إظلام كامل في شرق ليبيا.. والخارجية تطلب توضيحات من الدوحة

حفتر يصعد هجومه ضد المتطرفين في بنغازي ويتعهد بالرد على محاولة اغتياله

عسكري ليبي خلال حراسة إحدى محطات الوقود في العاصمة طرابلس أمس (أ.ف.ب)
TT

اشتعلت أمس مجددا المواجهات المسلحة بين «قوات الجيش الوطني» بقيادة اللواء المتقاعد خليفة حفتر، وميليشيات تابعة لتنظيمات متطرفة في مدينة بنغازي (شرق ليبيا)، حيث شنت مقاتلات تابعة لحفتر هجمات جوية على مواقع لتنظيم أنصار الشريعة، بالتزامن مع هجوم بري باستخدام دبابات وراجمات صواريخ، مما دفع عشرات العائلات إلى الفرار من المدينة، وأسفر عن سقوط أربعة قتلى وتسعة جرحى على الأقل في الاشتباكات التي تواصلت أمس لليوم الثاني على التوالي.

وتركزت المعارك التي اندلعت منذ مساء أول من أمس واستخدمت فيها الأسلحة الثقيلة والمتوسطة واستمرت حتى بعد ظهر أمس، في منطقتي القوارشة وسيدي فرج، وسط تحليق مكثف للطائرات العسكرية في سماء المدينة وضواحيها، فيما أكد اللواء حفتر أن قواته ستواصل ملاحقة الإرهابيين في محيط بنغازي وستدفنهم فيها إذا لم يغادروا البلاد.

وأشاد حفتر، في مؤتمر صحافي عقده بمقره في بنغازي أمس، بالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وقال إنه يتوقع أنه «سيضع مصر في المكانة التي تستحقها»، واصفا السيسي بأنه «الرجل المناسب في المكان المناسب». كما أشاد بالدور الذي قام به الشعب المصري والسيسي في ما سماه بـ«فضح مخططات جماعة الإخوان المسلمين»، معلنا أن دول الجوار الجغرافي لليبيا تقف وقفة مساندة لقواته عبر إغلاق الحدود والحد من عمليات تسلل الإرهابيين.

وتابع حفتر «نشعر الآن بتفوق كبير جدا، ولا نحتاج لأي مساعدة خارجية باستثناء منع الإرهابيين من الدخول. حتى الآن لا توجد أي مساعدات من أي جهة، ونعتمد على إمكانياتنا الذاتية». وأعلن عزمه مقاضاة الشيخ الصادق الغرياني، مفتي ليبيا، بسبب فتواه الأخيرة بمقاتلة قوات الجيش الليبي، وعد حفتر خارجا عن شريعة الدولة والقانون. وقال «نحن حريصون على إنجاح الانتخابات البرلمانية المقبلة في 25 من الشهر الحالي».

ونفى حفتر مجددا وجود أي حوار مع المتطرفين، كما اتهم من جهة أخرى قطر بالتورط في محاولة اغتياله الفاشلة الأسبوع الماضي، وقال «سيكون لنا رد على قطر لأنها مسؤولة عن محاولة لاغتيالي»، مضيفا في تصريحات تلفزيونية أمس، أن «مدينة بنغازي هي بيت القصيد في المعركة، ولا بد من التركيز عليها بهدف إلحاق الهزيمة بمجموعات أنصار الشريعة المسلحة والجماعات المرتبطة بها».

وبعدما قال «الشعب الليبي يمنحنا التفويض»، نفى وجود أي تدخل دولي في العمليات العسكرية الراهنة حتى الآن، كما نفى وجود أي حوار مع من وصفهم بالقتلة من عناصر جماعة أنصار الشريعة وتنظيم القاعدة. وهدد حفتر بأنه «إذا لم تخرج العناصر الأجنبية من البلاد، سندفنهم بالداخل». وأضاف مطمئنا أنصاره «نحن الآن أقوى بعشرات المرات منذ أن بدأنا». وقال إن قيادات من البرلمان الليبي ساعدت في دخول عناصر إرهابية إلى البلاد بجوازات سفر مزورة. وكشف النقاب عن أن السودان يقدم مساعدات للعناصر الإرهابية داخل ليبيا، موضحا أن معظم الدول المجاورة تتعاون مع الجيش الوطني الليبي في ضبط الحدود.

وقال العقيد صقر الجروشي، آمر القوات الجوية الموالية لحفتر، الذي دشن قبل نحو شهرين «عملية الكرامة» لمكافحة الإرهاب المستشري في المدينة، إنه «جرى إخلاء المدارس في جنوب المدينة»، ودعا المواطنين إلى «الابتعاد عن مناطق الاشتباكات حفاظا على حياتهم». ولفت إلى أن مقاتلات حفتر التي تتجنب حتى الآن قصف المناطق السكنية، ستشن هجمات في أي وقت على مواقع المتطرفين أو مخازن تسليحهم، مشيرا إلى أنه سيجري أيضا قصف ميناء درنة ومنطقة رأس الهلال بعد استطلاعهما جوا، حيث توجد منصات لإطلاق الصواريخ.

وأصيبت محطة بنينة للكهرباء بقذائف عشوائية، وأرجعت الشركة العامة للكهرباء حدوث إظلام تام لكامل المنطقة الشرقية وبعض مناطق المنطقة الغربية إلى هذه الاشتباكات التي أدت إلى فصل دوائر تصريف الطاقة الرئيسة لمحطة شمال بنغازي.

وقال محمد حجازي، المتحدث باسم حفتر، إن «اشتباكات جرت في سيدي فرج والهواري بشرق بنغازي»، مضيفا أن «قوات حفتر تهاجم بدبابات وراجمات صواريخ». وكشف النقاب عن أن حفتر حذر الإسلاميين من إدخال أسلحة عبر ميناء درنة التجاري شرقي بنغازي، فيما شوهد سكان يجمعون متعلقاتهم في سيارات ويبتعدون عن المنطقة فرارا من القتال. وينشط أنصار الشرعية وجماعات متشددة أخرى في درنة وسط فراغ في السلطة بليبيا. وتصنف الولايات المتحدة أنصار الشريعة كمنظمة إرهابية.

في غضون ذلك، أعلنت وزارة الخارجية الليبية رسميا أنها طلبت وبشكل عاجل من نظيرتها القطرية توضيحات حول ما جاء على موقع «تويتر» في الصفحة الخاصة لسفير دولة قطر لدى ليبيا حول الشأن الليبي. ونقلت وكالة الأنباء لرسمية الليبية عن مصدر مسؤول بالوزارة أن الخارجية القطرية أبلغت الخارجية الليبية الخميس الماضي بأن الصفحة المذكورة تعرضت لاختراق من قبل مجهول وتسجيل تغريدات فيها لا علاقة للسفير بها، وتم على أثر ذلك إلغاء الصفحة.

وتتعلق تلك التغريدات المنسوبة لسفير الدوحة، والتي أثارت موجة احتجاجات على مواقع التواصل الاجتماعي والمواقع الإخبارية الليبية، بتصريحات يندد فيها بحكم أصدرته المحكمة الدستورية العليا التي أعلنت الأسبوع الماضي أن انتخاب أحمد معيتيق رئيسا جديدا للحكومة في ليبيا هو أمر غير قانوني ومخالف للدستور.