بريطانيا تعيد فتح سفارتها في طهران

هيغ لمجلس العموم: العلاقات تطورت خلال الأشهر الأربعة الأخيرة.. والبعثة ستبدأ تقديم خدمات محدودة

منسقة السياسة الخارجية للإتحاد الأوربي كاثرين أشتون في اللقاء الذي جمعها مع وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف في فيينا أمس (أ ف ب)
TT

أعلن وزير الخارجية البريطاني ويليام هيغ أن سفارة بلاده في طهران ستستأنف أعمالها، مؤكدا أن السفارة في البداية ستقدم خدمات محدودة فقط.

وقال هيغ، في كلمة مقتضبة أمام مجلس العموم البريطاني، إنه بحث يوم السبت خلال مكالمة هاتفية مع وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، تحسين العلاقات بين البلدين و«الرغبة المشتركة في استمرار التحرك باتجاه استئناف العلاقات الثنائية». ووفقا لـ«بي بي سي»، قال هيغ إن العلاقات بين الحكومتين الإيرانية والبريطانية تطورت خلال الأشهر الأربعة المنصرمة، وزار عدد من مسؤولي البلدين عاصمتيهما، مضيفا أن هذه الزيارات «مكنتنا من القيام بعدة إجراءات من أجل تحسين أداء سفارتينا».

وأكد وزير خارجية بريطانيا أن «إيران دولة مهمة في منطقة مضطربة، ووجود سفارات لنا في كل العالم، حتى في الظروف الصعبة، يُعد ركنا أساسيا في رؤيتنا الدبلوماسية على المستوى الدولي». وقال هيغ إن السفارة البريطانية في طهران ستقدم في البداية خدمات محدودة للناس، ويجب حاليا على الإيرانيين الراغبين في الحصول على تأشيرة الزيارة لبريطانيا أن يذهبوا إلى المكاتب الخاصة بإصدار التأشيرات في إسطنبول أو أبوظبي.

وقد أعلنت الحكومة البريطانية سابقا عن شروطها لاستئناف أعمال سفارتها في طهران، منها دفع غرامة مقابل الخسائر التي أُلحقت ببعض الأبنية وأموال السفارة البريطانية في طهران، واعتذار الجمهورية إسلامية عن الاعتداء على حيزها الدبلوماسي.

وقد صرح مجيد تخت روانجي، مساعد وزارة الخارجية لشؤون الولايات المتحدة وأوروبا، قبل شهر تقريبا، بأن إيران مستعدة للتباحث بشأن دفع غرامة مقابل الخسائر التي أُلحقت بمبنى السفارة البريطانية في طهران خلال مظاهرات في عام 2011، غير أنه أكد أن طهران لن تعتذر إزاء الاعتداء على السفارة البريطانية في طهران. وتقتصر العلاقات السياسية بين البلدين حاليا على مستوى قائم بأعمال غير مقيم.

وقد أصدرت الحكومة البريطانية أوامرها بطرد الدبلوماسيين الإيرانيين من بريطانيا بعد إجلاء جميع موظفيها من إيران إثر اقتحام مجموعة من الطلاب التعبويين (من الباسيج التابع للحرس الثوري) السفارة البريطانية وسكن العاملين فيها في خريف 2011.

وبعد ذلك، أصبحت العلاقات الإيرانية البريطانية في أدنى مستوياتها قبل الانقطاع الكامل، لكنه في أعقاب فوز حسن روحاني في الانتخابات الرئاسية الإيرانية، اتفق البلدان على التحسن التدريجي للعلاقات بينهما. وقالت الأستاذة في جامعة طهران الدكتورة إلاهة كولائي، لـ«الشرق الأوسط»، إن «الإرادة السياسية في البلدين تؤكد على ضرورة ترميم العلاقات المتضررة، وتركز على المصالح المشتركة في العالم، خاصة إذا نظرنا إلى ما يحدث في جوار إيران، أي في أفغانستان والعراق، وكذلك بسبب الأهمية الجغراسياسية لإيران، وهذه الخطوة ستؤمن مصالح شعبي البلدين وفقا لرؤية قادتهما. فعلى أساس هذه الضرورة والمضي في هذا الاتجاه، حتى لو كان خطوة خطوة، ستتحسن العلاقات بين البلدين في إطار القانون الدولي والموازين القانونية».

