مسؤول إيراني يؤكد استعداد طهران لفتح آفاق للتعاون مع القاهرة

مصدر دبلوماسي مصري: ليس هناك جديد من أجل تطوير العلاقات

مجتبى أماني
TT

قال السفير مجتبى أماني، رئيس بعثة رعاية المصالح الإيرانية بالقاهرة، خلال حفل توديعه مساء أول من أمس بمناسبة انتهاء فترة عمله، إن بلاده تشجع توطيد العلاقات مع مصر خلال الفترة المقبلة في ظل قيادة الرئيس المصري المنتخب حديثا عبد الفتاح السيسي، مؤكدا أن إيران على استعداد لفتح آفاق جديدة في علاقات البلدين في كل المجالات. وهو ما عقب عليه دبلوماسي مصري رفيع المستوى بالقول لـ«الشرق الأوسط» أمس إنه «لا يوجد أي جديد من أجل أن يجري استئناف العلاقات المصرية - الإيرانية المقطوعة منذ نحو 34 عاما».

ولا توجد علاقات رسمية بين مصر وإيران منذ عام 1980 في أعقاب الثورة الإيرانية وتوقيع مصر معاهدة سلام مع إسرائيل، وتعارض التوجهات السياسية لكل من البلدين في منطقة الشرق الأوسط. وسبق أن انتقدت إيران عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي، المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين في يوليو (تموز) العام الماضي والذي سعى جاهدا لإعادة العلاقات معها، مما أثار ردا عدائيا من القاهرة. لكن طهران عدلت من موقفها، وأرسلت حسين عبد اللهيان، مساعد وزير الخارجية الإيراني، إلى مصر مبعوثا من الرئيس حسن روحاني، للمشاركة في حفل تنصيب السيسي مطلع الشهر الحالي.

وأقام أماني حفلا بمقر إقامته في القاهرة مساء أول من أمس، في غياب ممثلين عن وزارة الخارجية المصرية أو السفراء العرب بالقاهرة، ما عدا سفير لبنان خالد زيادة، في حين شاركت عناصر تابعة لتحالف دعم الرئيس الأسبق محمد مرسي، من بينهم الدكتور مجدي قرقر أمين عام حزب الاستقلال (الإسلامي).

وكانت الخارجية المصرية استدعت السفير أماني قبل عدة أسابيع، لإبلاغه ببعض الملاحظات والتعليقات حول ضرورة اتفاق عمل البعثة الإيرانية في القاهرة مع قواعد العمل الدبلوماسي المعمول بها، دون ذكر هذه الملاحظات. وسبق أن رصد مسؤولون أمنيون في مصر اتصالات بين دبلوماسيين يعملون بالبعثة الإيرانية في القاهرة وعناصر من جماعة الإخوان المسلمين، التي جرى تصنيفها من جانب الحكومة والسلطات القضائية «منظمة إرهابية».

وأكد أماني، في كلمته خلال الحفل، أن إيران في إطار تنفيذ سياستها الخارجية الثابتة تشجع توطيد العلاقات الطيبة مع الدولة المصرية ومستعدة لفتح آفاق وصفحة جديدة في علاقات البلدين في كل المجالات، مشيرا إلى الزيارة الأخيرة التي قام بها عبد اللهيان إلى مصر، ومضمون الرسالة الودية التي حملها بمناسبة تولي الرئيس السيسي مقاليد الحكم، والتي عبرت عن رؤية إيران الواضحة، وذلك خلال لقاءاته مع المسؤولين المصريين.

وسبق أن صرح السيسي، الذي انتخب رئيسا قبل أسبوعين، أن علاقة القاهرة مع طهران مرهونة بموقف إيران من الخليج. وأضاف، خلال تصريحات له أثناء حملته الانتخابية، أن مصر ليست في حالة صراع مع الشعب الإيراني، وأن إيران إذا تجنبت تهديد الأمن القومي العربي والبعد عن محاولة بسط النفوذ على منطقة الخليج، فليست هناك مشكلة معها.

ووجه أماني الشكر للحضور الذين شاركوا في حفل انتهاء مهمته بالقاهرة بعد مرور أربع سنوات وأربعة أشهر على بدء عمله، قائلا: «إننا نعرف ونحترم بإعزاز مكانة مصر المحروسة العزيزة في التاريخ وفي صنع الحضارة والثقافة ودورها في الإنجازات البشرية». وأعرب عن الثقة والاطمئنان بأن «المصريين بعد ثورتهم المجيدة والتخلص من الأيام العصيبة، بإمكانهم مواجهة تحديات المرحلة والتغلب على الفترة الصعبة بالوحدة الشعبية وإرادتهم الحرة وإدارتهم الحكيمة».

وأكد رئيس بعثة رعاية المصالح الإيرانية بالقاهرة أن بلاده سوف تساعد بكل طاقتها المسار التقدمي في مصر، وسوف تضع كل خبراتها وإنجازاتها تحت تصرف الإخوة المصريين، مشددا على أن «العلاقات الأخوية الوطيدة بين الشعبين المصري والإيراني، ومشاركات أصيلة بيننا في كافة النواحي التاريخية والثقافية والدينية، ستجعل قوتهما غير قابلة للمنافسة وسوف تحقق أحلام الشعبين».

من ناحية أخرى، قال أماني إنه لا يستطيع أن يخفي أسفه لما يجري الاستماع إليه بين الحين والآخر من المواقف المذهبية الطائفية، التي من شأنها إثارة البغضاء بين الشيعة والسنة، وبين الإسلام والمسيحية. وأضاف: «إننا نتوقع من الأزهر الشريف - في ظل ما نشهده من وجود أفكار تدميرية متطرفة - تشجيع التسامح واتخاذ خطوات للتقارب بين المذاهب، آملين في الرسالة التاريخية للأزهر»، موضحا أن إيران وقيادتها تعد نفسها من أقدم من قام بمشروع للتقريب بين المذاهب والابتعاد عن الفتنة الطائفية كما يظهر في الفتاوى الصادرة عن الإمام الخميني وعلماء الشيعة حول تحريم الإساءة أو إهانة أي رموز لأهل السنة والجماعة، قائلا إن «إيران أرسلت نسخا من هذه الفتاوى لأصحاب الشأن، وأبلغناها في كل لقاءاتنا». وتابع أماني: «إن شباب مصر وقيادتها ونساءها يلهمون العالم ويفضحون من يتحدثون عن الديمقراطية والحرية والتعددية، بينما هم لا يرضون بالخير لشعوبنا ولا يؤمنون أصلا بالديمقراطية ويسعون لإنهاء قضيتنا الوجودية وهي فلسطين والقدس الشريف والمسجد الأقصى المبارك»، وأشار إلى أن «إيران تشهد انتخابات ديمقراطية كل عام، بما يعنى أنها شهدت 34 انتخابات منذ قيام الثورة الإيرانية». واختتم مجتبى كلمته قائلا إنه عاش مع المصريين «أربع سنوات في أيام العسر واليسر، مشاركا المصريين أفراحهم وأحزانهم»، لذلك جاء لمصر للعمل في سفارة بلاده ثلاث مرات، متمنيا لمصر وشعبها النجاح في هذه الفترة المصيرية.