مصادر مطلعة إن موسى دعا الدكتور السيد البدوي رئيس حزب الوفد، والدكتور محمد أبو الغار رئيس الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، إلى اجتماع عاجل اليوم (الاثنين) لبحث إعلان الوفد عن تحالفه الجديد، قبل الانتهاء من المفاوضات التي يجريها موسى مع الحزبين.

ويدخل الحزب المصري الديمقراطي اجتماعات موسى ولديه تفويض من حزب الدستور للتفاوض باسمه، لكن رئيس الحزب الدكتور أبو الغار يواجه ضغوطا متزايدة من قواعده للتمسك باستبعاد أطراف، وصفها مصدر قيادي بالحزب بـ«غير المرحب بها» من التحالف، وهو أمر يشارك فيه أيضا حزب الدستور.

وبدا أن فرص انخراط تحالف آخر يقوده اللواء مراد موافي، رئيس جهاز المخابرات العامة الأسبق، في تحالف موسى تتراجع، بحسب مصادر مطلعة على سير المفاوضات التي يجريها موسى حاليا، وهو ما قد يزيد من فرص التحاق أحزاب دعمت في وقت سابق المرشح الرئاسي الخاسر حمدين صباحي إلى تحالف موسى. وقال موافي في تصريحات صحافية له أمس إن «المرحلة المقبلة تتطلب من الجميع إعلاء المصلحة الوطنية، والاجتماع على قلب رجل واحد، بعيدا عن أي مطامع أو مناصب أو مصالح شخصية»، لافتا إلى أنه يعتزم إعادة النظر في التحالفات التي يتم تأسيسها حاليا.

ويطرح قانون الانتخابات البرلمانية تحديات حقيقية أمام الأحزاب، وهو ما دفع حزب النور السلفي، بحسب مصادر مطلعة، إلى فتح قنوات اتصال مع القوى الليبرالية لبحث إمكانية التنسيق في الانتخابات المقبلة؛ إذ تبدو الكلفة السياسية للمغامرة بالمنافسة المنفردة فيها، باهظة. وقال شيحة، وهو عضو الهيئة العليا بحزب الوفد، إن الفترة المقبلة سوف تشهد العديد من المفاجآت، التي ستعيد تشكيل الخارطة السياسية في البلاد.