وصرح الدكتور داريوش قنبري، المتحدث السابق باسم تكتل الإصلاحيين في البرلمان الإيراني وعضو المجلس المركزي لحزب الديمقراطي، لـ«الشرق الأوسط»: «يؤكد استئناف أعمال السفارة البريطانية في طهران على التحسن النسبي في العلاقات بين البلدين. فقد قُطعت العلاقات بين البلدين بسبب الأحداث التي وقعت في السفارة البريطانية في طهران والتي أدت أيضا إلى قطع العلاقات القنصلية وأثارت التوترات والمشاكل للبلدين. غير أن استئناف أعمال السفارة البريطانية هو نتيجة لسلوك حكومة روحاني خلال العام الماضي والأجواء الإيجابية التي خلقها، حيث يمكن القول إن إعادة افتتاح السفارة تؤكد على فصل جديد في العلاقات الإيرانية - البريطانية». واستبعد قنبري أن يقوم المتشددون بمداهمة السفارة البريطانية في طهران مرة أخرى. والإعلان عن إعادة فتح السفارة في وقت لاحق يكرس تطبيع العلاقات الثنائية، في وقت تعلن فيه إيران استعدادها للمساهمة في جهود مواجهة الأزمة الخطيرة في العراق. وعلى غرار واشنطن، أكدت لندن أنها أجرت مناقشات مع طهران حول هذا الموضوع.

من جهة أخرى اختتمت أمس الجلسة الافتتاحية للجولة الخامسة للمفاوضات النووية بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية ومجموعة «5+1» حول الحل النهائي الشامل للقضية النووية الإيرانية.

وتفيد مصادر قريبة من المفاوضات بأن مرحلة كتابة نص الاتفاق النهائي لم تبدأ بعد، ولكن حصل بعض التقدم في المفاوضات بهذا الاتجاه، رغم أن الخلافات ما زالت قائمة حول الكثير من القضايا الرئيسة، منوها بأن المفاوضات ستستمر على مستوى مديري وزارات الخارجية، بحسب وكالة أنباء «فارس».

وقالت المصادر إن اجتماعا آخر سيجري على مستوى الخبراء بين إيران ومجموعة «5+1»، وسيترأس حميد بعيدي نجاد مدير الدائرة السياسية في وزارة الخارجية الإيرانية الوفد الإيراني، وعن مجموعة «5+1» ستيفين كليمنت مساعد كاثرين أشتون. وأكدت المصادر أن هذا الاجتماع يبدو أن الهدف منه هو الخوض في تفاصيل كتابة نص الاتفاق النهائي.

كانت الجلسة الافتتاحية لهذه الجولة من المفاوضات النووية قد انطلقت في الساعة الـ12 ظهرا بتوقيت فيينا (العاشرة صباحا بتوقيت غرينتش) برئاسة وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف ومنسقة السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون في مقر منظمة الأمم المتحدة في فيينا. وتجري هذه المفاوضات برئاسة ظريف وأشتون وبحضور ممثلي مجموعة «5+1» (التي تضم روسيا والولايات المتحدة والصين وبريطانيا وفرنسا وألمانيا)، بحسب وكالة أنباء «فارس». وقد أعلن سابقا بأنه سيجري في هذه الجولة من المفاوضات النووية البدء بصياغة نص مسودة الاتفاق النهائي بين إيران ومجموعة «5+1».

وكان ظريف وأشتون قد عقدا غداء عمل أمس الاثنين لتبادل وجهات النظر بين إيران ومجموعة «5+1» بشأن المحاور والقضايا المطروحة في الاتفاق النهائي. وأعقب غداء العمل اجتماع ثلاثي بين ظريف وأشتون، ومساعد وزير الخارجية الأميركي ويليام بيرنز.

يذكر أن يوم 20 يوليو (تموز) المقبل هو التاريخ المستهدف للتوصل إلى اتفاق شامل بين طهران ومجموعة «5+1» لإنهاء الخلاف بشأن الأنشطة النووية الإيرانية.